هل بدأت مرحلة الخيار الثالث وأين مي الريحاني من مواصفات هذا الخيار وأولوياته؟
تراجعت الاتصالات السياسية حول الاستحقاق الرئاسي في الأيام القليلة الماضية في وقت استمرت دعوات حزب الله إلى الحوار التي يرى فيها خصومه مجرد مناورات لإيهام الرأي العام بأنه مع الحوار لا التعطيل وأن خصومه هم من يرفضون الحل. وفي انتظار عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بعد العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز/يوليو مبدئياً يبقى فريقا الممانعة والمعارضة متمسكين بترشيح كل من رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور تحسيناً لشروط التفاوض، فأما التوافق على خيار ثالث مقابل التخلّي عن فرنجية وأزعور معاً أو فراغ طويل. فماذا سيحمل معه لودريان ومن هي الأسماء المرشحة لتشكّل تقاطعاً جديداً بين الأطراف المختلفة؟
في هذا المجال تبرز أسماء عديدة يمكن أن تشكّل مثل هذا التقاطع للخروج من الأزمة في طليعتها الوزير السابق زياد بارود وقائد الجيش العماد جوزف عون، غير أن هناك أسماء أخرى ما زالت قيد التداول بينها النائب نعمة افرام ومي الريحاني والنائب فريد البستاني. وكلها أسماء تتميّز بانفتاحها وبعلاقات جيدة مع العديد من الأطراف.
وتعتقد المرشحة الريحاني «أننا أمام مرحلة الخيار الثالث. وأن برهنت الجلسة 12 عن واقع ما، فهي برهنت ان لا فريقاً يستطيع ان يفرض مرشحه على الفريق الآخر وان الانشقاق العامودي لن يصل إلى نتيجة إيجابية» وإذ تعبّر عن ايمانها بإمكانية «لبننة الاستحقاق» تشير إلى «أن المبادرة الفرنسية طويت وهناك عدد كبير من المؤشرات تدل على ذلك» وترى «أن مجموعة الدول الخمس سيكون لها دور إلى جانب فرنسا» مؤكدة قبولها «كل دعوة للحوار ان كانت غير مشروطة» وكاشفة «عن تواصل تمّ مع حزب الله في الأشهر الماضية وعن لقاء آخر قريباً».
وكان لـ «القدس العربي» مع المرشحة مي الريحاني الحوار الآتي:
○ إلى متى سيبقى الاستحقاق الرئاسي في ثلاجة الانتظار وما هي معلوماتك عما انتهت إليه مهمة لودريان؟
• أنا من الذين يؤمنون اننا نستطيع ان نلبنن الاستحقاق الرئاسي. أؤمن انه في استطاعة الأحزاب والنواب في لبنان، أخذ المبادرة أو المبادرات لإيجاد حلول مقبولة من أكثرية ممثلي الشعب اللبناني، وأن الانتظار دائماً لمواقف البلدان الاخرى أثبت انه لا يسرع في إلغاء الانتظار. أما بالنسبة لمهمة لودريان، أظن انها كانت استطلاعية كمًا صرح هو. زد على ذلك انه واضح أن موقف فرنسا السابق لم يصل إلى نتيجة، فأرسل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزير الخارجية السابق لودريان، السياسي المخضرم، للاستطلاع ولتقديم تقرير يقترح الخطوات الفرنسية المقبلة بالنسبة للملف اللبناني.
○ هل طويت المبادرة الفرنسية برأيك التي كانت تقضي بانتخاب سليمان فرنجية مقابل رئيس للحكومة؟
• عدد كبير من المؤشرات يدل على أنها طويت.
○ هل سيكون لمجموعة الدول الخمس دور إلى جانب فرنسا؟ وماذا عن الدور السعودي؟ وكيف هي علاقتك بالمملكة؟
• نعم سيكون لمجموعة الدول الخمس دور إلى جانب فرنسا أو بالأحرى ستتابع فرنسا لعب دورها كواحدة من الدول الخمس. ولا شك أن الدور السعودي سيستمر بأخذ دور الصدارة.
أما علاقتي بالمملكة السعودية فهي ممتازة. أنا ابنة عائلتين لبنانيتين لعبتا دوراً مهماً وساهمتا ببناء وتمكين العلاقات اللبنانية السعودية. عمي أمين الريحاني هو الذي سافر إلى شبه الجزيرة العربية في أوائل القرن الماضي (1920-1921) وتعرف على عبد العزيز آل سعود الذي أصبح فيما بعد الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية وأصبح أمين الريحاني من أول مؤرخي المملكة، كما نتجت علاقة مهمة بين الرجلين التي استمرت لفترة عقدين (1920-1940) وأرّخت هذه العلاقة عندما نشرت الرسائل المتبادلة بين الرجلين، الملك المؤسس والمفكر المؤرخ. أيضاً انا تزوجت زهير الفقيه، ابن اسعد الفقيه، أول سفير للمملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة وفي الأمم المتحدة. عيّن أسعد الفقيه من قبل الملك عبد العزيز آل سعود كأول سفير للمملكة في واشنطن سنة 1946 واستمر في هذا المنصب إلى منتصف الخمسينات، هذه هي العلاقة التاريخية. زد على ذلك بأنني شخصيًا بنيت علاقة مع المملكة العربية السعودية عندما، بسبب عملي الانمائي الدولي، ناقشت ووقعت عقدًا بين المملكة وشركة «الأكاديمية في الانماء التربوي» في أواخر العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. إذاً هناك علاقة متينة لها جانب تاريخي وجانب عصري. علاقة مبنية على المعرفة والثقة والعمل المهني المنتج.
