دوامة المعاناة تعود: لا محروقات ولا طحين ولا سقف للاسعار
معلومات عن امكان ارجاء الانتخابات الى ايلول لتبديد الازمات
عون متمسك بحقوق لبنان ويدعو للتضامن العربي
المركزية- الى داخل الدوامة نفسها يعود اللبنانيون، او يُعادون اليها قسراً. ازمة محروقات تدفعهم الى الاصطفاف في الطوابير على المحطات "لتسوّل" البنزين وقد فاقت سعر صفيحته الـ400 الف ليرة، فيما لا سقف لمدى ارتفاعها بعد بحسب المعنيين. ازمة طحين ستحصر استخدامه بالرغيف، وتمنع عنهم المناقيش والحلويات، ازمة حصول على مستندات لفقدان الورق والطوابع في الدوائر الرسمية، والاهم ازمة ثقة بالدولة والسلطة التي تنطبق عليها مقولة " اسمع تفرح جرّب تحزن"، وعود براقة لا تجد ترجمة عملية على ارض الواقع، ترفع منسوب الخية لدى اللبنانيين من مستقبل اسود يتربص بهم خصوصا اذا صدقت "تنبؤات" المتائمين الذين يتوقعون عدم حصول الانتخابات النيابية في ايار لألف علة وسبب.
وفي السياق، بدأت تتردد معلومات عن ان الانتخابات النيابية قد تؤجل الى ايلول المقبل في انتظار اتضاح الصورة الضبابية محليا ودوليا، بحيث يتسنى في هذه الفترة انجاز التحضيرات الانتخابية وارساء حلول للأزمات المتراكمة وانجاز المفاوضات مع صندوق النقد، على ان تعقبها الانتخابات الرئاسية في ترين.
ازمة رغيف؟: وفيما الحلول الجذرية الرسمية غير متوافرة بعد، يتخبط لبنان في ازماته المعيشية اليومية متأثرا بتداعيات الحرب الروسية على اوكرانيا. فقد أعلن وكيل المطاحن في الجنوب علي رمال، أن المطاحن أوقفت اليوم تسليم أفران المناقيش ومخابز المرقوق والباتسيري كمياتهم المقننة أصلاً من الطحين، والتي أقفل البعض منها اليوم أبوابه والقسم الأكبر سيقفل خلال الـ 48 ساعة المقبلة. وأشار إلى أن التسليم اقتصر فقط على أفران الخبز العربي، بموجب بونات صادرة من وزارة الاقتصاد، وهذا الأمر خلق بلبلة وهلعاً وإرباكاً في السوق الجنوبي، وخصوصاً أن آلاف العائلات تعتاش من هذا القطاع الحيوي، وقد أصبحوا اليوم مهددين في لقمة عيشهم. وناشد وزير الاقتصاد، إيجاد آلية معينة ليستفيد هذا القطاع، ولو كان الأمر بالتخفيف من حصص الأفران الكبيرة، وإيجاد حل عادل ما بين قطاعي الخبز والمناقيش، مع العلم بصعوبة الوضع وقلة كميات القمح المتوافرة".
تقنين الطحين: بدوره، قال وزير الصناعة جورج بوشكيان "بدأنا باتخاذ إجراءات وقائية منذ الأسبوع الماضي لمواجهة أي أزمة مرتبطة بالأمن الغذائي". وقال بوشكيان، في حديثٍ اذاعي "سيتم فتح اعتمادات لبواخر القمح الموجودة في البحر وهناك بواخر قادمة ولدينا مخزون يكفي لفترة شهر ونصف ونعمل على محاولة تمديد الفترة من خلال التقنين على الطحين". وأضاف "نتواصل مع كندا وأستراليا لمحاولة تأمين باخرة قمح كبيرة (نحو 50 مليون طن) ولذلك قررنا التقنين إلى حين وصولها لأن المسافة كبيرة".
