Oct 27, 2024 11:30 AM
خاص

"يوم الحساب" تستوعب "سهام الشمال"؟... الأهم ان تطوي سابقاتها!

طوني جبران

المركزية - منذ ان اطلقت "حماس" عملية "طوفان الاقصى" صباح السابع من تشرين الاول العام الماضي والرد الاسرائيلي عليها عصر ذلك اليوم بعملية "السيوف الحديدية" قبل ساعات قليلة على ملاقاتهما من جانب "حزب الله" في اليوم التالي بعملية "الاشغال والاسناد"، لم يغب طيف طهران عن مجرى العمليات العسكرية في محطات عديدة منها، وصولا الى تحميلها مسؤولية ما حصل يوما بعد يوم، على خلفية ما اعلن بأن الحرب التي انخرط فيها "حزب الله" اولا قبل ان تنضم ساحتي العراق واليمن اليها في وقت لاحق على أنها عملية ايرانية في أساسها لمجرد انتساب هذه القوى جميعها الى "محور الممانعة"، وهم ممن تبنوا نظرية "وحدة الساحات" على مساحة دول شرق المتوسط وصولا الى العراق ومنها الى اليمن وما بين مضيق باب المندب على بوابة البحر الأحمر ومضيق هرمز على بوابة بحر العرب.

على هذه الخلفيات، كشفت مراجع ديبلوماسية وسياسية لـ "المركزية" في قراءتها لمجمل التطورات العسكرية المتلاحقة خلال الأشهر الثلاثة عشرة الاخيرة ان الولايات المتحدة واسرائيل ومعها دول "الحلف الدولي" الداعم لهما تراجعت بشكل متدرج عن منح طهران "صك البراءة" الذي اهدتها اياه واشنطن في الأيام الأولى لعملية الطوفان قبل أن تعفيها تل أبيب من الذيول التي ترتبت على مسلسل العمليات العسكرية, وهي عملية لم تقنع أحدا من الحلفاء والخصوم على حد سواء وخصوصا عندما صدحت بعض المواقف التي اطلقها قادة من الحرس الثوري الإيراني التي اعتبر احداها ان عملية السابع من تشرين كانت انتقاما لاغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني في بغداد قبل سنوات عدة قبل ربطها بحالة القهر التي يعيشها الفلسطينيون وحصار غزة.

لم تدم موجة الإعفاءات لطهران طويلا وخصوصا عندما سارعت قوى "محور الممانعة" الى "تبخير" الدعم الإيراني للحزب والحركة في المواجهة المفتوحة مع اسرائيل ليس من باب اشراك إيران في المعركة إنما من باب توجيه الرسائل الى الدول العربية والخليجية منها بنوع خاص ولاسيما تلك التي عقدت "الاتفاقيات الإبراهيمية" مع تل ابيب، الى ان انخرطت مجددا طهران في العمليات العسكرية بعد الغارة على مقر القنصلية الايرانية في دمشق في الأول من نيسان الماضي وانتهت الى اغتيال أكبر خمس جنرالات ايرانيين فكانت ردة فعل ايران في 13 منه باطلاق مجموعة الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه اسرائيل ولم يصل سوى 5 % من عددها من دون أي فاعلية.

إزاء هذه المحطات التي لا يمكن تجاهلها عند الحديث عن تطور العلاقات بين تل أبيب وطهران، قالت تقارير ديبلوماسية اطلعت "المركزية" على بعض عناوينها إن وساطة قامت بها دولة اقليمية تقف على خط وسطي بين طهران وواشنطن اقترحت على مسؤولي الدولتين صيغة يمكن أن تدفع بواشنطن الى ادارة العلاقة بين طهران وتل أبيب بطريقة تحفظ مصالح الأطراف الثلاثة انطلاقا من قناعة ايرانية تولدت لديها بان القيادة الحالية تخشى من توفير الظروف التي تعيد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الى البيت الابيض إن وقعت "الحرب الشاملة" وان النظام الايراني مستعد للتشاور في اي صيغة تضمن بقاء الديمقراطيين فيه.

كما كشفت تقارير مماثلة ان هناك من حمل هذه العروض لترميم جسور العلاقة بين طهران وواشنطن بما يضمن حفظ ماء وجه الاولى التي تريثت في الرد مجددا على اغتيال ضيفها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها. وعبرت عن استعدادها لكل ما يضمن مصالح إيران والادارة الاميركية الحالية الراغبة بالبقاء في البيت الأبيض. ولما أرضت هذه المعادلة الطرفين المعنيين اصطدمت بالتصلب الاسرائيلي على خلفية ما يريده رئيس حكومتها لجهة عودة ترامب الى البيت الابيض، ما دفع الى عملية توزيع أدوار بين طهران وواشنطن.

انطلاقا من هذه المؤشرات، بدأت واشنطن بممارسة ضغوطها على تل أبيب من خلال تقنين تسليمها انواعا من الأسلحة الثقيلة التي كانت تطالب بها وتلك التي يحظر استخدامها في قصف المناطق المدنية بعدما فعلت هذه الاسلحة فعلها من مجازر في غزة واسهمت في تشويه صورة اميركا وحلفائها. ولكن ما لم يكن في الحسبان أن نتنياهو الذي ارفق خطابه الناري من على منصة الامم المتحدة بقرار اغتيال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من مقره في نيويورك قد اسقط التعهدات السابقة، ولكنه دفع بالعواصم التي ترفض توسيع الحرب وبمواجهة ايرانية – اسرائيلية مباشرة الى جمع جهودها. ولما واجهتها إيران باصرارها على الرد مرة ثانية في الثالث من الشهر الجاري ردا على اغتيال هنية ونصرالله وقادة ايرانيين ولما قدمت عرضا عسكريا مقلقا بحيث ان الترسانة التي خصصت للرد على صواريخها ومسيراتها لم تنجح كما في المرة السابقة، دفعت واشنطن وحلفائها بشكل غير معلن بحصر أي رد اسرائيلي نهائي بطريقة لا يستدرج إيران الى الرد على الرد. وهو ما حصل بالامس بمعايير رسمتها الادارة الأميركية بدقة متناهية عندما حظرت على اسرائيل الأهداف غير العسكرية ومن دون المس بالمنشآت النووية والنفطية وهو ما التزمت به اسرائيل.

وختاما لفتت المصادر الديبلوماسية الى ان ليس من الضروري البحث والتعمق في حجم الاهداف الايرانية التي اصيبت، ذلك ان الأهم لدى واشنطن وحلفائها ان تستوعب عملية "يوم الحساب" عملية "سهام الشمال" ومعها العمليات السابقة جميعها عندما تلتزم ايران بعدم الرد. وأن الترددات الساخرة التي تركتها في ايران لا بد منها لتبرر التوصل الى قرار من هذا النوع ولابد من السماح للحكومة الإسرائيلية بالتباهي بالعملية بما يحفظ هيبتها امام شعبها المنهك مما يسمونه الفشل المتمثل في حرب غزة وجنوب لبنان. وان ضمنت هذه المعادلة ان تمر الانتخابات الاميركية فهي كافية، ومن بعدها ستكون الصورة أوضح. الم يلاحظ الجميع أن مرشحي الحزبين يتسابقان لكسب ود اليهود الاسرائيليين والاميركيين على حد سواء، وأن أي تغييرات كبرى لن تتلسمها تل أبيب من وصول أي منهما الى البيت الابيض؟

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o