استياء سنيّ من التعاطي الرئاسي: "من الصلاحيـــات الى الكرامات"
حزب الله: اتفاق سياسي شبه نهائـــي على الخطيب... ولكـــن
البنك الدولي يستطلع المخاطر وتعزيزات عسكرية اميركية الى المنطقة
المركزية- لم يكن ينقص الدولة الغارقة في وحول التخبط والفساد، سوى شتوة ساعات لم تتعد اصابع اليد، لتزيدها غرقاً في برك المياه والعجز والتلكؤ عن تنفيذ ادنى موجباتها تجاه المواطنين الذين حوصروا لساعات في سياراتهم بفعل امطار لم تكن مفاجئة او مباغتة، لا في توقيتها ولا في غزارتها، بل سبقتها مؤشرات وافية كان يفترض ان تكون كافية لاتخاذ تدابير "الحيطة والحذر". لكن، وكالعادة، تجاهلت "بقايا الدولة" واجباتها فعامت الطرقات لتجرف الامطار الغزيرة معها أشلاء الدولة المفككة التي مضى عليها خمسون يوما تصارع ثورة شعبية ضد فساد مسؤوليها وتعجز عن تشكيل حكومة نظيفة يطالب بها الشارع بعد شهر ونيف على استقالة "الى العمل".
اولويات الحكومة: وغداة دعوة رئاسة الجمهورية الى الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين المقبل، انكفأت الحركة السياسية عن الساحة في شكل شبه تام، أقلّه في العلن. اما في المواقف، فأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان اولويات الحكومة العتيدة ستكون تحقيق الاصلاحات الضرورية في مختلف القطاعات واستكمال عملية مكافحة الفساد وتصحيح الاعوجاج والخلل في عمل ادارات الدولة ومؤسساتها. وشدد امام وفد من نقباء المهن الحرة، على اهمية اعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها، داعيا نقباء المهن الحرة، كل في مجاله، الى العمل لتحقيق هذا التوجه، معرباً عن امله في ان تتشكل الحكومة في اسرع وقت ممكن لتبدأ في معالجة المشاكل التي تحتاج عناية واهتماما سريعين، لاسيما منها عودة الثقة بين الدولة والمواطنين تعزيزا للوحدة الوطنية التي تبقى الاساس في قيام الدولة من كبوتها. وركز على اهمية التعاون بين نقباء المهن الحرة والمسؤولين في مختلف الوزارات وضرورة عقد اجتماعات مشتركة تتخللها ورش عمل تطرح كل القضايا العالقة.
رئاسة الحكومة مُختطفة:: في الأثناء، واصلت القيادات السنية السياسية منها والروحية، حملتها على مسار التكليف والتأليف الذي رأت فيه مخالفة واضحة للدستور، فغداة موقف رؤساء الحكومات السابقين، اكد رئيس المركز الاسلامي للدراسات والاعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط لـ"المركزية" "ان الطريقة التي تحصل فيها عملية التكليف والتأليف تؤكد ان رئاسة الحكومة "مُختطفة" من قبل العهد وبوهج السلاح، وعون وباسيل يصرّان على نسف الدستور"، واشار الى "ان بيان رؤساء الحكومات السابقين امس يُعبّر عن حقيقة موقف الشارع الاسلامي". واسف "لان عون وباسيل اصبحا جزءاً من المشروع الايراني في المنطقة، وهما في الوقت نفسه يطلبان الدعم العربي والدولي".
المشنوق: وليس بعيدا، اعتبر النائب نهاد المشنوق ان "رغم كل المبررات التي أعطيت عن التكليف قبل التأليف الا ان هذا يعتبر مخالفة للدستور، لافتا الى أن الامور تجاوزت مسألة صلاحيات رئاسة الحكومة لتصل الى الكرامات. ورأى المشنوق، بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أن المطلوب حكومة مصالحة "أي المصالحة مع الناس ومع العرب والغرب لأن الحصار سببه وجود مشكلة أو صدام أميركي ايراني في المنطقة". واشار الى أنه طرح على المفتي عقد اجتماع للمنتخبين من كل الفئات للتشاور واعتماد المعايير التي وضعها الحريري لتشكيل الحكومة.
حزب الله حذر: ومع ان "الاتّفاق" الحكومي تكليفاً وتأليفاً (حكومة تكنوسياسية) قد حصل مبدئيا بين القوى السياسية المعنية على تسمية الخطيب، اكدت مصادر مقرّبة من حزب الله لـ"المركزية" "ان لا احد يضمن الغد على رغم ان الاتّفاق على الخطيب بات شبه نهائي"، ولفتت الى "ان الظروف ساعدت الخطيب على جمع القوى الرئيسية حول اسمه كما ان التوافق الخارجي عليه تأمّن من خلال الاجتماع الثلاثي الاميركي-البريطاني-الفرنسي الاخير في باريس، حيث اجمع ممثلو هذه الدول على اهمية الاستقرار في لبنان من خلال عودة الانتظام الى عمل المؤسسات الدستورية".
