صدّرت الجمهورية الإسلامية ثورتها لبلدي اليمن، على المجتمع الدولي أن يفعل المزيد لإيقاف ذلك
بقلم معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الجمهورية اليمنية
في 5 يوليو أعلنت القيادة المركزية الامريكية احباط محاولة ايرانية لاحتجاز ناقلتي النفط ترفعان علمي جزر الباهاما وجزر مارشال، قرب مضيق هرمز. وبعد يوم، أعلن الاسطول الخامس ان الحرس الثوري الإيراني – الفيلق البحري احتجز سفينة تجارية في المياه الدولية قرب الخليج، وأن البحرية الامريكية نشرت قطعاً بحرية لمراقبة الوضع عن كثب.
حوادث القرصنة الإيرانية الأخيرة التي يقوم بها الحرس الثوري الإيراني – الفيلق البحري، في المياه الدولية ليست الأولى. فمنذ العام 2021 قامت إيران باستهداف عشرين سفينة تجارية، في امتداد لمسلسل الارهاب المتجذر الذي تمارسه منذ ثورة 1979، التي أتت بالجمهورية الإسلامية على يد آية الله روح الله الخميني، بما في ذلك من خلال وكلائها في المنطقة. بما في ذلك عبر وكلائها في المنطقة.
جاء التصعيد بعد شهور من إعلان 1 مارس، أن الجانبين السعودي والإيراني قد توصلا إلى اتفاق برعاية الصين لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما خلا شهرين بعد، بعد قطيعة دامت سبعة سنوات، (انقطعت العلاقات عندما اقتحمت حشود البعثات السعودية في مشهد وطهران). جاء ذلك في إطار الجهود والمساعي الحثيثة التي تبذلها قيادة المملكة العربية السعودية لتسوية الأزمات ورأب الصدع وحل المشاكل العالقة بين دول المنطقة وكبح التدخل في شؤون الدول العربية وإقامة علاقات صحية تقوم على مبدأ عدم التدخل واحترام السيادة الوطنية وتبادل المصالح المشتركة. واعتبرت اللحظة فرصة للنظام الإيراني لمراجعة سلوكه الضار، واحترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقوانين والمعاهدات الدولية، والامتناع عن رعاية ميليشياته الشيعية واستغلالها لتنفيذ سياساته التدميرية.
ولكن منذ توقيع الاتفاقية لم يتغير سلوك الجمهورية الإسلامية، مع الدعم المستمر للمليشيات التي تنشر الفوضى والإرهاب وتهدد المصالح الدولية. وتشكل تصرفات طهران خطراً مستمراً ليس فقط على المنطقة ولكن على المجتمع الدولي، حيث تسعى إلى تغيير التوازن السياسي والثقافي والأيديولوجي في المنطقة من خلال القوة. وتصمم إيران على تصدير نموذجها الثوري، المعروف أيضًا باسم "الثورة الخمينية"، والذي سمي على اسم مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله روح الله الخميني. وهي تفعل ذلك من خلال توسيع نفوذها الجغرافي والثقافي من خلال دعم الميليشيات الطائفية مثل الحوثيين في اليمن لتعزيز قوتها داخليًا وخارجيًا.
ان الجمهورية الإسلامية، التي تنفق بسخاء على الميليشيات الموالية لها وتمول جميع أنشطتها الضارة، لا تزودهم بالسلاح والمال فحسب، بل توفر لهم أيضًا التدريب والتكتيكات القتالية. وتعتبر طهران ميليشياتها، بما في ذلك الحوثيين، أقرب إليها من المواطن الإيراني العادي الذي لا يؤمن بأيديولوجيتها. وهنا يكمن الخطر: فالجمهورية الإسلامية تعمل على زعزعة استقرار واستقلال دول المنطقة مقابل تمكين ميليشياتها، حتى لو كان ذلك يعني على الانقاض والدمار الذي أحدثته. وهذا الأمر أكثر وضوحًا في اليمن، حيث تتفاقم أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وحيث يدور أحد أكثر النزاعات تعقيدًا ودموية في العالم.
