الجلسة الحكومية تعمّق الانقسام السياسي والشرخ طائفيا
ميقاتي: اختصرنا الجدول وسنعدّله ولن نقر الا الضروري
معراب تحدد موقفها ...والامن الذاتي حتمي في غياب الدولة
المركزية- لم يكن ينقص المشهد السياسي الداخلي المتوهّج المنقسم على ذاته، سوى جدلية مدى دستورية انعقاد مجلس الوزراء بصفة تصريف اعمال يوم الاثنين المقبل في ظل الشغور الرئاسي، بحيث ترسخ الانقسام العمودي سياسيا الى ما هو اخطر، مهددا بشرخ طائفي مسيحي –اسلامي، لم يؤمن الثنائي الشيعي الغطاء الكافي للحؤول دونه بفعل تمترس حليف مار مخايل خلف قرار رفض التئام حكومة تصريف الاعمال في اطار حرب العهد المفتوحة على الرئيس نجيب ميقاتي، وتاليا عدم مشاركة وزرائه في الجلسة، واتجاه معراب لتبني الموقف نفسه، ولو ان حزب القوات اللبنانية غير مشارك في الحكومة.
والانقسام هذا لا يقتصر على جهابذة السياسة فحسب بل يتمدد الى الدستوريين الذين تنقسم اراءهم بين مؤيد للانعقاد بالركون الى الضرورة القصوى ورافض لتخطي صلاحيات تصريف الاعمال.
معدّل وضروري: الجلسة ستنعقد، بحسب المعطيات، ما دام شرط الثلثين متوافرا كما المشاركة المسيحية ولو بخجل، لمناقشة جدول اعمال هو بحسب ما نشر فضفاض الا ان الرئيس ميقاتي اكد اليوم ان ما سيبت منه هو الضروري حصرا. وقال في تصريح في ختام رعايته افتتاح معرض بيروت العربي الدولي للكتاب "ان دعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد الاثنين مردها الى وجود ملفات اساسية تتعلق بصحة المواطن يقتضي البت بها.". وقال: "منذ يوم الثلاثاء الفائت كنا اعلنا النية لعقد جلسة لمجلس الوزراء، بسبب وجود ملف ملح يقتضي البت ويتعلق بصحة المواطن وخاصة مرضى غسل الكلى والسرطان. طلبت من الامانة العامة لمجلس الوزراء اعداد جدول اعمال الجلسة وقد وصلني الجدول الخميس متضمنا ٣١٨ بندا، وهذا لا ينسجم مع التوجه لبت الملفات الملحة والاستثنائية، فطلبت تخفيض العدد حتى وصلنا الى جدول اعمال بـ٦٥ بندا بعد طلب عدد من الوزراء وضع بعض الملفات الاساسية لوزاراتهم، ولكن اقول اليوم ايضا انه بعد الاطلاع على الجدول يمكن بسهولة استبعاد اكثر من ٤٠ بندا عن الجدول، ولن نقر الاثنين الا الامور التي نعتقد ويعتقد الوزراء انها ضرورية. وقبل موعد الجلسة سنعيد ابلاغ السادة الوزراء الجدول المعدل لكي نقوم بما هو مطلوب، وهو بت الملفات الطارئة والاساسية".وردا على سؤال قال: "اسمع البعض يتحدث عن حكومة بتراء او غير بتراء. الحكومة كاملة وما تقوم به هو تصريف الاعمال بهدف خدمة المواطن، ومن لديه بديل آخر فليتفضل، واي امر سيكون معروضا على مجلس الوزراء، يجب ان يكون الوزير المختص حاضرا لمناقشته، واذا كان الوزير غير حاضر في الجلسة فحتما لن نعرضه للمناقشة". وقال: "انا اقوم بواجبي كاملا في ما يتعلق بالدعوة الى الجلسة، وحسب معرفتي بالوزراء طوال الفترة الماضية، فهم يتمتعون بالحس الوطني ذاته وربما اكثر، ولذلك اعتقد ان ستكون هناك مشاركة واسعة".