ضحية جديدة: وفي انتظار الفرج السياسي، تستفحل الازمة الاقتصادية وتتفاقم، وقد حصدت اليوم ضحية جديدة حيث أقدم نزيه عون البالغ من العمر 56 سنة على الانتحار في بلدة تبنين الجنوبية، وأشارت المعلومات الى أن عون يعمل في مهنة "التوريق" لكنه يعاني من البطالة وهو من دون عمل منذ مدة.
نأمل ان تصل الرسالة: وفي المواقف الدولية من الازمة، قال نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، إن إيران وعلى غرار تدخلها في السياسات الداخلية العراقية، تتدخل في السياسة في لبنان، داعيًا سياسيي لبنان إلى استيعاب رسالة الشارع. وأوضح هود، أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تعلق المساعدات التي أقرها الكونغرس للبنان. وجاء في إفادة لهود خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حول العراق ولبنان، الأربعاء، أنّ "إيران سببت مشاكل ليس فقط في السياسات الداخلية في العراق وإنما في لبنان أيضًا، فدعمها لحزب الله جعل هذه المجموعة تضع مصالحها فوق مصالح البلاد". وأكَّد، أنّ لبنان "قادر على أداء اقتصادي أفضل بكثير، ولكن ذلك يستدعي إصلاحات اقتصادية، بعضها بسيط وبعضها يتعلق بجمع القمامة مثلا". وتابع، إنّ "الحكومة اللبنانية لا توفر للمواطنين الخدمات التي يحتاجون إليها"، مذكرًا بالاحتجاجات التي اندلعت في السابق بسبب تكدس النفايات. وتوقّف هود، عند دعوة الرئيس ميشال عون لبدء استشارات نيابية ملزمة لتشكيل حكومة جديدة، وقال، "ليس واضحًا إلى متى تستمر، لكن الإنسان يأمل أنّ السياسيين وصلتهم رسالة الشارع وبدأوا العمل بجدية على الإصلاحات". وعن المساعدات الدولية المخصَّصَة للبنان، قال المسؤول الأميركي، إنّ "هناك أكثر من 11 مليار دولار تنتظر، ولكن لا توجد حكومة غربية مستعدة لإنقاذ لبنان إذا لم يستوعب السياسيون رسالة الشارع".
البنك الدولي: في الموازاة، عرض وزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل مع المدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومارجاه والمدير العام للشؤون المالية والتنافسية والابتكار الفونسو جارسيا مورا يرافقه وفد، الأوضاع الراهنة واستطلاع المخاطر جرّاءها. ونقل الوفد للوزير خليل تأكيد البنك الدولي واستعداده للمساعدة ودرس تأثيرات الأزمة التي يمرّ بها لبنان على الطبقات الفقيرة والسيناريوهات المطلوبة لمواكبتها وطريقة المعالجة وسبلها.
القضاء الاعلى: وكان رئيس الجمهورية واصل في قصر بعبدا لقاءاته مع مختلف الهيئات والاتحادات للاطلاع على اوضاعها ومعالجة الشؤون المتعلقة بها. واستقبل في هذا السياق، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود واعضاء المجلس، المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، والقضاة هيلانة اسكندر وماهر شعيتو وايليان صابر وكلود كرم وسهير الحركة. وتم خلال الاجتماع عرض اوضاع القضاء وعمل المحاكم ودور الجسم القضائي في عملية مكافحة الفساد والخطة الواجب اعتمادها، اضافة الى اعداد دراسة لادخال تعديلات على قانون العقوبات لاسيما ما يتعلق منها بعمل المحاكم. وبعد الاجتماع اوضح عبود ان البحث تناول كل ما يتعلق بعمل القضاء وامكانيات تفعيل العمل القضائي، كما عرضنا مع الرئيس عون ما قمنا به حتى الآن وخطة العمل التي وضعناها لاستنهاض العمل القضائي. واستمعنا الى توجيهاته في هذا المجال".
تعزيزات اميركية؟: اقليميا، أوردت صحيفة وول ستريت جورنال أن الإدارة الأميركيّة تعتزم تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط لمواجهة التهديد الإيراني، فيما نفى البنتاغون هذه المعلومات. وكتبت الصحيفة أن الولايات المتحدة نشرت منذ الربيع 14 ألف جنديّ أُضيفوا إلى حوالى 70 ألف عسكريّ متمركزين أصلاً "لضمان الأمن في المنطقة". ونقلت وول ستريت جورنال عن مصادر لم تُسمّها، أنّ الرئيس دونالد ترامب قد يُعلن رسميا خلال الشهر الحالي مضاعفة التعزيزات التي تم نشرها منذ أيار. كما أن البنتاغون قد يرسل أيضا إضافة إلى هذه القوات عشرات السفن الحربية الإضافية.