العاصفة تتراجع والاضرار تتقدم والحكومــة "فعـل ماض ناقـص"
القمة الاقتصادية الى الارجاء؟...تمثيل هزيل ولا تشكيل وسوريا غائبة
اردوغان الى روسيا للقاء بوتين قريبا وبومبيو فـــي العراق فجأة
المركزية- انحسرت تدريجيا العاصفة المناخية التي تضرب لبنان منذ اربعة ايام بتداعياتها واضرارها الثقيلة، مفسحة المجال امام عواصف سياسية بدأت تطل برأسها على البلاد المنهكة بثقل الازمات على تنوعها. فالى سجل تبادل الاتهامات حول مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة ورمي الكرة من ملعب الى آخر منذ ثمانية اشهر، تلوح رياح سجالات من نوع آخر يتصل اولها بالقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي بدأ يسري في شأنها همس في كواليس السياسة لجهة وجوب ارجائها نتيجة عدم وجود حكومة بما يجعلها هزيلة ولغياب سوريا عنها كما يرى رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما يتوقع ان يتمحور ثانيها حول تمرير الموازنة العامة في ظل حكومة تصريف الاعمال استنادا الى فتوى وسابقة جرت عام 1969، اطلق غيثها مجلس المطارنة الموارنة في بيانه الشهري.
ارجاء القمة؟ وبينما احتل كلام الرئيس بري في ما خص ارجاء القمة صدارة الاهتمامات، حيث نقل عنه عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي قوله ان "نتيجة عدم وجود حكومة وكي لا تكون القمة الاقتصادية التي ستعقد في بيروت هزيلة، فإنه ارتأى ان يتم تأجيل القمة الى حين تشكيل الحكومة في الفترة المقبلة"، فيما نقل النائب عبد الرحيم مراد عن بري ايضا، ان "لا يجوز أن تنعقد القمة الاقتصادية من دون مشاركة سوريا"، استغربت اوساط سياسية مطّلعة دعوة بري هذه التي تناقض مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اكد سابقا ان القمة يمكن ان تنعقد من دون حكومة اصيلة، مشيرة الى ان الاستعدادات لعقدها ماضية على قدم وساق، وقد وزعت اللجنة الإعلامية للقمة اليوم بيانا يتصل بمهلة تسجيل الاعلاميين الراغبين في تغطية وقائعها ما بين 16 و20 الجاري. الا ان مصادر سياسية اخرى لاحظت عبر "المركزية" مؤشرات تدعّم موقف بري اليوم من بينها عدم الحماسة العربية ولا سيما الخليجية للمشاركة في القمة حتى ان بعض الدول الكبرى لا سيما السعودية والامارات لم يحدد مستوى تمثيله، وهو ولئن حدده فإنه لن يكون حتما وفق التطلعات، كما انه يرفض حتى الساعة فك الحظر المفروض على مقعد سوريا في الجامعة العربية الى حين تبيان مدى استعدادها لتنفيذ التزامات وعدت بها وتتصل كما تكشف المصادر بالعودة الى الحضن العربي وفك الارتباط بايران واخراج تنظيماتها المسلحة من الارض السورية. وفي هذا المجال لفتت الى اهمية موقف ادلى به اليوم نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد حيث عبّر عن ثقته في أن القوات الأجنبية ستغادر البلاد، معلنا ان دمشق فعّلت اتصالاتها مع الأكراد في ضوء التدخل التركي.
لا اتصالات: وفيما غاب اليوم ايضا النشاط والاتصالات على خط التأليف، حضرت الحكومة العتيدة، في المواقف السياسية التي أطلقت اكان من بعبدا أو بكركي، مرورا بعين التينة.
معيار عدالة التمثيل: فقد شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أن لبنان يعاني اليوم من حالة تعثّر داخلي، ومن الانعكاسات السلبية لملف النازحين، وانه من موقعه كرئيس للجمهورية، يعمل جاهداً للمحافظة على الخيارات الوطنية الكبرى التي صانت الوطن منذ عقود، كما "نعمل ومن منطلق إن جوهر الديمقراطية اللبنانية قائم على التوافق قبل أي شيء آخر، على تحقيق توافق واسع وتام من أجل البت في تشكيل الحكومة العتيدة، بالشراكة مع رئيسها المكلف". واعتبر، في كلمة امام اعضاء السلك الديبلوماسي ومديري المنظمات الدولية الذين جاءوا لتهنئة رئيس الجمهورية بالاعياد "انه فيما اظهرت تجارب الماضي أن عملية التشكيل كانت تتطلب وقتاً ومشاورات واسعة لأنها لم تقم على أسس ومعايير واضحة، فانها اليوم، وبعد اعتماد القانون النسبي ما كان يجب أن تطول لو اعتُمد منذ البدء معيار عدالة التمثيل الذي يجب أن يكون الحكم في أي خلاف. وحذر من ان الظروف لم تعد تسمح بالمماطلة أو التشبث بمصالح الأطراف على حساب الوطن والشعب، داعيا جميع الافرقاء لتحمل المسؤوليات والارتقاء الى مستوى التحديات الجسام.
