"صوتك بـ15 أيّار بيسقط 7 أيّار" يقلق الثنائي برّي - نصرالله
كتب أحمد عياش في "النهار":
في إطلالة له عبر التلفزيون في 11 الجاري، استعاد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أحداث 7 أيار عام 2008. الزاوية التي اختارها نصرالله كي يعيد الى الأذهان ذلك التاريخ قبل نحو 14 عاماً، هو اتهام من سمّاه "الإلغائي" بالتسبّب بما جرى في ذلك الوقت، ما أدّى الى قيام الحزب باجتياح بيروت بمئات المسلحين، يعاونه المئات من عناصر مسلحة تابعة لحلفاء الحزب وفي مقدّمهم حركة "أمل". وأدّت تلك الأحداث التي وُصفت بـ"غزوة بيروت"، إلى سقوط مئات القتلى والجرحى واحتلال مراكز لتيّار "المستقبل" وحلفائه، الأمر الذي استدعى تدخلاً إقليمياً أسفر عن "اتفاق الدوحة". وفي هذا الصدد قال نصرالله في إطلالته قبل 8 أيام: "الإلغائي هو الذي كان لديه حكومة في الـ2006 ونحن (وزراء "أمل" و"حزب الله") استقلنا من الحكومة بسبب الاعتراض على طريقة إقرار موضوع اتفاقية المحكمة الدولية... هناك طائفة بكاملها خرجت، لم يقفوا لا عند طائفة غائبة ولا عند ميثاقية ولا شيء، وأكملوا، من 11-11-2006 الى 11-7-2008 يعني الى ما بعد 7 أيار واتفاق الدوحة".
ليل السبت الماضي، "عمد مجهولون إلى إحراق لوحة إعلامية" في وسط بيروت حملت عبارة "صوتك بـ15 أيار بيسقط 7 أيار"، وفق الدعوى التي تقدّم بها في اليوم التالي المحامي ماجد دمشقية، عضو لائحة "بيروت تواجه" التي تعود إليها اللوحة. وجاء في نص الشكوى الجزائية الفورية في اليوم التالي لدى مخفر وسط بيروت، أن الحادث "يشكّل إثارة للنعرات الطائفية وتهديداً للسلم الأهلي". وبالإضافة الى حرق اللوحة، تعرّضت صور ضخمة في وسط العاصمة تابعة للّائحة نفسها "للتمزيق على أيدي مجهولين لا يستسيغون أن تواجه بيروت من يعتدي على أهلها وكرامات أبنائها، كما لا يريدون أن تُمسح ذيول 7 أيار" وفق ما جاء في دعوى المحامي دمشقية.
وأتى ما جرى في وسط بيروت، غداة ما جرى في بلدة الصرفند في جنوب لبنان لجهة منع لائحة المعارضة من التجمّع لإطلاقها في دائرة صور الزهراني. وقد استنكر الحادث 70 مرشّحاً من 11 لائحة تغييرية في 11 دائرة انتخابية، معتبرين في بيان "أن هذا الاعتداء ينذر بنيّة "أحزاب السلطة وعلى رأسها "أمل" و"حزب الله" منع أي نشاط انتخابي ديموقراطي في مناطق نفوذها".
هل ما جرى في وسط بيروت ليل السبت الماضي، يوسّع دائرة "المنع" الذي لفت إليه البيان المشار إليه آنفاً، ليشمل بيروت التي عاد شبح 7 أيار 2008 يحوم فوقها؟
حتى الآن، يبدو أن ما جرى أشبه بما جرى طوال حقبة الانتفاضة التي انطلقت بعد 17 تشرين الأول عام 2019، أي إن أعمال الحرق والتمزيق إضافة الى التعديات على الأشخاص والممتلكات، هي المستعادة اليوم. فهل تردّ للسلطات الأمنية، كي لا تكون هذا الأعمال سبباً يؤثر على إجراء الانتخابات النيابية في منتصف أيار المقبل؟
في انتفاضة 17 تشرين، لم يتقبّل أهل السلطة، وفي مقدّمهم "حزب الله" وحركة "أمل"، شعارات انطلقت من مبدأ تعميم محاسبة المتسبّبين بانهيار الأوضاع في لبنان على قاعدة "كلن يعني كلن". فكان أن انطلقت عملية عقاب نفّذها في وضح النهار غالباً، عناصر ثنائي الحزب والحركة. وكان من ذيول هذا العقاب اغتيال الناشط البارز لقمان سليم في شباط 2020.
أما اليوم، وهناك معالم انتفاضة انتخابية بدأت تتجمّع في الأفق، كان واضحاً في دائرة بيروت الثانية، حيث تتمركز كتلتان انتخابيتان كبيرتان، سنيّة وشيعية، التقت شعارات معظم اللوائح المتنافسة، وبعضها كانت متحالفة سابقاً مع "حزب الله"، على رفض السلاح غير الشرعي.
اللجوء الى وسائل تهديد المعارضين للثنائي في بيروت والجنوب وعدد من المناطق في لبنان، لن يؤدي على ما يبدو الى مسار ما جرى في 7 أيار 2008، لجهة إبرام صفقة سياسية ما زالت مفاعيلها مستمرة حتى اليوم. لكن ما جرى في ذلك التاريخ، أدى الى ولادة أكثرية نيابية في انتخابات عام 2009، كانت من نصيب فريق 14 آذار السابق.
يلتقي المراقبون عند القول إن لبنان يمر بظروف استثانية لا سابق لها، ما يعني أن تكرار الأحداث التاريخية، ليس وارداً في الانتخابات المقبلة. وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن قلقاً ما، بدأ يساور الفريق الذي جرت الرياح بما اشتهاها منذ عام 2005 ولا تزال حتى الآن. ومن هؤلاء عضو المجلس المركزي في "حزب الله"، الشيخ نبيل قاووق، الذي قال "إنّ أكبر كذبة في الانتخابات المقبلة، هي أنّ السعودية على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، وهي أنّ السفارة الأميركية لا تتدخل في الانتخابات النيابية".
ما جرى في الصرفند، ولاحقاً في وسط بيروت، يفيد أن مدرسة 7 أيار 2008، ما زالت تمارس نشاطها. وكل ذلك يؤكد أن لبنان الدولة ما زال تحت وطأة الدويلة التي تمارس نشاطها من دون أي رقابة.