عون ينتظر مبادرة فرنسا الرئاسية
كتب أسعد بشارة في "نداء الوطن":
بات تشكيل الحكومة بعد السجال الفضائحي الذي تبادله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و»التيار الوطني الحر» في خبر كان. من غير المعلوم كيف سيستأنف الرئيس المكلف محاولاته اليتيمة لتقديم تشكيلة جديدة بعد هذا السجال الذي نبش قبور الفساد، وحوّل الشراكة المفترضة بين رئيسي الجمهورية والحكومة أطلالاً قبل اسابيع قليلة من انتهاء ولاية عون.
ما بدا بعد هذا السجال ان اجندتين متضاربتين تتصارعان قبل نهاية الولاية. الرئيس ميقاتي، متحالفاً مع الرئيس نبيه بري، لن يسلم لجبران باسيل بحكومة تشكل استمراراً للعهد المنتهي، وفريق عون لن يسلم لميقاتي بورقة ثمينة، وبخسارة موقعه داخل الحكومة، في فترة قد تشهد فراغاً رئاسياً طويلاً، والفريقان يستعدان لخوض منازلة الانتخابات الرئاسية كل بحساباته المختلفة.
يستعد الرئيس عون للتعامل مع الانتخابات الرئاسية من زاوية التحكم باختيار الرئيس المقبل، ويطرح نفسه معبراً إجبارياً لاختيار اسم الرئيس وفق قاعدة «التفاهم على اي اسم لانتخابه يمر بموافقتي». هذا ما تكشفه مصادر مطلعة على ما يحضر له «التيار الوطني الحر» للمرحلة المقبلة. تشير المصادر الى أن عون لن يحوّل كلّاً من ميقاتي وبري رئيسي جمهورية من خلال القبول بتشكيل حكومة لهما فيها الثقل الاساسي، وان على ميقاتي ألا يذهب بعيداً في حلم وراثة صلاحيات رئيس الجمهورية، لان هذا لن يتحقق.
وتشير المصادر الى أن ميقاتي حاول تصوير الخلاف على تشكيل الحكومة، كأنه اشتباك مع جبران باسيل في حين أن المواجهة تدور حول الصلاحيات. فالتوقيع الرئاسي على مرسوم التشكيل من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي أقسم على الدستور، وهذا القسم يملي عليه رفض تشكيل حكومة غير متوازنة، تجاوزاً لكل الضغوط وكل انواع الابتزاز التي يمارسها ميقاتي الذي يستنزف الوقت لنهاية الولاية، معتقداً ان هذه الورقة هي عامل ضغط على عون.
وتضيف المصادر أن بري وميقاتي يريدان حكومة توقف العمل بالتدقيق الجنائي وتعيد تعديل الشروط اللبنانية لترسيم الحدود، وتكرس غياب موقع الرئاسة عن الاستحقاقات الكبرى، وهذا ما لن يقبل به عون، ولو كلف الأمر انتهاء ولايته من دون تشكيل حكومة.
وفي ملف الانتخابات الرئاسية، تؤكد المصادر ان عون سيكون المعبر الاجباري لاختيار الرئيس المقبل، ذلك على عكس ما يعمل له ميقاتي وبري وحلفاؤهم. وتكشف أن اتصالات فرنسية تجرى لبلورة مبادرة رئاسية سوف تطرح في بيروت، عبر موفد فرنسي سيرسله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وقد بدأت ملامح هذه الاتصالات تترجم عبر تواصل مع بعبدا، وتضيف بأن هذه المبادرة منسّقة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، اللتين ستتكلمان بصوت واحد وباقتراحات واحدة لتفادي الفراغ الرئاسي، وانتخاب رئيس في الموعد المحدد في الدستور.
وتشير المصادر الى أن بعبدا ستكون محور هذه الاتصالات، التي ستتجاوز الازمة الحكومية المفتعلة، التي تهدف الى الإبقاء على حكومة تصريف الاعمال حتى الساعات الاخيرة من مغادرة عون للقصر الجمهوري، وذلك لتجريد «التيار الوطني» ورئيس الجمهورية من اوراق القوة في مرحلة ما بعد انتهاء الولاية الرئاسية.
انه اذاً الصراع على السلطة في مرحلة انتقالية سوف تشهد المزيد من الانهيار الاقتصادي، فعدم تشكيل الحكومة سيعني تأجيل اي بحث جدي بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، كما سيعني فرملة اي خطة اصلاحية يمكن ان تكون البداية لتوقيع الاتفاق مع الصندوق، وبالتالي سيكرس معالم الدولة الفاشلة التي تنحدر من سيئ الى أسوأ، في ظل التعطيل المتمادي، والفراغ الرئاسي المتوقع ان يطول اسوة بالفراغ الحكومي، المستمر على ايقاع التراشق باتهامات الفساد.