لا يزال الناس في اليمن يدفعون ثمن سياسة طهران: طموحاتها التوسعية وتدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية اليمنية، والتي بلغت ذروتها بانقلاب مليشيا الحوثي على الدولة عام 2014 (بمساعدة الدعم والتمويل والتخطيط الإيراني).
تواصل إيران لعب دورا رئيسيا في استمرار تهريب الأسلحة والمخدرات إلى الحوثيين في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، وتعطيل المبادرات والجهود التي تبذلها دول الجوار بقيادة السعودية، والمجتمع الدولي للتهدئة واستعادة الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة، وتقف حجر عثرة أمام الجهود المبذولة لإنهاء الحرب وتحقيق سلام شامل وعادل ومستدام. بالإضافة إلى ذلك، تتجاهل إيران فاتورة الخسائر الفادحة والظروف الاقتصادية والإنسانية المعقدة التي يعيشها اليمنيون بسبب الحرب التي أشعلها الانقلاب.
وبالفعل فإن التجربة اليمنية للنفوذ الإيراني منذ ظهور الحوثيين كميليشيا مسلحة عام 2003، مدعومة بشكل مباشر من إيران، دليل قوي على الضرر الذي أحدثته أربعة عقود من السياسات التوسعية الإيرانية وطموحات الهيمنة في لبنان وسوريا، العراق والآن اليمن.
من زار صنعاء عاصمة اليمن قبل أن تقع في أيدي الحوثيين ويقوم بزيارتها اليوم سيفهم معنى تصدير الثورة الإيرانية. تعرض العاصمة اليوم لوحات إعلانية لصور للقادة الدينيين والعسكريين الإيرانيين، بما فيهم قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، المصنف ارهابيا من قبل الولايات المتحدة الامريكية وأبو مهدي المهندس نائب الحشد الشعبي المدعوم من إيران في العراق (اغتيل كلاهما في غارة أمريكية بطائرة مسيرة في بغداد عام 2020).
علاوة على ذلك، بينما تجري الاستعدادات لإغلاق معهد يالي المتخصص في تدريس اللغة الإنجليزية، يتم تدريس اللغة الفارسية في الجامعات والمعاهد، حتى أن بعض الأطفال تعلموا غناء الأغاني باللغة الفارسية. ولزيادة الطين بلة، ألغى الحوثيون إحياء ذكرى المناسبات والاحتفالات الوطنية واستبدلوها بمناسبات طائفية، مثل مراسم عزاء الطائفية (عاشوراء سابقاً) المستوردة من إيران.
مع أخذ هذه الأمور في الاعتبار، لا ينبغي للمجتمع الدولي، بقيادة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن يقف مكتوف الأيدي ويسمح للسلوك الضار للنظام الإيراني ان يمر دون رادع. يجب على المجتمع الدولي أن يبدأ بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وفرض عقوبات على إيران لإرسال الأسلحة والدعم لجماعة الحوثي. يجب على المجتمع الدولي أيضًا دعم خفر السواحل اليمني، وتحسين قدرتهم على حماية المياه اليمنية، واشراكهم في مهمات بحرية متعددة البلدان لحماية المياه الدولية بالقرب من اليمن. مع استمرار المحادثات بحسب ما ورد لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، من الضروري أن يربط المفاوضون الغربيون المفاوضات بوقف تدخل إيران في اليمن.
فالوقت الآن للمجتمع الدولي للتحرك بحزم والقيام بمسئولياته القانونية في صون السلم والامن الدوليين، يجب القيام بذلك لمواجهة التهديد الذي تشكله طهران وميليشياتها - وفي مقدمتها الحوثيون - والإرهاب الممنهج الذي تمارسه، والذي تدفع دول وشعوب المنطقة ثمنه فادحًا.
معمر الإرياني