وقال ردا على سؤال: "قبل طرح السؤال لماذا ندعو الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، فليقم المعنيون بالاستعجال بانتخاب رئيس للجمهورية وتستقيم المؤسسات الدستورية كاملة وتقوم بواجبها. يحز في نفسي ان يضع احد دعوة مجلس الوزراء في اطار طائفي او كأنه استهداف لفئة معينة. فهل نحن نفرق في التقديمات والمساعدات التي نقدمها بين مريض وآخر؟ هذا كلام غير مقبول".وعن قول البعض ان ميقاتي حاكم بأمر "الثنائي الشيعي" قال: "من يقول هذا الكلام يعلم ان الدعم هو لتيسير امور الناس وما يتعلق بصحة المواطن. ومن يطلق هذه التهمة فليتذكر كم "عرّض عضلاتو" عندما كان الثنائي الشيعي داعما له".
اجتماع معراب: وليس بعيدا، يحدد تكتل "الجمهوريّة القويّة" موقفه من انعقاد الجلسة الحكومية في اجتماع يعقده رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في الساعات القليلة المقبلة، حضوريا أو الكترونيا للتكتل للبحث في موضوع الدعوة. ومن المتوقّع أن يصدر بيانٌ بعد الاجتماع يحدّد موقف التكتل من هذه الجلسة، علماً أنّه غير ممثّل في الحكومة.
كرم: وفي السياق، أشار عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب فادي كرم في بيان الى ان "لم نكن يوما ضد اجتماع حكومة تصريف الأعمال لأسباب طارئة، ولكننا فوجئنا بدعوة حكومة تصريف الأعمال إلى اجتماع يوم الاثنين القادم الواقع في الخامس من الجاري وبجدول أعمال فضفاض يتضمن ٦٥ بندا وكأنها ليست بحكومة تصريف أعمال، وكأننا لسنا في ظل فراغ رئاسي. ومن هذا المنطلق بالذات نحن لسنا مع هذا الاجتماع للحكومة. وأما فيما يتعلق بالبند الذي له علاقة بصحة الناس وتأمين أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية فيستطيع رئيس الحكومة إقراره بمرسوم جوال للضرورة القصوى".
عبدالله: وليس بعيدا ، شكر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله عبر "تويتر" "للرئيس ميقاتي دعوته مجلس الوزراء للانعقاد، بجدول أعمال محدد، لأن تسيير أمور الناس وحاجاتها في ظل هذه الضائقة الاقتصادية هو أكثر من ضرورة، وبخاصة تخفيف أعباء الفاتورة الاستشفائية عن كاهل المواطنين. وليتحمل كل وزير مسؤولية موقفه تجاه ترك الناس بدون التغطية الصحية".
خليل: بدوره، اعتبر عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب علي حسن خليل خلال لقاء عام للبلديات والمختارين في إقليم جبل عامل، بدعوة من حركة "أمل"، أن "من دون إدارة تنفيذية لا يمكن للبلد أن يستمر"، مؤكدا أن "حكومة تصريف الأعمال عليها مسؤوليات ولا يمكنها أن تستقيل من دورها في إدارة شؤون الناس وما يتعلق بحياتهم".
سنحضر الجلسة: من جهته، أكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن خلال رعايته افتتاح "يوم المونة" في باحة قلعة بعلبك الأثرية: "نحن كفريق سياسي سنحضر جلسة مجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل إن شاء الله، لأننا نؤمن أن تسيير أمور الدولة والمرافق العامة التي تًعنى بالمباشر بحياة الناس بكل تفرعاتها واجب وطني أساسي لا يمكن التخلي عنه. وبعيداً عن كل التفسيرات الدستورية وغير الدستورية التي من شأنها ربما عرقلة الأمور، فالتأويلات لا تنفع الوطن، نحن نحتاج إلى العمل وإلى تضافر كل الجهود للتسهيل والوحدة، لا للتعقيد والعرقلة والتنافر".