الوزير يطمئن: الى ذلك، طوابير البنزين تتمدد وسط مخاوف من أزمة شح طويلة. واثناء جولته ومدير عام وزارة الإقتصاد على الشركات الموزعة للنفط، قال وزير الطاقة وليد فياض "أتينا لطمأنة الناس والكشف على المخزون الذي يكفي 15 يوماً على الأقل". وأكد أن "لا داعي للهلع"، داعيا "للتأكد أنّ المواد تُسلَّم للمواطنين." وعلمت "المركزية" ان الوزير فيّاض طلب تعهّد شركات مستوردي النفط بالتعاون في ما بينها لعدم إفراغ السوق من البنزين والمازوت.... من جهته، افاد مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر، بأننا "ننسق مع وزارة الطاقة في سياسة التتبع وسنكشف اليوم على كمية المحروقات الموجودة في المخازن وفي كل ازمة يظهر في لبنان تجار ازمات." أضاف: فوجئنا ان شركات توزيع المحروقات تقنن في التوزيع انتظارا لصدور الجدول الجديد من اجل الربح الاكبر وطلبنا منهم مضاعفة الكميات في الاسواق للتخفيف من حدة الطوابير.
لا سقف: في المقابل، لفت عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس الى أن الطوابير ستزداد اليوم ولا سقف لسعر صفيحة البنزين والأمر مرتبط بسعر صرف الدولار وسعر برميل النفط العالمي ونحن في حالة حرب وفي وضع استثنائي ولا أحد يعلم إلى أين ممكن أن تصل الأمور. وكان البراكس أكد في حديث صحافي عدم وجود أزمة محروقات على الإطلاق. لكنه لم ينف بالمقابل وجود أزمة على المستوى العالمي، وهذا أمر طبيعي بسبب الحرب وتورط العديد من الدول بها، لكن هذا لا يعني ان البنزين مقطوع. فالشركات لم تتوقف عن الاستيراد وهي تعمل كالمعتاد على تأمين احتياجات السوق، عازيا سبب البلبلةالتي حصلت على المحطات الى تهافت المواطنين لاعتقادهم أن البنزين سينقطع، كما كان يحصل في كل المرات، متوقعا ان تشهد الساعات الـ 48 المقبلة انفراجا واسعا. في غضون ذلك، أعلن ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا ألّا مخرون من المحروقات في لبنان معتبرا ان من مسؤولية الدولة تأمين احتياط نفطي بالدرجة الأولى، واشار الى ان عدد البواخر التي تستوردها الشركات اليوم محدود في ظل الأزمة العالمية. ورفض ابو شقرا تحديد سعر صفيحة البنزين في ضوء العشرة في المئة التي تطالب الشركات المستوردة للمحروقات بزيادتها، لكنه قال إن الأسعار مرهونة ومرتبطة بتلك العالمية آملا تعاونا من قبل الدولة والمعنيين فيها لتحديد آلية العمل.
لبنان يرفض اي اعتداء: على صعيد المواقف من الازمة الاوكرانية، أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي "أن لبنان الذي عانى من إجتياحات وحروب على مر تاريخه متمسك بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ولا يقبل اي اعتداء على سيادة اي دولة وسلامتها، ويعتبر ان المشكلة بين روسيا واوكرانيا تحل بالمفاوضات وليس بالخيارات العسكرية". موقف الرئيس ميقاتي جاء خلال استقباله اليوم في السراي الحكومي وفدا من "حزب الشعب الاوروبي"الذي يضم نوابا وبرلمانيين منتخبين في مختلف مجالس نواب وبرلمانات الدول الاوروبية. رأس الوفد النائب الفرنسي في المجلس الأوروبي فرانك بروست وضم ٣٠ نائباً وشخصية يمثلون ١٦ بلداً أوروبياً.
