العالم تحت "حجر صحي"..متى تنتهي القيود؟
لجأت عشرات من دول العالم، إلى فرض حجر صحي أو قيود على تنقل مواطنيها، مؤخرا، في مسعى للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) الذي أصاب ما يقارب نصف مليون إنسان في العالم، وأدى لوفاة أكثر من 19 ألف مصاب.
وبعدما أضحى أكثر من ملياري إنسان تحت قيود الحجر الصحي في مختلف مناطق العالم، تراهن الحكومات على إجراء التباعد الاجتماعي، لأجل كبح الوباء، لاسيما بعدما تحسن الوضع في الصين، حيث ظهر الفيروس لأول مرة، أواخر العام الماضي، ثم انحسر فيها، على نحو ملحوظ، خلال الآونة الأخيرة.
ويتساءل كثيرون حول مدة "الحجر الصحي"، وهل سيستغرق عدة أسابيع أم أشهرا وأعواما، نظرا لحاجة أي لقاح محتمل ضد الفيروس إلى مدة تتراوحُ بين سنة و18 شهرا، بحكم حاجة المختبرات إلى تجارب مكثفة لرصد أي مضاعفات جانبية محتملة.
وفي الهند، فرضت السلطات حجرا صحيا على مواطنيها الذين يصل عددهم إلى 1.3 مليار نسمة، ولن يكون بمقدور أي شخص أن يغادر البيت إلا في حال كان ذلك ضروريا، لكن أسئلة تطرحُ في الهند ودول أخرى، حول ما إذا كان الإجراء الصارم سيؤتي ثماره على غرار النموذج الصيني، وفق ما ذكر موقع "نيوز أطلس".
النموذج الصيني "الملهم"
في 23 من يناير الماضي، بدأت الصين حجرا صينيا شاملا، على نحو لم يشهده العالم من ذي قبل، فأقرت قيودا على الدخول والخروج من مدينة ووهان، بؤرة انتشار فيروس، ووجد 11 مليون من سكان الحاضرة، أنفسهم عاجزين عن التنقل بحرية، وتم وقف المواصلات العامة، ولم تسمح السلطات بالخروج إلا لأغراض الضرورية من قبيل التزود بالطعام والدواء.
واعتمدت المدينة بشكل كبير على خدمات توصيل الطعام إلى البيوت، مع تشديد الإجراءات التي امتدت لتشمل إقليم هوبي، وسط البلاد، وفي هذه الفترة، صار أكثر من 500 مليون نسمة في الصين، تحت وطأة قيود التنقل.
ويبدُو أن هذه الإجراءات قد آتت ثمارها، حتى الآن، ففي 19 من مارس، لم تسجل السلطات الصينية أي إصابة محلية بفيروس كورونا، أما المصابون الجدد الذين يتم رصدهم بأغلبهم عائدون من خارج البلاد.
وتبعا لذلك، فإن شهرين من الحجر الصحي الصارم كانا كافيين لتحقق الصين تقدما ملموسا في مكافحة الوباء، وأضحت تعمل في الوقت الحالي على تخفيف القيود بإقليم هوبي الذي لم تسجل بعض مناطقه أي إصابات جديدة منذ أسبوعين.
وفي حال لم تسجل سلطات إقليم هوبي إصابات جديدة، خلال الأيام المقبلة، فإن قيود التنقل قد يجري رفعها بدءًا من الثامن أبريل المقبل، حتى وإن كان كثيرون يخشون من "انتكاسة" في حال عادت حركة الناس إلى سابق عهدها.
مخاوف الانتكاسة
وكشفت تقرير صادر عن جامعة "إمبريال كوليدج" في لندن، أن إجراءات التباعد الاجتماعي التي عملت بها الصين أثبتت نجاحها في احتواء فيروس كورونا، واستبعدت أن يؤدي تخفيف القيود إلى عودة الوباء للتفشي.
واعتمد التقرير البريطاني على أرقام الإصابات في إقليم هوبي، وقاست منحى الإصابات، في ظل الحجر الصحي، ومرحلة إزالة القيود بشكل تدريجي لأجل إعادة الحياة إلى ما كانت عليه في المنطقة الصينية.
وأوضح الباحث ستيفن ريلي، وهو أحد المشاركين في إعداد التقرير العلمي، "لا نعرف ما سيحدث في الصين خلال الفترة المقبلة".
وأورد التقرير أن تخفيف قيود التنقل الصارمة في الصين، أظهر أن الوباء لا يعودُ إلى التفشي على المدى القريب، لكن هذه الطمأنة العلمية ما زالت مشوبة بالحذر.
وفيما تحاول دول كثيرة في العالم أن تستفيد من التجربة الصينية، يقول خبراء إن "استنساخ" هذا النموذج الناجح ليس أمرا سهلا، نظرا إلى الإمكانيات المهمة للبلد الآسيوي، فضلا عن صرامتها في تنفيذ الإجراءات، ولذلك، جنت الثمار في مدة تقارب عشرة أسابيع.
وكشفت دراسة صادرة عن جامعة سيدني الأسترالية، مؤخرا، أنه في حال امتثل 80 في المئة من سكان البلاد لإجراءات التباعد الاجتماعي لمدة لا تقل عن أربعة أشهر، فإن أستراليا ستحتاجُ إلى 13 أو 14 أسبوعا حتى تحتوي الوباء، أي في حال بدأ التباعد، اليوم، فإنه سيؤتي ثماره في يوليو المقبل، وهو ما يعني أن مقام الناس في بيوتهم سيكون أطول مما يعتقدون.