حرب ميدانية وحملات إعلامية على أهالي الشريط..."بين فكّي النار ولن نغادر"!
جوانا فرحات
المركزية – ليس ما كُتِب ويُكتَب عن واقع الميدان في قرى الشريط الحدودي مقارباً للواقع وليست النوايا التي يسعى البعض لجعلها حقيقة على أرض الواقع إلا مجرّد "نوايا خبيثة" لأن الحقيقة وحدها في يد أهالي وأبناء الشريط الحدودي الذين يصرّون على البقاء وعدم مغادرة أراضيهم وبيوتهم وأرزاقهم وذكرياتهم.
التطورات الميدانية تتسارع والمعادلة. فالإنذرات التي تلقاها أبناء قرى رميش ودبل وعين ابل فرضت مشهدا جديدا. أبناء عين ابل نزحوا إلى رميش أولا ولاحقا إلى بيروت بمؤازرة الجيش اللبناني لكن ثمة عائلات بقيت في رميش. وما الصرخة التي أطلقها أبناء عين ابل من الصرح البطريركي إلا تعبيرا عن رفضهم التحول إلى نازحين في وطنهم، يعيشون على المعونات، كما ناشدوا البطريرك الماروني بشارة الراعي أن يحمي وجودهم وحقهم في البقاء على أرضهم.
في دبل التي شيع أبناؤها عائلة مؤلفة من الأب والأم والإبن الوضع دقيق، خصوصا أن الصاروخ الذي سقط على منزل العائلة لم يكن إسرائيليا بحسب مصادر خاصة معنية لـ"المركزية" ويبدو انه أخطأ الهدف بسبب خلل ما أدى إلى سقوطه على أحد المنازل "وهذه الأخطاء تحصل في سياق الحروب". لكن يبدو أن "الأخطاء" تتكرر بعد سقوط 3 صواريخ على بلدة رميش التي وصلت إلى تخومها الدبابات الإسرائيلية كما نقل الإعلام الإسرائيلي في الأمس، "لكن لا معلومات مؤكدة إذا ما كانت هذه الصواريخ تستهدف البلدة أم سقطت عن طريق الخطأ" تقول مصادر معنية، والخشية من أن تتكرر هذه الأخطاء بحجة استهداف القوات الإسرائيلية التي تمركزت عند أطراف بلدة رميش ".
حتى الآن لا تزال القوات الإسرائيلية متمركزة عند أطراف بلدة رميش ولم تدخل البلدة وترجح المصادر ان يكون هذا التمركز لمنع حصول أية عملية تسلل لمقاتلين من حزب الله خصوصا أن رميش تقع عند حدود بلدة عيتا الشعب. وإذ تشدد المصادر على حالة الخوف والهلع والرهبة لدى سكان بلدة رميش التي لم تسلم منذ يوم أمس من الحملات التي تشنها مجموعات الممانعة عبر وسائل التواصل الإجتماعي متهمة أبناء البلدة بالعمالة بسبب عدم مقاومتهم للقوات الإسرائيلية التي وصلت إلى تخوم البلدة إضافة إلى الأخبار "الكاذبة" التي تم تداولها ليل أمس عن نزوح أهالي رميش بمؤازرة الجيش، تؤكد هذه المصادر لـ"المركزية" أن ما أشيع يهدف إلى خلق حالة من الهلع والترهيب وحث الأهالي على مغادرة بيوتهم. لكن أهالي رميش صامدون في أرضهم والأهالي الذين شوهدوا وهم يخرجون في سياراتهم من البلدة بمؤازرة الجيش اللبناني توجهوا إلى بيروت لشراء المواد الغذائية والمؤن والطحين ومعلوم أن أبناء رميش ما عادوا يتنقلون خارج حدود البلدة إلا بمؤازرة الجيش اللبناني.
أيضا ما عزز "نظرية" نزوح أهالي رميش يوم أمس خروج عدد من السيارات التي تقل عائلة أحد أبناء البلدة الذي توفي في بيروت وذلك للمشاركة في الجنازة وقد عادوا صباح اليوم وفق المصادر.
