قلق غربي من سيطرة حزب الله مرة أخرى على المجلس المقبل
تخشى الدوائر الدبلوماسية الغربية من أن تأتي نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية بنتائج تزيد من تعقيد الواقع اللبناني. فالخشية الكبرى تتمحور حول إمكانية حصد "حزب الله" وحلفائه المحليين غالبية معتبرة من مقاعد مجلس النواب المقبل.
صحيح أن مجلس النواب الحالي الذي انتخب عام ٢٠١٨ عكس غلبة واضحة ل"حزب الله" و حلفائه بلغت ٧٤ نائبا، و ذلك بإعتراف قاسم سليماني قائد "فيلق القدس" آنذاك.
لكن هذه المرة يعود قلق الدوائر الدبلوماسية الغربية، بحسب مصدر دبلوماسي غربي رفيع في بيروت، الى أن تكرار النتيجة من خلال غالبية ل"حزب الله" و حلفائه، يمثّل عملية تراكمية خطيرة جداً على الكيان اللبناني، فضلاً عن أنه يمثل تحدياً كبيراً لكل المحاولات لإنقاذ لبنان من أزمتيه المالية و الاقتصادية. يضاف الى ذلك أن المراكمة التي تصب في طاحونة الحزب المشار اليه من شأنها أن تسهل على الحزب المذهبي الراديكالي المسلح كما يسميه المصدر الدبلوماسي العربي المذكورة آنفا، إكمال مسار السيطرة على ما تبقى من مؤسسات الدولة، وتوسيع نفوذه العابر للطوائف، ولا سيما في البيئتين السنية المشتتة، والدرزية التي يتعرض فيها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى ضغط لمحاولة انتزاع الأكثرية النيابية الدرزية منه. و يعتبر المصدر الدبلوماسي الغربي انه في حال تمكن "حزب الله" من امتلاك الغالبية النيابية في المجلس المقبل، فإنه سيصبح أصعب من ذي قبل التمييز بينه و بين الدولة نفسها.
من هنا قد تطرح إشكالية دعم الدولة اللبنانية ومساعدتها على الخروج من الازمة المالية الاقتصادية تحديا معقدا للدول الغربية والعربية الراغبة في الوقوف بجانب لبنان و اللبنانيين. فدولة يختفي فيها الحد الفاصل بين "حزب الله" المدرج على لوائح الإرهاب في العديد من الدول الكبرى عبر العالم يصعب التعامل معها بشفافية، كما يصعب الفصل بين ما يفيد الشعب اللبناني بصرف النظر عن فئاته و طوائفه، و ما يمكن ل"حزب الله" ان يستغله في إطار تنفيذ أجندته الإقليمية التي تقرر في طهران.
ما تقدم يعكس قلقاً دولياً حقيقياً من أن يكون التشظي اللاحق بصفوف الجمهور السيادي في لبنان سيؤدي الى تسليم لبنان دولة ومؤسسات الى "حزب الله" الذي لا يحمل في النهاية أي مشروع إصلاحي، و انقاذي للبنان. القلق دافعه ان دولاً عربية رئيسية تمكن الرئيس الفرنسي من اقناعها بعدم ترك لبنان، و إدارة ظهرها له يمكن ان تميل من خلال معاينتها للامر الواقع المحتمل بعد الانتخابات الى الابتعاد عن بلد لا يملك حرية قراره الوطني و السيادي . فتجربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لا يمكن التمديد لها في مرحلة ما بعد الانتخابات، باعتبار انها قامت على فكرة اللعب على اكثر من حبل، لكنها في النهاية حكومة تشكّلت وعاشت في ظل غلبة فعلية و عملية ل"حزب الله" في مجلس النواب، مما انعكس على تأليف الحكومة التي يتحكم بها الحزب المشار اليه، و يستخدمها كغطاء شرعي، وواجهة في آن معا. فالرهان على ان الرئيس نجيب ميقاتي عائد كيفما كانت نتائج الانتخابات غير دقيق، لأن أي حكومة في ظل غلبة "حزب الله" ستجدّد للتوجه الداعي الى التعامل مع الامر الواقع حيث انكسار التوازن اكبر في البلد، و انتزاع ما امكن انتزاعه. في حين التجربة تدل على ان "حزب الله" يتقدم باضطراد، فيما تتراجع القوى السيادية المعارضة له بفعل سوء إدارة عملية المواجهة، و انفراط عقدها لأسباب تتصل بالنكد السياسي اكثر منها لاسباب مبدئية. و تدل تجربة حكومة الرئيس ميقاتي الى انها نتاج رهان التعايش مع سيطرة واضحة لـ"حزب الله" .
خلاصة الامر ان المشهد قبل أربعة أسابيع من الانتخابات النيابية (في حال حصلت) يعكس واقعاً غير مشجع للمستقبل.
علي حمادة - النهار