إبتزاز باسيل "الثنائي" بـ"تسونامي" جعجع يُطيح خيار فرنجية!
إنتهت لعبة عدّ أرقام الناخبين والنواب على الساحة المسيحية التي انطلقت عام 2022 بعد الانتخابات النيابية. وسلّمت غالبية القوى بتصدّر «القوات اللبنانية» الشارع المسيحي. واتّسع الفارق في عدد النواب بعد خروج النائب الياس بو صعب من تكتل «لبنان القوي»، لكنّ كل تلك النقاشات لم تعد ذات أهمية، لأنّ الهمّ المسيحي صار في مكان آخر مختلف تماماً.
شكّلت انتخابات نقابة المهندسين استفتاءً جديداً داخل الساحة المسيحية، بعد نتائج التصويت في الجامعات، لكنّ الحقيقة أنّ رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل يعمل على تحويل الانكسارات إلى انتصارات ويستفيد من الخسارة ليصنع بها ربحاً.
تقدّم «القوات» على الساحة المسيحية أضرّ بـ»التيار الوطني الحرّ»، لكنّ باسيل استعمل هذه النقطة وحاول ابتزاز الثنائي الشيعي بها، وخيّره بين الاستمرار في التوجّه بعدم السير بطروحاته وترك الدكتور سمير جعجع يسيطر على الساحة المسيحية، أو دعمه في معاركه.
يفهم «حزب الله» في الدرجة الأولى ما معنى عودة «القوات» إلى حجمها السابق، فإذا كان «التيار الوطني» قد حقّق أرقاماً كاسحة في انتخابات 2005، فتلك موجة «تسونامي» أتت ردّاً على «الحلف الرباعي» وتغييب المكوّن المسيحي، لكنّ المؤشرات تدلّ على صعود نجم «القوات»، وتكمن الخطورة في نظر «الحزب» في قدرتها على التنظيم والمواجهة وقيادة المعارضة.
يتّضح انزعاج «حزب الله» من كل ما يحصل على الساحة المسيحية، فمن جهة لا يروق له تمرّد باسيل وخسارة الغطاء المسيحي، ومن جهة ثانية، يتخوّف من تفرّد «القوات» بالقرار المسيحي بعد التراجع الكبير في شعبية «التيار» وارتفاع موجة «القوات»، ويحاول معالجة الوضع بالطريقة التي يراها مناسبة.
وبعد الإشارات الإيجابية التي صدرت من تحالف نقابة المهندسين بين «التيار الوطني « والثنائي الشيعي، أظهر رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية تمسّكاً بترشيحه، وصرّح بذلك عن درج بكركي، ظناً منه أنّ باسيل قد يردّ الجميل للثنائي وينتخبه رئيساً.
ويبدو أن فرنجية غير مطّلع كثيراً على الأجواء المسيحية، فحتى الكنيسة تتساءل كيف يمكنه الوصول إلى الرئاسة وهو لا يتكلّم مع الأطراف المسيحية الأساسية، وحتى من يؤيده من النواب المسيحيين لا يعلنون ذلك، في حين توجد معارضة كبرى لخيار وصوله.
يلعب باسيل في الوقت الضائع، ومن قال بإمكانية تغيير موقفه وانتخاب فرنجية بعد انتخابات المهندسين لا يقرأ جيداً ما يحصل. قد يكون هناك نوابٌ داخل تكتل «لبنان القوي» يمنحون مرشح الثنائي أصواتهم، لكن باسيل سيستغلّ تراجعه وتقدّم جعجع لابتزاز «حزب الله» وحركة «أمل».
يتمسّك باسيل بموقفه الرافض انتخاب فرنجية ولم تنجح المحاولات الأخيرة في إقناعه، ويستطيع «التيار الوطني» القول لـ»الحزب» مجدّداً: «إذا أردتم تقوية جعجع فاستمرّوا في دعمكم سليمان فرنجية»، أما إذا كنتم ترغبون في وقف تمدّده مسيحياً فتعالوا للبحث في الخيار الثالث وشطب ترشيح فرنجية، فبهذه الطريقة يكون قد أبعد فرنجية عن السباق وسُحب فتيل التفجير بين الغالبية المسيحية والثنائي.
لم تنجح كل الاتصالات السابقة بين «حزب الله» وباسيل لإقناع الأخير بالسير بفرنجية، وهناك عدم القدرة على إنجاح هذه المساعي في الوقت الحالي، وبالتالي تبقى أسهم فرنجية الرئاسية في القعر من دون الحصول على غطاء مسيحي.
وبالنسبة إلى الخيار الثالث، فقد أعرب «حزب الله» عن انفتاح بسيط في هذا المجال، لكن موقفه العام لا يزال دعم ترشيحه، ومن التقى «حزب الله» في الأيام الماضية أدرك عدم خوضه معركة حياة أو موت لإيصال فرنجية، بل يترك ترشيح ابن زغرتا ورقة للتفاوض.
يضع «حزب الله» مجموعة من الأولويات، أوّلها حرب غزّة والجنوب، ثمّ يتطلّع إلى الداخل. وتتعقّد الحسابات الداخلية أكثر، لكنّ الثابت لديه رغبته في الحفاظ على مظلة أمان تضمن وجوده ضمن التركيبة، وهذا ينتظر التسوية الكبرى.
آلان سركيس - نداء الوطن