وفد اوروبي: بعد اللقاء قال النائب بروست "زيارتنا للبنان تتمحور حول درس الإمكانات المتوافرة لدى أوروبا من أجل مساعدة أصدقائنا اللبنانيين بشكل أفضل، في ظل تحديات جيوسياسية راهنة تجعل الوضع في أوروبا أكثر حساسية، خصوصاً في ما يتعلق بالنزاع في أوكرانيا وتداعياته على أوروبا، وهي تداعيات بدأت تظهر بشكل مباشر على مسألة الأمن الغذائي في لبنان. تابع: نحن نعمل على محاور وقضايا أساسية ثلاث، أولها الأجندة السياسية في لبنان والتي تتضمن جملة إستحقاقات مفصلية منها الإنتخابات النيابية في 15 أيار المقبل، والإنتخابات البلدية والإختيارية التي أُرجئت نحو سنة، إضافة الى الوضع الإقتصادي عبر قناة المفاوضات الجارية بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وهي مفاوضات تتسم ببعض التعقيدات تمهيداً لحصول لبنان على قروض إضافية، من دون أن نغفل الإشارة الى تدهور سعر صرف العملة الوطنية، ما يتسبب بصعوبات كبيرة بالنسبة الى الشعب اللبناني، كما أن هناك أيضاً مسألة العلاقات بين لبنان وعدد من دول الخليج العربي. وختم: على رغم كل التعقيدات التي أشرنا اليها، فنحن على إستعداد للمساهمة في إتخاذ القرارات المناسبة لمساعدة أصدقائنا اللبنانيين بشكل مستدام، لكن من المهم جداً أن تتفهم مجموعة الشركاء السياسيين ما يحدث في بلدكم".
الميغاسنتر: من جهة اخرى، عقدت اللجنة الوزارية المكلفة بحث مدى إمكانية اعتماد "الميغاسنتر" في الانتخابات النيابية لعام ٢٠٢٢، اجتماعاً عند الرابعة عصرا، في وزارة الداخلية والبلديات. وقبل الاجتماع، وعشية عرض نتائجه على مجلس الوزراء الخميس، التقى ميقاتي وزير الداخلية بسام مولوي وعرض معه شؤون وزارته وملف "الميغاسنتر". وقال الوزير مولوي: أكد دولة الرئيس وأنا تأييدنا انشاء "الميغاسنتر" كخطوة اصلاحية ضرورية للمواطنين والانتخابات، إنما هناك ثلاث عقبات قانونية ولوجستية ومالية. طلب دولة الرئيس ان تتشكل ضمن اللجنة الوزارية التي ستجتمع بعد ظهر اليوم ثلاث لجان فرعية هي اللجنة القانونية لدراسة الأمور القانونية وإيجاد الحلول لها، وفي حال إستقر رأي اللجنة على وجوب تعديل قانوني، اعداد مشروع القانون فورا ورفعه الى مجلس الوزراء لأخذ الموقف القانوني والدستوري منه،ثم احالته الى مجلس النواب .وبالتوازي تجتمع اللجنة اللوجستية لايجاد الحلول اللوجستية ولبيان مدى امكان تنفيذ الميغاسنتر في الوقت المتبقي. كما ان وزير المال موجود لبيان مدى امكانية تلبية الحاجات المالية لانشاء الميغاسنترفي هذا الوقت الضيق. شدد دولة الرئيس ، كما شددت أنا على عدم تأجيل الانتخابات ولو دقيقة واحدة. نحن نؤكد ان الميغاسنتر خطوة اصلاحية لكن الاهم هو عدم تأجيل الانتخابات. يجب ايجاد الحلول القانونية ورفعها الى مجلس النواب عند الاقتضاء بالسرعة الممكنة ، وفي الوقت نفسه العمل على البحث في مدى امكانية التنفيذ اللوجستي وايجاد التمويل المناسب.
ترحيب بأي لقاء عربي: على صعيد آخر، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان "الظروف الراهنة في الشرق الاوسط وفي العالم بأسره، تحتم أكثر من اي وقت مضى تضامنا بين الدول العربية وتعزيزا لوحدة الموقف بعد التباعد الذي حصل خلافا لميثاق جامعة الدول العربية، والاعتبارات التي تفرض اجتماع العرب على كلمة واحدة"، وأكد أن "لبنان لطالما عمل من اجل جمع العرب وإزالة الاسباب التي ادت الى تفرقهم وهو بالتالي يرحب بأي لقاء عربي جامع".
