لماذا لا يدعو برّي إلى الحوار في غياب "القوّات"؟
كتب كارل قربان في ليبانون 24:
أصبح من الواضح أنّ "التيّار الوطنيّ الحرّ" يعمل على عقد حوار وطنيّ من دون مُشاركة "القوّات اللبنانيّة"، إذ أشار عضو تكتّل "لبنان القويّ" النائب أسعد درغام قبل أيّام قليلة، إلى أنّ فريقه يبحث مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي وبقيّة الأفرقاء في عقد طاولة تشاور بحضور 86 نائباً، للتوصّل إلى توافق وإنهاء الشغور الرئاسيّ.
ويبدو أنّ مسعى "التيّار" لم يلقَ دعماً من أغلبيّة الكتل النيابيّة وخصوصاً من قبل برّي، لأنّ الأخير لا يزال يُشدّد على مُشاركة كافة القوى كيّ يكون الرئيس المُقبل بالفعل جامعاً، وكيّ لا يصطدم بمعُارضة قد تُفشل مشاريعه وولايته. غير أنّ هناك مُشكلة ثانيّة تحول دون قيام رئيس المجلس بالدعوة إلى حوار، وهي أنّ الأصوات الداعمة لرئيس تيّار "المردة" لم ترتفع، والكتل الوسطيّة لا تزال تتمسّك بالخيار الثالث بينما النائب جبران باسيل لم ينجح مع "حزب الله" في الوصول إلى نهاية سعيدة بملفيّ الصندوق الإئتمانيّ واللامركزيّة الإداريّة والماليّة، كيّ يُجيّر أصوات تكتّله إلى مرشّح "الثنائيّ الشيعيّ".
وترى مصادر سياسيّة في هذا الصدد أنّه لو كان برّي يُدرك أنّ النواب الذين سيحضرون طاولة الحوار سيدعمون فرنجيّة بأغلبيتهم، أو لن يُطيّروا نصاب جلسة الإنتخاب إذا كان رئيس "المردة" سيحصل على 65 نائباً، لكان دعا إليها من دون حضور "القوّات". وتُضيف المصادر السياسيّة أنّ برّي وغيره من الأفرقاء، يكتفون بمُشاركة فريقٍ مسيحيّ وازن إنّ في الحوار او في جلسة الإنتخاب، و"الوطنيّ الحرّ" لم يعدّ ضدّ فكرة ترؤس رئيس البرلمان للتشاور وليس مع التعطيل.
أمّا أوساط نيابيّة، فتُشير إلى أنّ الكتل ليست مُتحمّسة لعقد حوارٍ بغياب نوابٍ ينتمون إلى أكثر من كتلة، فالمُشكلة بحسب الأوساط ليست فقط بمعراب، وإنّما بـ"الكتائب اللبنانيّة" و"تجدّد" وغيرهم من نواب التغيير والمستقلّين والمعارضة، الذين يلتقون مع بعضهم في التشديد على الدعوة لجلسات إنتخاب مفتوحة واحترام الدستور والإقتراع بديمقراطيّة.
وتلفت الأوساط النيابيّة إلى أنّ برّي لن يدعو إلى الحوار، إذا لم يكن موقف الكتل النيابيّة كافة قد أصبح واضحاً لناحيّة دعم فرنجيّة أو المرشّح الثالث، فهدف "الثنائيّ الشيعيّ" من التشاور هو تأمين التوافق على مرشّحهم وتأمين ظروف إنتخابه. وأيضاً، تقول الأوساط النيابيّة إنّ "الإعتدال الوطنيّ" و"اللقاء الديمقراطيّ" ينتظران تدخّل الخارج وخصوصاً المملكة العربيّة السعوديّة، لكيّ يتّخذا قرارهما النهائيّ بشأن هويّة المرشّح اللذين سيُؤيّدانه.
وتُؤكّد الأوساط النيابيّة أنّ "القوّات" ليست وحدها العقبة أمام الحوار، فهناك نوابٌ "رماديّون" ليسوا بعد مع تأييد فرنجيّة وليسوا مع الخيار الثالث إنّ لم يكن "حزب الله" وحركة "أمل" من داعميه. وتُوضح الأوساط أنّ برّي يُريد الخروج بنتائج عمليّة من الحوار، كيّ لا يكون مصيره مُشابهاً للجلسات الإنتخابيّة السابقة، وكيّ لا يُعطي ذريعة لـ"القوّات" بأنّ لا فائدة من التشاور الوطنيّ.
وحتّى تأمين كافة العوامل التي ستُنجّح الحوار، فإنّ برّي بحسب الأوساط النيابيّة سيتحجج بمُعارضة نواب "الجمهوريّة القويّة" للتحاور، وسيعمل في الوقت عينه مع حلفائه على زيادة الأصوات الداعمة لفرنجيّة إلى 65، كيّ ينتقل إلى المرحلة الثانيّة وهي عدم تطيير النصاب، علماً أنّ المُعارضة تبتعد شيئاً فشيئاً عن فرض التعطيل، مع انتقال كتلة "اللقاء الديمقراطيّ" إلى الوسطيّة وتأييدها بقوّة للحوار ولمواقف برّي.