○ هل نحن أمام خيار ثالث للخروج من المأزق وأين أنت من هذا الخيار؟
• نعم أظن أننا أمام مرحلة الخيار الثالث. إن برهنت الجلسة 12 على واقع ما، فهي برهنت ان لا فريقاً يستطيع ان يفرض مرشحه على الفريق الآخر. وان الانشقاق العامودي لن يصل إلى نتيجة إيجابية. أظن أننا في بداية المرحلة الثالثة في مسار الانتخابات الرئاسية في لبنان. مرحلة جدية جدا، تستطيع ربما عن طريق مبادرات لبنانية ان تلبنن الانتخابات الرئاسية في لبنان. مرحلة تتطلب حواراً جدياً دون شروط. نعم حوار دون شروط، يبحث عن مرشح أو مرشحة لديه أو لديها جميع المواصفات والخبرات والعلاقات العربية والدولية التي يتطلبها مركز رئاسة الجمهورية. مرشح أو مرشحة قدّم أو قدمت برنامج عمل واضح ومفصل يتطرق لجميع الأولويات. هذا المرشح أو المرشحة لديه أو لديها القدرة على الاستماع إلى جميع الشرائح اللبنانية والنقاش معهم جميع الأولويات اللبنانية الملحة منها السياسية والعلاقات الخارجية، ومنها الاقتصادية والمالية، ومنها الاستراتيجية الدفاعية، ومنها النزوح السوري، ومنها الإصلاحات لوقف الفساد، وغيرها. المطلوب من الخيار الثالث أن يكون صاحب رؤية ومبادئ ثابتة ومواقف واضحة وبرنامج عمل متكامل، ولكنه أو لكنها مستعد للحوار البناء لإيجاد مساحات مشتركة تكون بداية الحلول. هذا لا يعني أبداً التنازل عن الثوابت، هذا يعني القدرة على القيادة وعلى إيجاد الحلول الصعبة مع الحفاظ على المبادئ والثوابت. نعم أظن انا من هؤلاء القلة الذين اسماؤهم تبحث كالخيار الثالث.
○ كيف تنظرين إلى دعوات حزب الله إلى الحوار وهل هي لرفع مسؤولية التعطيل عن الحزب؟
• أنا أقبل كل دعوة للحوار ان كانت غير مشروطة. حتى ولو كانت هذه الدعوات هي لرفع مسؤولية التعطيل عن الحزب، وخاصة ان كانت هذه الدعوات غير مشروطة، فأنا أميل إلى قبولها.
○ هل تواصلت مع حزب الله وعلى ماذا تركزت المحادثات وما هي نظرتك لحل مشكلة السلاح؟
• نعم تواصلت مع حزب الله في الأشهر الماضية وسيكون لي لقاء آخر معهم قريباً. كما قلت منذ مؤتمري الصحافي عندما أعلنت ترشيحي لرئاسة الجمهورية، انا كمرشحة لرئاسة الجمهورية أتواصل مع جميع الأحزاب والكتل النيابية اللبنانية. الدستور اللبناني واضح فالسلاح الشرعي في لبنان هو في يد الجيش اللبناني وفي يد قوى الأمن. وفي الواقع هناك سلاح موجود في يد حزب الله. نظرتي أن حل هذه المشكلة يأتي عن طريق حوار جدي مع حزب الله حول كيفية جعل هذا السلاح تحت مظلة الدستور. لا شك ان إيجاد حل لهذا الأمر ليس بالسهل، ولكنه ليس مستحيلًا. تبحث قضية السلاح ضمن الخطة الاستراتيجية الدفاعية ويوضع لهذا الحوار توقيت متفق عليه مسبقاً من أجل الوصول إلى الحلول.
○ من هي القيادات التي التقيت بها أخيراً وكيف كانت أجواؤها؟
• كما قلت انا أجتمع مع جميع الأحزاب والكتل النيابية، ولكن مؤخرا اجتمعت مع تيمور جنبلاط وممثلين عن الحزب الاشتراكي، وسرّني جداً ان أستمع لرؤية تيمور لمستقبل الحزب الاشتراكي، رؤية تبني على نجاحات وخبرات الماضي وفي نفس الوقت تجدد عن طريق الاعتراف بأهمية اشراك المرأة في المراكز القيادية وأيضاً اعطاء جيل الشباب دورًا فاعلاً. أظن ان تيمور جنبلاط يمثل القيادة التي تستطيع بنفس الوقت ان تستفيد من حكمة وخبرة من أتى قبله وان تشرّع الأبواب لتفكير جديد يستفيد من الحداثة ومن المدارس الفكرية القيادية المنتجة وصاحبة إيجاد الحلول.
○ ما هو تصورك لمستقبل النظام في لبنان في ضوء ما يطرح من أفكار للفيدرالية أو للامركزية الموسعة إداريا ومالياً؟
• أنا مع تطبيق دستور الطائف. دستور الطائف واضح ينص على تطبيق للامركزية الموسعة الإدارية وانا مع اعطاء هذا التطبيق أولوية، أي مع تطبيق للامركزية الإدارية والمالية الواسعة. هذه اللامركزية الواسعة بجميع أوجهها تريح المواطن وتنعش المناطق.
سعد الياس - القدس العربي