اسرائيل وحماس يتبادلان كرة تعطيل المفاوضات...تغيير اللاعبين ضرورة
نجوى ابي حيدر
المركزية- هي لعبة تبادل ادوار بين حكومة بنيامين نتنياهو وحركة حماس في مفاوضات غزة لوقف اطلاق النار. فحين قبلت حماس بمقترح الرئيس الاميركي جو بايدن الذي طرحه في شهر ايار الماضي وهلل الوسطاء معتقدين انه شق طريقه نحو التسوية، لم تتلقفه حكومة نتنياهو بايجابية وراحت تضع العصي في دواليبه وتفرض الشروط، الى ان حضر الى تل ابيب وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن مجددا في زيارة هي العاشرة للمنطقة منذ عملية طوفان الاقصى قبل عشرة اشهر ونيّف، واجتمع الى بنيامين نتنياهو الذي قبِل على الاثر بالمقترح ودعمه، فيما طالب بلينكن حماس باعلان الموافقة عليه.
بيد ان الحركة، وعلى اثر موقف للرئيس الأميركي جو بايدن، اطلقه اليوم في مطار شيكاغو، بعد إلقائه كلمة خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي، اعتبر فيه إن حركة حماس تتراجع عن خطة الهدنة المطروحة مع إسرائيل، الرامية للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة، ووقف القتال المستمر منذ أكثر من 10 أشهر في القطاع ، اعلنت عدم موافقتها واعتبرت ان المقترح بتعديلاته يراعي شروط اسرائيل ويلبي مطالب نتنياهو لفرض بقاء جيشه في غزة في ضوء رفض انسحابه من محاور فيلادلفيا ورفح ونتساريم ،واعتبرت ان المفاوضات وصلت الى طريق مسدود.
الوزير الاميركي توجه من اسرائيل الى مصر التي تبدي اعتراضا شديدا على عدم انسحاب الجيش الاسرائيلي من معبر فيلادلفيا. مخاوف تأخذها الولايات المتحدة بعين الاعتبار بحسب المتحدث الإقليمي بإسم الخارجية الأميركية، خصوصا ان وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت يؤيد فكرة الانسحاب ويتهم نتنياهو بعرقلة صفقة تبادل الاسرى. وقبيل استئناف المفاوضات في القاهرة هذا الاسبوع في اطار ما وصفه بلينكن بـ"الفرصة الافضل وربما الاخيرة" ، اشار إلى أن "خلال الأيام المقبلة سيعمل الخبراء على تقديم فهم واضح لتنفيذ الاتفاق".
حماس اذا تريد التوصل إلى اتفاق يضمن إنهاء الحرب في غزة، فيما يريد نتنياهو أن يتيح له الاتفاق استئناف القتال في القطاع إلى أن تفقد حماس القدرة على تشكيل أي تهديد. فهل ان ما يجري من مفاوضات يهدف بالفعل الى الاتفاق على وقف النار تمهيدا للتسوية، ام انه حقيقة لعبة تبادل ادوار وهدر للوقت والدماء في انتظار نتائج الانتخابات الاميركية التي يراهن عليها نتنياهو في شكل خاص باعتبار ان الادارة الحالية هي بطة عرجاء لا يمكن ان تقدم اليه شيئاً؟
تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" ان الاتفاق لا يحصل بكبسة زر والمفاوضات تحتاج جهدا ووقتا حتى متى بلغت نقطة الالتقاء، تتم جدولة المراحل زمنياً بدءا بوقف النار. واشارت الى ان الامور قد لا تبلغ خواتيمها في ضوء تمترس كل طرف خلف شروطه، وتبادل الاتهامات، مؤكدة ان التسوية النهائية لا يمكن ان تنطلق الا من حل الدولتين الذي يرفضه نتنياهو حتى الساعة. فإذا ما استمر على تعنته وقراره بالقضاء على حماس، سيبقى حمام الدم قائماً على رغم ان طرفي النزاع باتا منهكين. آنذاك، قد تصبح اطاحة حكومته امرا حتميا مقدمة لاحلال السلام في المنطقة، ذلك ان اسلوب المراوغة والابتزاز الذي يعتمده والمجازر التي ارتكبت في عهده لا تقود الى حيث يسعى الوسطاء. وتبعاً لذلك، يبدو التغيير ضروريا على الجبهتين، اسرائيل باطاحة نتنياهو وتشكيل حكومة من المعارضين ممن تمون عليهم واشنطن وفي مقدمهم وزير الدفاع الحالي، والفلسطينيون بتوحيد الصف وانشاء سلطة جديدة قد تشكل زيارة محمود عباس الى غزة مقدمة لها، خصوصا انه اول دخول له الى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ زمن بعيد.
الخطوة قد تبدو ضرورية في ما لو ارادت واشنطن عن حق عدم اشعال الاقليم وادخاله في حرب شاملة، فإيران المُصابة في الصميم باغتيال اسماعيل هنية في عقر دارها، وحزب الله الذي يُغتال قادته وكوادره كل يوم وابرزهم فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت لن يسكتوا طويلا ولا يمكن الا ان يقدموا على ما قد يحفظ على الاقل ماء الوجه امام جمهور محور الممانعة، وحينها ليس ما يضمن تفلت الاوضاع وانفتاحها على حرب لا يريدها جميع الاطراف كما يؤكد الاميركيون، لكنها قد تفرض عليهم.