الورقة الكويتية: موقف الرئيس عون جاء خلال اسقباله ، في حضور وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبد الله بو حبيب، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج في الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية رمطان لعمامرة الذي سلمه رسالة خطية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حول الاوضاع العربية والتحضيرات الجارية لعقد القمة العربية التي تستضيفها الجزائر. وعما اذا "تم البحث في المبادرة الكويتية المتعلقة بالحوار اللبناني- الخليجي إذ أن ذلك يعتبر من شروط نجاح القمة العربية في الجزائر، فهل سيكون هناك "تصفير" للمشاكل بين الدول العربية لانجاح هذه القمة"؟ أجاب: لقد زرت لبنان مؤخرا كما أن الرئيس عبد المجيد تبون قام بزيارة رسمية الى الكويت الشقيق واستمعنا الى ما تفضل به أخواننا في الكويت من شرح حول هذه المبادرة المباركة التي نؤيدها ونتمنى لها النجاح. ونعتقد ان الساحة السياسية اللبنانية تأخذ هذه المبادرة على محمل الجد ونحن متفائلون في هذا الصدد.
بو صعب: الى ذلك، اشار النائب الياس بو صعب بعد زيارة بعبدا الى انه لمس من الرئيس عون ان الاستحقاق الانتخابي النيابي "يكتسب اهمية خاصة هذه السنة بالنظر الى الدور الملقى على عاتق مجلس النواب في المرحلة المقبلة في وقت يعمل لبنان على انجاز الخطط الايلة الى بدء مسيرة النهوض والتعافي الاقتصادي والمالي، ناهيك بالاستحقاقات الاخرى". وأوضح انه شرح موقفه من الترشح الى النيابة لدورة جديدة والاسباب التي جعلته يتريث مؤكدا انه لمس تفهم الرئيس عون لموقفه. وقال: "اكدت لفخامة الرئيس اني باق دائما الى جانبه لمتابعة الملفات التي يعمل عليها لأن انجازها يعود بالامل الى اللبنانيين، ويحقق لهم تطلعاتهم. وخلال النقاش وجدت ان لفخامة الرئيس كل الحرص على اجراء الإنتخابات في موعدها". وأضاف: "اما في ما يتعلق بموضوع الترسيم الحدودي فإن فخامة الرئيس متمسك بالحقوق اللبنانية ويضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، انطلاقا من قسمه الدستوري وتمسكه بالسيادة اللبنانية التي تحكم الاداء الرئاسي ومن قناعته ان هذا الملف يحتاج الى توافق وطني لأهميته وانه سيتابع الملف منعا لمزيد من هدر الوقت من اجل الوصول الى قرار يحظى باجماع وطني ايا يكن هذا القرار".
الاعتداء على ناشطين: وسط هذه الاجواء، حصل اعتداء على ناشطين، عُرف من بينهم شفيق بدر ونيللي قنديل، في معرض بيروت الدولي للكتاب، بعد احتجاجهم على صور وُضعت أمام بعض الأجنحة في المعرض لقائد فيلق القدس السابق اللواء قاسم سليماني. وأفيد أنّ الاعتداء بالضرب حصل بعد دخول ثلاثة ناشطين الى المعرض عند الواجهة البحريّة لمدينة بيروت، وعبّروا عن استيائهم من انتشار الأعلام الإيرانيّة وصور اللواء قاسم سليماني أمام عددٍ من الأجنحة، وبدأوا بإطلاق هتاف "بيروت حرّة حرّة، إيران طلعي برّا". وحينها، قام عددٌ من الشبّان بالاعتداء عليهما، وقد تعرّض بدر لضربٍ شديد كما أُخذ منه هاتفه الخلوي وسُحب الى خارج المعرض. وحضرت قوّة من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي الى المكان وباشرت تحقيقاتها، في وقتٍ تداعى ناشطون للحضور الى المكان للتضامن مع المعتدى عليهم.