عوامل متداخلة تؤسس للفتنة... تحذير من توظيف نشوة الانتصار
نجوى ابي حيدر
المركزية- تمضي الحرب الاسرائيلية على حزب الله بوتيرة متصاعدة تتهدد لبنان كله مع عدم ارتداع بنيامين نتنياهو وجيشه عن استهداف اي منطقة على مساحة البلاد، تزامنا مع رسائل تحذير ترد الى هواتف البعض في مناطق ذات غالبية مسيحية تدعو الى عدم استضافة نازحين وتزعم وجود عناصر من حزب الله بينهم، ما يثير حالا من الهلع والفوضى تسببت باستنفار واسع في صفوف بعض الشبان الحزبيين والمدنيين لمنع دخول نازحين الى مناطقهم، خصوصا الرجال منهم.
مشروع هو الخوف والقلق ،ما دامت هويات النازحين غير معروفة كلها ولا سيما من لهم صلة بالحزب، ولا تعرفهم الا اسرائيل، فتستهدفهم حيثما تواجدوا على غرار غارة ايطو امس الاول. وبين بلبلة النزوح ورسائل التحذير والقلق الاهلي ، يتنامى الخوف من تحقيق اسرائيل مأربها بخلق فتنة بين اللبنانيين، خصوصا ان مواجهات حصلت بين بعضهم بقيت في الاطار السلمي حتى الساعة، نتيجة ايعاز بوجوب ضبط النفس وعدم الانزلاق الى اي فتنة.
والى العوامل اياها، يضاف النزوح السوري ودوره في سياق، اولا الكره الذي يكنّه معظم هؤلاء للطائفة الشيعية نتيجة ما حصل من ارتكابات بحقهم في سوريا حينما دخلها حزب الله لمساندة نظام الرئيس بشار الاسد وهم احتفلوا ووزعوا الحلوى حينما اعلن اغتيال امين عام الحزب حسن نصرالله، وثانيا ضبط اكثر من نازح سوري يصور مباني في اماكن محددة وتسليمه للقوى الامنية، علما ان اي بيان رسمي لم يصدر عن الاجهزة الامنية في شأن هؤلاء حتى اللحظة .
مما لا شك فيه ان خلف البلبلة هذه، تقف اسرائيل في اطار حرب نفسية تشنها على اللبنانيين لزرع الفرقة والشقاق في صفوفهم وتأليبهم على بعضهم ، الا ان ثمة عوامل معطوفة تؤجج الوضع يقف خلفها المسؤولون اللبنانيون الذين لم يتوحدوا على كلمة سواء الى اليوم، على رغم كل ما اصاب ويصيب لبنان من ويلات وما زالوا مختلفين على انتخاب رئيس جمهورية ليمسك زمام الامور في البلاد وتكون له الكلمة الفصل مع حكومة اصيلة .
وسط هذا المشهد ، تعرب مصادر سياسية مطلعة لـ"المركزية" عن خشية من ان يقدم طرف سياسي ما على خطوة غير مدروسة، مثابة دعسة ناقصة في هذه المرحلة قد تؤدي الى كارثة وطنية. وتستند في خشيتها الى ان ثمة من يسعى لانتخاب رئيس فور وقف النار، لتنفيذ مشروع سياسي "معّد مسبقا" ربما بايحاء خارجي يؤدي الى تفجير الوضع الداخلي، لانه غير مدروس ببعده الوطني ،لابل ينطلق من خلفيات سياسية ترتكز على نشوة الانتصار دون الاخذ بعين الاعتبار الوحدة الوطنية وصيغة العيش المشترك وهي ركائزوحدة لبنان وخصوصيته.
لا بد في هذه الظروف، وفق المصادر، من التصرف بكثير من الحكمة والوعي لتجاوز المرحلة ،والتمسك بالوحدة والعيش المشترك، كما بالطائف كاملا لانه خشبة الخلاص الوحيدة للبنان، والتنبه الى المشاريع المشبوهة . وتوضح ان لا بد من الاخذ بالاعتبار موضوع النازحين اللبنانيين في وطنهم والعمل على اعادتهم الى ديارهم بعد وقف الحرب وتأمين عيش لائق لهم، وبالتزامن ارساء حل سريع لملف النازحين السوريين واعادتهم الى بلادهم . وتُنبه الى ان محاولة اي طرف التعاطي مع المرحلة من منطلق نشوة الانتصار يشكل خطرا كبيرا على الكيان وعلى تركيبة لبنان وقد يؤدي الى تطييره وانهياره. لذا "يجب الافادة مما يجري وتوظيفه لمصلحة الوطن وتعزيز مؤسساته وتطبيق القرارات الدولية خصوصا لجهة حصرية السلاح بيد الشرعية ومنع اي سلاح غيرشرعي سواء بيد اللبنانيين اوغيراللبنانيين الموجودين في لبنان، لاسيما الفلسطينيين في المخيمات، لئلا يستخدم لاحقا في مشاريع اقليمية جديدة، تبقي ساحة لبنان مفتوحة على ازمات المنطقة، والا وخلاف ذلك لن يعيش اللبنانيون بأمان ولن يهنأوا في وطنهم.