زيارة روما زادت من الإحباط العوني
كتب ناصر زيدان في صحيفة الأنباء الكويتية:
تشير معلومات ذات صلة بتفاصيل زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية الى روما الأسبوع الماضي، أن نتائجها زادت من الإحباط عند قيادات التيار الوطني الحر، وهي لم تساعد في أي احتشاد مسيحي الى جانب التيار كما رسم لها، بل على العكس من ذلك، فقد تبين أن الزيارة استفزت الرأي العام المسيحي، وتصريحات الرئيس عون في روما بدت كأنها فاتورة دفعت على الحساب المفتوح بينه وبين حزب الله لصالح مستقبل صهره النائب جبران باسيل، وتوقيتها كان يستهدف التغطية على زيارة البطريرك بشار الراعي الى مصر، لأن الراعي حمل رسالة واضحة أكدها بعد لقائه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وفحواها: أن وجهة المسيحيين في لبنان عربية، ولبنان يتمسك بأفضل العلاقات مع الدول العربية، ولا يوافق على سياسة العهد الحالي التي ساهمت بإيجاد شرخ واسع بين لبنان وأشقائه.
ويؤكد مطلعون على موقف الفاتيكان أن عون لم يستطع إقناع الحبر الأعظم برأيه الذي يقول: إنه لا خطر يواجه المسيحيين في لبنان، وفي أن حزب الله ساعد في حماية هؤلاء من خلال محاربة «داعش» فعلى العكس من ذلك، فقد صرح أكثر من مسؤول في حاضرة الفاتيكان، أن الدولة اللبنانية هي الضمانة لكل اللبنانيين، وأن الجيش اللبناني دون غيره هو المؤهل للدفاع عنهم جميعا ولاسيما المسيحيين منهم، والمسؤولون الإيطاليون قالوا ذات الكلام أمام الرئيس عون عندما ذكروه باستضافة إيطاليا للمؤتمر الدولي لدعم الجيش اللبناني في 16 يونيو 2021.
فريق الحكم كان يراهن على الحصول على تعاطف فاتيكاني قبل الانتخابات النيابية، لما يمثله البابا من مكانة معنوية لدى الجمهور المسيحي، وقصد عون وفريقه التشويش على مواقف البطريك الراعي التي تدعو لعقد مؤتمر دولي للمساعدة في تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية، وهو ما يحرج فريق الحكم الذي وضع كل بيضه السياسي في السلة الإيرانية. وهذا الفريق لم ينجح في استثمار الموقع الرسمي الذي يحتله لخدمة مشروع الممانعة كما قال الرئيس فؤاد السنيورة، لأن حساباته الشخصية والفئوية كانت مكشوفة، وخياراته السابقة لم تحقق أي مصلحة للبنان، بل إنها أدت الى إنهيار الدولة وإفقار الشعب.
اخفاق المحاولة العونية للاستفادة من موقع رئاسة الجمهورية لترويج مقاربات محورية، أدت الى زيادة منسوب التوتر على الساحة اللبنانية المتهالكة. وقد وصل فريق الحكم الى قناعة ثابتة، بأن ليس أمامهم الا تعميم الفوضى لضرب الانتخابات للهروب من النتائج المتوقعة، حيث أظهرت كافة الاستطلاعات أنها لن تكون في صالحهم. وقد لجأ هذا الفريق الى استخدام القضاء في مواجهة القطاع المصرفي، لأن ذلك سيؤدي حكما الى رفع قيمة صرف الدولار الأميركي قياسا لليرة اللبنانية، وسيخلق ارباكات أمام العملية الإجرائية التي تحتاجها الانتخابات، لاسيما مسألة إنفاق المرشحين التي يجب أن تجري عبر البنوك كما ينص القانون، وإضراب القطاع المصرفي سيؤدي لتعطيل هذه العمليات. علما أن المآخذ التي أثيرت ضد المصارف عمرها أكثر من سنتين، ولم يحرك القضاة المقربون من القصر أي ساكن ضدهم في السابق.
حزب الله لا يراعي حليفة العوني في رغبته بنسف الانتخابات، لأنه يرى أن هذا الاستحقاق سيكون لصالحة بسبب غياب تيار المستقبل عن المنافسة، ولأن السفارات الغربية، ولاسيما الأميركية، صامتة منذ اندلاع الأحداث الأوكرانية، وصمتها يوحي بعدم اهتمامها بما يجري في لبنان، وبالتالي فإن الفرصة سانحة للحزب وحلفائه لممارسات الضغوطات الأمنية والإغرائية على الناخبين في مناطق نفوذه، كما في دوائر أخرى محسوبة على المعارضة. والحزب يتعاطى علنيا في عملية تجيير الأصوات لصالح حلفائه، وفق حسابات رقمية تشكل إهانة لبعض الناخبين، لاسيما من صفوف الطائفة الشيعية التي كانت تشكل على الدوام رافعة للعمل الوطني اللبناني.