مراسلو وسائل الإعلام التابعة لقنوات عربية ما عادوا يملكون حرية التحرك وتلقي المعلومات وحتى نقلها مباشرة إلا عبر الواتساب والسبب يعود بحسب المصادر إلى التطورات الميدانية المتسارعة على الأرض وتوغل القوات الإسرائيلية وتمركزها في عدد من القرى الجنوبية، وثانيا بسبب مشكلة انقطاع شبكة الاتصالات "ألفا" بشكل كامل لمدة تزيد عن الشهر، وهو أمر يثير قلق الأهالي الذين اضطروا إلى التواصل المتكرر مع الشركة المسؤولة لكن من دون جدوى. ويُشير السكان إلى غياب تام للاستجابة من قبل الشركة، حيث تَعتبر الحرب الدائرة في الجنوب سبباً لتأخر التدخل وإصلاح العطل. يُذكر أن الظروف المشابهة تعرضت لها القرى المحاذية، حيث توقفت شبكة الاتصالات عن العمل لعدة أيام، لكن سكان تلك القرى نجحوا في إصلاح الأمور بشكل فوري. والشبكة الوحيدة التي تعمل على الشبكة التابعة لشركة "إم تي سي" لا تؤمن الخدمة لأكثر من 1500 شخص ويوجد في البلدة حاليا حوالى 5000 شخص من ضمنهم 900 عائلة من رميش و100 عائلة من عين ابل و4 عائلات من دبل.
في الأمس أعلن المتحدث بإسم القوات الدولية في الجنوب أندريا تيننتي أن الدمار في القرى الجنوبية يثير الصدمة. "حتى صفة الصدمة لا تعبر عن المشهد الحقيقي للدمار فهناك قرى أزيلت عن الخارطة بفعل القصف وهذه الاستراتيجية تعتمدها القوات الإسرائيلية التي تدخل القرى وتعمل على تفتيش المنازل والمخابئ بحثا عن السلاح وصولا إلى الأنفاق ثم تعمد إلى تزنيرها بالألغام وتفجيرها". تشير المصادر إلى أن القرى التي تم تدميرها بالكامل هي يارون ومارون الراس وعيترون وبليدا ومحيبيب وميس الجبل والعديسة ومركبا وحولا وحاليا تتمركز فيها قوات إسرائيلية.وهذه القرى كانت موضوعة على خارطة التوغل كمرحلة أولى والتي كانت محددة ب 2 كيلومتر.
المرحلة التالية شملت القرى المحاذية للشريط الحدودي وهي الناقورة وعلما الشعب والضهيرة ويارين والبستان ومروحين وراميا والقوزح وعيتا الشعب وكلها باتت تحت سيطرة القوات الإسرائيلية ودائما وفق المصادر .
في ما خص رميش، يؤكد سكانها أنهم لم يشاهدوا حتى الآن دبابة إسرائيلية داخل البلدة ويقتصر وجود الآليات عند تخومها. وتشير المصادر إلى احتراق منزل بالكامل في عين ابل نتيجة القصف المتبادل وهناك خوف لدى أهالي رميش من تساقط الصواريخ في البلدة كما حصل في عين ابل كونهم باتوا بين فكي النار بحسب تعبيرهم.
تسارع التطورات في الآونة الأخيرة وبشكل ملحوظ، فرض على المعنيين الإنتقال إلى الخطة باء لتوفير المواد الغذائية والمازوت إضافة إلى المساعدات التي يتلقاها الأهالي من الكنيسة وكاريتاس لدعم من تبقى في قراهم على رغم حاجتهم الهائلة للمساعدات والتي تفوق القدرات المتاحة. وعلى رغم إصرار عدد من المطارنة والكهنة البقاء في القرى المسيحية الحدودية لمساندة من تبقى من السكان، إلا أن الكنيسة لا تضغط على أحد للبقاء، بل تترك الخيار للأهالي لاتخاذ القرار المناسب.
وتختم المصادر" مهما حاولوا سنبقى في أرضنا ونصمد على رغم كل حملات التضليل والتخوين. وتاريخنا يشهد على وطنيتنا".