هدنة هشّة موقتة ولا ضمانات بوقف النار وتسليم السلاح...الحرب مستمرة وأشمل!
جوانا فرحات
المركزية- منذ مغادرته لبنان متوجهاً إلى إسرائيل بدأت التحليلات والترجيحات لما يمكن أن يعود به الموفد الأميركي آموس هوكشتاين من رد على ورقة المقترح الاميركي لوقف النار التي ناقش بنودها ونقّح بعض العبارات الواردة فيها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أن يخرج من عين التينة "متفائلا" بحسب ما صرّح بري للإعلام.
الجواب المبدئي وصل عبر سلسلة الغارات التي يشنها الجيش الإسرائيلي على مناطق صور والضاحية الجنوبية منذ فجر اليوم وقد طالت التهديدات طريق المطار قرب مستشفى الرسول الأعظم في ساعات بعد الظهر. هذا التصعيد الذي تلا فترة وقف الغارات وصمت المسيّرات خلال تواجد هوكشتاين في بيروت لمدة 48 ساعة الماضية، تؤشر إلى ثلاثة إحتمالات بحسب مصادر "المركزية". إما أن يكون هذا التصعيد لفرض شروط جديدة على مسودة ورقة المقترح الأميركي ، وإما عملية تصفية حسابات من خلال مضاعفة منسوب الغارات وبالتالي إحداث دمار أوسع وأشمل في المناطق التي يستهدفها من بيروت وصولا إلى الجنوب، وإما الإعلان بالرفض لهذه الورقة لكن تحت جحيم القصف والدمار.
ومع تزايد الضربات منذ ساعات الصباح الأولى تخلص المصادر إلى الترجيح بأن الأمور لا تبشر بالخير وترى ان الحرب سوف تستعر اكثر وتمتد شهورا وتشمل مناطق كانت بمنأى عن الاستهداف، كما ستطال قواعد حزب الله في سوريا بشكل مكثف.
في انتظار الرد الإسرائيلي على ورقة المقترح الاميركي لوقف النار وملاحظات حزب الله عليها يبرز السؤال الذي يجول في بال اللبنانيين: ماذا لو فشلت المفاوضات؟ وماذا ينتظر اللبنانيين في الأشهر التي تفصل موعد دخول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب البيت الأبيض؟
" جل ما يحصل اليوم في شأن المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل هو لعب في الوقت الضائع سواء من جهة إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن أو إسرائيل أو السلطة اللبنانية التي تفاوض أي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي و نبيه بري" .
بهذا العنوان يختصر الكاتب في الشؤون الجيوسياسية الدكتور جورج أبو صعب مشهدية المفاوضات التي يتولاها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بين إسرائيل ولبنان ويُعقّب:" هناك محاولة للتوصل إلى نوع من هدنة هشّة وليس أكثر. فالنقاط الواردة في المقترح الأميركي لا تتضمن تنفيذ وقف إطلاق النار في أي من بنودها. وما يحصل في الواقع هو تكرار لما حصل في حرب تموز 2006 حيث صدر القرار الأممي 1701 وكان يحمل في بنوده ضمانات لمنع تكرار الحرب. ومع ذلك اندلعت الحرب في أيلول 2024 . وبالتالي فإن ما يتم العمل عليه اليوم هو التوصل إلى هدنة وليس مشروع حل دائم بين لبنان وإسرائيل زد على ذلك محاولة إيجاد خرق من خلال وقف إطلاق النار".
كل المؤشرات تدل على نية حزب الله الإنسحاب إلى شمالي الليطاني وهذا ما سيحصل في حال الإلتزام بتطبيق الهدنة " إلا أن هذا الإنسحاب لا يضمن إلا إراحة إسرائيل. أما بالنسبة إلى الداخل اللبناني فالمشكلة ستتفاقم بوجود سلاح حزب الله، وهنا تُطرح جملة تساؤلات: هل سيرتد الحزب بسلاحه إلى الداخل؟ وهل سيتعامل بمنطق المكابرة والنصر المزعوم مع المعارضين لمنطق الدويلة وسلاح حزب الله؟ والمشكلة الأهم ماذا لو امتنع الحزب عن تسليم سلاحه للدولة؟".
بحسب بنود المقترح الأميركي حددت مهلة الهدنة ب 60 يوماً لانسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها وتراجع حزب الله إلى شمالي الليطاني. لكن ماذا بعد تطبيق شروط الهدنة؟
"الحرب مستمرة، أقله إلى ما بعد دخول الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض وتبلور سياسته أي بين شهري شباط وآذار 2015 وإلى حينه كل الإحتمالات واردة لا سيما في الداخل اللبناني بعدما ارتاحت إسرائيل على جبهتها الشمالية وعاد سكان المستوطنات الشمالية إلى بيوتهم".ومن خلال الوقائع التي يستند عليها أبو صعب في تحليله يلفت إلى ضرورة إيجاد ضمانات تكفل عدم اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله كما حصل بعد القرار الأممي 1701 الذي صدر بعد وقف الحرب في تموز 2006 والأهم الإلتزام بهذه الضمانات " لكن ما هو وارد في بنود التسوية اليوم أبعد ما يكون عن حل إنما هدنة موقتة نرجو أن تكون بمثابة حلّ".
الأنظار مشدودة نحو إسرائيل وما سيكون رد نتانياهو على الرد اللبناني على ورقة الإقتراح الأميركي وتحديدا التفاصيل التي أضيفت في الساعات الأخيرة بعد تنقيح الورقة في اللقاء المسائي الذي جمع هوكشتاين ومستشار بري علي حمدان في السفارة الأميركية في عوكر. فهل يدخل لبنان مرحلة الهدنة المرتقبة وترتاح إسرائيل من خطر وقوع أي اعتداء من قبل حزب الله على جبهتها الشمالية علما أنه قادر على توجيه الصواريخ الباليستية التي يمتلكها من أية بقعة جغرافية من لبنان في ما لو التزم بالتراجع إلى شمالي الليطاني".
"الأكيد أن نتانياهو لم يخض هذه الحرب من أجل التوصل إلى هدنة أو وقف إطلاق النار. فالأهداف على أجندته كثيرة ولن يتوقف قبل تنفيذها وليس أقلها إنهاء أذرع إيران التي تهدد إسرائيل وذلك استكمالا لقرار مشروع دولي يقضي بضرورة إنهاء التأثير الإيراني في المنطقة .وبالتالي فإن نتانياهو يعمل اليوم على تنفيذ هذا المشروع بتصفية الآلة العسكرية لأذرع إيران في المنطقة والعملية مرجحة لحرب أوسع وأشمل" يختم أبو صعب.