مخطط للتهجير؟: الى ذلك، جدد التأكيد ان لبنان من الدول التي حملت ولما تزل، أثقل الأعباء من تداعيات حروب الجوار وتدفق النازحين السوريين، واشار الى ان في امكانهم العودة الى وطنهم والعيش فيه بكرامة، والمساهمة في ورشة إعادة اعماره، خصوصاً بعدما انحسرت الحرب وعادت الحياة الى طبيعتها في معظم مدنه". واذ اعتبر ان موقف المجتمع الدولي لا يبدو واضحاً حيال مسألة العودة، "لا بل ما يرشح من مواقف للمؤسسات الدولية لا يبدو مطمئناً"، فانه اعرب عن الخشية من أن يكون الإصرار على إبقاء النازحين في لبنان "مخططاً لتهجير من أمكن من اللبنانيين تسهيلاً للحلول الغامضة والمشبوهة التي تلوح في الأفق.
دعم دبلوماسي: بدوره، اكد السفير البابوي وعميد السلك الديبلوماسي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتيري في كلمته، دعم لبنان ديبلوماسيا واقتصاديا من قبل كافة اصدقائه في مواجهة التحديات سواء الداخليّة منها او الخارجيّة، ومن أجل إيجاد الحلول الناجعة والعادلة للمشاكل الشائكة، كمثل قضيّة اللاجئين السوريّين.
لحكومة اختصاصيين مصغرة: أما في بكركي، فقد دعا المطارنة الموارنة الى "تخطي العراقيل السياسية وغير السياسية التي تحول حتى الان دون تشكيل الحكومة والتوافق سريعاً على صيغة لها تكون قادرة على مواجهة التحديات"، واكدوا بعد اجتماعهم برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي "على دعوة صاحب الغبطة الى تشكيل حكومة مصغّرة من اختصاصيين مستقلين قادرين على تولي المهمة الانقاذية المطلوبة قبل انهيار الهيكل على الجميع" وأعربوا عن قلقهم "من ممارسات آخذة بتحوير الخصوصية اللبنانية التي يكرسها الدستور والميثاق الوطني وهي قائمة على العيش المشترك وتقاليده والاحترام المتبادل". و لاحظ الآباء بـ"استغراب شديد، وخلافًا لمنطوق الدستور والقانون، الكلام المتداول عن سوابق وفتاوى تتناول الآن تمرير الموازنة العامة، بدلاً من استبدال العلاجات الموضعيّة بالعلاج الأساسي، ألا وهو اكتمال عقد السلطات الدستورية، وتحمّل مسؤولياتها".
فعل ماض ناقص: وفي مقر الرئاسة الثانية، نقل النواب عن الرئيس بري قوله في لقاء الاربعاء النيابي ان موضوع تشكيل الحكومة كان في خبر كان واصبح اليوم فعلا ماضيا ناقصا، والإقتراحات التي جرى التداول بها اخيرا لم يكن لها نصيب من النجاح. وتناول موضوع ضرورة عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار الموازنة وإحالتها الى مجلس النواب، وقال انه لم يصل اليه بعد اي جواب ولم يسمع بدعوة مجلس الوزراء الى الإنعقاد لمناقشة وإقرار الموازنة، والذي لا يتناقض مطلقاً مع ضرورة الإسراع بتأليف الحكومة والرجوع عن التعنّت الذي يؤخرها.
بوتين-اردوغان: اقليميا، أعلن الكرملين أنه يتوقع أن يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان روسيا قريبا لعقد محادثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لكن لم يتم تحديد موعد حتى الآن. وكانت روسيا وتركيا توصلتا إلى اتفاق لإنشاء منطقة منزوعة السلاح كان سببا في تفادي هجوم للجيش السوري على منطقة إدلب.
بومبيو في العراق: على صعيد آخر، التقى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي وصل إلى بغداد في زيارة غير معلنة مسبقا، رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ومسؤولين عراقيين آخرين، وفق ما جاء في بيان رسمي. واستقبل الحلبوسي، بومبيو، في حضور لجنة العلاقات الخارجية النيابية. وتأتي هذه الزيارة بعد أقل من أسبوعين على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى العراق والتي تفقد خلالها القوات الأميركية من غير أن يلتقي أي مسؤولين، ما أثار انتقادات في العراق.