المستشفيات: وفي السياق عينه، أكّدت نقابة المستشفيات في لبنان أنها ليست طرفاً في الجدل الدستوري والقانوني والسياسي القائم الذي يغطّي مصالح هذا الفريق او ذاك، بل ما يهمّها هي استمرارية العمل في المستشفيات، والذي اصبح واضحاً ان الممّر الإلزامي لذلك هو في صدور مرسوم عن مجلس الوزراء، وتمنت على جميع الوزراء حضور جلسة الأثنين 5 كانون الاول لإتخاذ القرارات التي تؤمّن علاجات المرضى، وتجنيبهم اي أذى يمكن ان يلحق بهم.وقالت في بيان: "لقد دعا الرئيس نجيب ميقاتي الى جلسة لمجلس الوزراء نهار الأثنين في 5 كانون الاول الحالي، وحسناً فعل. على رأس جدول الأعمال بنود تتعلق بتسديد المستحقات الى المستشفيات عن سنة 2022، التي بدونها سوف يتعذّر على هذه الأخيرة استقبال المرضى على نفقة وزارة الصحة العامة، وبالتالي، تعريض الكثير منهم للخطر، لاسيما مرضى غسيل الكلى والأمراض السرطانية".واعتبرت أن جعل هذا الموضوع اسيراً للسجال السياسي مرفوض تماماً، مشيرةً إلى أن المرضى ليسوا مسؤولين عن عدم انتخاب رئيس للجمهورية، ولا عن الوضع الحكومي وصلاحّيات حكومة تصريف الأعمال، ولا يجوز اخذهم رهائن لهذا السجال العقيم.ورأت أن صلب المشكلة يكمن في الإجابة عن السؤال التالي:"هل ان السياسة هي لخدمة الناس ام ان الناس هم لخدمة السياسة؟ والجواب هنا واضح لايحتمل التأويل، وهو ان السياسة هي لخدمة الناس وليس العكس".
الراعي والمسؤولية: رئاسيا، ووسط تسيّد الاخفاق جلسات انتخاب رئيس جمهورية، طلب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي العائد من الفاتيكان، خلال ترؤسه القداس الإلهي لمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من مركز جمعية رسالة سلام - معاد."الصلاة الى الله لكي يخرجنا من الأزمة التي نعيشها بدءًا بانتخاب رئيس جديد وصولا الى قيام المؤسسات الدستورية وليتحمل لبنان مسؤولية نفسه وكلّ مسؤول مسؤولية نفسه وتنتهي أزمة الفقر والحرمان والهجرة".
خصمنا من يتآمر مع الخارج: الى ذلك، اعتبر رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، "ان موضوع المقاومة وسلاحها هو تحصيل حاصل ونتعاطى معه بما يؤكد هذه الحقيقة وبما يجعل الاخرين يعتقدون ويتعاملون فمشروعية المقاومة هي مثل مشروعية الوفاق الوطني، خصوصا ان سلاح المقاومة له وجهته النظيفة الواضحة التي لا غبار عليها، فهو سلاح لحماية لبنان، ولم يفرض على اللبنانيين اي امر على الاطلاق".وقال: "ليس كل من نختلف معه هو خصم انما الخصم هو من يتآمر مع الخارج من اجل ان يمرر بعض السياسات التي تناهض آراء اللبنانيين ومصالحهم، وان اختلفنا مع اي من القوى السياسية نحاوره في السياسة".
هلع وامن ذاتي: في المقلب الامني، وفيما تشهد بعض المناطق تفلتا وتسيّبا غير مسبوق لا سيما في مدينة طرابلس التي لا يكاد يمر يوم من دون تسجيل اشكالات وسقوط قتلى او جرحى، وهو ما حصل ليلا في محلة الروكسي - التل، ما اضطر بعض المحال التجارية الى اقفال ابوابها اليوم خوفا من تداعيات ما يجري، في ظل هذا المناخ، يشكو المواطنون لا سيما في عدد من مناطق بيروت وجبل لبنان من ارتفاع معدلات السرقة في شكل غير مسبوق وهي تطال المنازل والسيارات في وضح النهار، من قبل مجرمين لا يتوانون عن ارتكاب جرائم قتل وقد كان آخر ضحاياها الشاب ايلي متى في عقتنيت منذ ايام.
هذا الواقع، يدفع المواطنين في كثير من المناطق الى توفير الامن الذاتي، ذلك ان حجم المهام الملقاة على الجيش لم يعد يسمح بتفرغه لمعالجة هذه الحالات، علما انها ليست اساسا من مهامه، بحيث يتناوب شبان في البلدات والقرى والمدن على تأمين الحراسة ليلا، للحد من هذه الظاهرة، ما اثار حفيظة بعض الجهات السياسية التي شنت حملة على هؤلاء، وتحديدا في منطقة الاشرفية. وللمفارقة فإن من ينتقد الامن الذاتي، هو من الفريق الذي يفرض بقوة السلاح امنه على مناطقه ومربعاته التي لا وجود فيها للأجهزة الشرعية الا صوَرياً، وقد اسهم بفائض قوته هذا سياسيا وارتهانا الى الخارج ، في ايصال البلاد الى حيث هي، في قعر الانهيار والتفلت والتسيّب. ويصح به القول والحال هذه " اللي بيتو من قزاز ما يراشق الناس بالحجارة.