مخاطر الحرب تتراكم.. وترقّب لرد "حزب الله"
شهدت الساعات التي تلت العدوان على الضاحية، ووفق معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، كثافة في حركة الاتصالات من اكثر من جهة دولية. وضمن هذا السياق تندرج زيارة السفيرة الاميركية ليز جونسون لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، التي تواكبت مع حركة أممية في اتجاه عين التينة ووزارة الخارجية عبر وكيل الامين العام للامم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا والقائد العام لقوات اليونيفيل الحنرال ارولدو لازارو.
وبحسب المعلومات فإنّ العنوان الظاهري لحركة الاتصالات هو التعبير عن مخاوف جدية من توسّع المواجهات، وإبداء النُصح بضبط النفس وتجنّب الحرب. وأمّا جوهرها فمحاولة واضحة من أصحاب مقولة انّ من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها، لتمرير العدوان باعتباره عملا محدودا حصل وانتهى الأمر، والتركيز على ضبط إيقاع «حزب الله» وثَنيه عما سمّوه ردّاً يؤزّم الأمور أكثر، ويعزز احتمالات اشعال الحرب». وتؤكد مصادر المعلومات الموثوقة انّ هذه المحاولات لم تلق تجاوبا معها كونها تماشي القاتل، وتدين القتيل.
الرد حتمي
وفيما اعلنت ايران على لسان مرشدها السيد على خامنئي بأن «اسرائيل باغتيالها اسماعيل هنية وَفّرت لنفسها عقوبة قاسية، والانتقام لدم هنية من واجباتها لأن الإغتيال وقع على اراضينا»، بالتزامن مع اعلان الحوثيين عن «ان التنسيق جار في مسار الرد الذي سيكون شافيا وكبيرا وبحجم الحدث وبحجم الاستهداف»، فإن كل الاجواء المحيطة بـ»حزب الله» تؤكد حتمية رده على العدوان. ولكن لا تحديد لزمان ومكان وحجم الرد، وخصوصا أنّ الحزب ما زال ملتزما الصمت. ومعلوم عنه تكتّمه الشديد حيال أيّ خطوة ينوي القيام بها. فضلاً عن انّ الحزب منشغل حالياً بجلاء مصير القيادي في الحزب فؤاد شكر، وسط مؤشرات تشاؤمية ترجّح فرضية استشهاده. (يشار في هذا السياق الى أنّ بعض القنوات الفضائية ذكرت ان فرق الانقاذ تمكنت بعد ظهر امس من انتشال جثمان الشهيد شكر من تحت الركام).
واستوضحت «الجمهورية» مسؤولا حزبيّا ما يمكن أن يُقال حول طبيعة الرد على العدوان الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية، فرفض التعليق، مكتفياً بالقول: «حزب الله» ملتزم بحماية اهله والدفاع عنهم، والرد على هذا العدوان سيخبّر عن نفسه عند حصوله».
الى ذلك، قال مسؤول كبير رداً على سؤال لـ»الجمهورية»: انه قلق من تطور الامور الى حرب شاملة.
ولفت المسؤول عينه الى ان اسرائيل تحاول، وبعدما فشلت في غزة ووصلت الى طريق مسدود لجهة عدم تمكنها من تحقيق اهدافها، توسيع رقعة الحرب، وتوريط العالم بحرب تشعل كل المنطقة. مشيرا الى ان الجهد الاسرائيلي في هذا الاتجاه واضح، بدءًا بالتلطي خلف افتعالها لمجزرة مجدل شمس، ثم باستهداف الضاحية الجنوبية، واخيرا وربما ليس آخرا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية. كل ذلك يؤكد الى اين تقود اسرائيل المنطقة.
واكد المسؤول عينه ان أحداً لا يستطيع ان يقدّر مآل الأمور إن توسعت شرارة الحرب، ولكن إن كانت اسرائيل تعتقد أنها قد تنجو من اشتعال المنطقة فهي واهمة بالتأكيد، حيث ستطالها النار من كل الجهات.
ولكن ماذا عن الاميركيين، وهل يغطّون مغامرة اسرائيلية تشعل المنطقة؟ أجاب: الاميركيون قالوا انهم لا يريدون أن يتوسع نطاق الحرب، ويدعون الى الحل السياسي. لكنهم يناقضون انفسهم حينما يقولون انهم سيدعمون اسرائيل في حال اندلعت الحرب. اعتقد ان الاميركيين كانوا صادقين حينما قالوا ان توسيع الحرب سيضرّ بمصالح الجميع، لأنهم يخشون بالفعل على تضرر مصالحهم الواسعة في المنطقة، وهذه الخشية اعتقد انها ستتفاقم اكثر مع طبول الحرب الاقليمية التي تُقرع، والتي ما من شك ان المنطقة ستشهد تغيرات وتحولات ربما تكون جذرية إذا ما انزلقت الامور الى هذه الحرب.
باريس: قلق بالغ
وفي سياق متصل، أبلغت مصادر ديبلوماسية فرنسية الى الجمهورية قولها: «انّ الديبلوماسية الفرنسية ناشطة في كل الاتجاهات لاحتواء التصعيد».
وجددت المصادر التأكيد على الحاجة الملحّة لحل ديبلوماسي يُنهي المواجهات القائمة في المنطقة الجنوبية. وقالت: نحن نتواصل مع كل الاطراف. ونؤكد على ضبط النفس درءاً للسقوط في منزلقات ومخاطر كبرى على كل الاطراف، الا ان المصادر قالت انّ المجريات التصعيدية الاخيرة تزيد المخاوف من تَسارع الخطى الى حرب مؤلمة ووقائع وخيمة.
وكان السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو قد اعتبر في تصريح أمس «أن الوضع دقيق وخطير، وعملنا كثيرًا كي نتجنّب التصعيد وانزلاق الأمور أكثر». وقال: «دعونا الاطراف المعنيّين الى ذلك، ولكننا اليوم للأسف في وضع كنا نخشى منه دائمًا ولا نعرف ماذا سيحصل في المرحلة المقبلة. واليوم كل شيء محتمل ولكن لا خيار لدينا سوى الاستمرار في مساعينا للتهدئة».
هل يعود هوكشتاين؟
وفي السياق ذاته، قالت مصادر ديبلوماسيّة لبنانية لـ»الجمهورية» انّ واشنطن أرسلت إشارات متتالية تشدد فيها على خفض التصعيد، وتؤكد عزمها على بذل جهود حثيثة في هذا الاتجاه. ووفقاً لهذه الاشارات، كشفت المصادر أنّ احتمال ايفاد واشنطن موفداً الى المنطقة (آموس هوكشتاين)، امر وارد جدا في وقت قريب.
المصدر: الجمهورية