استعيدوا الدولة
هي فرصة كبيرة للبنان واللبنانيين أن يستعيدوا مفهوم الدولة وكيانها وسيادتها. قد لا تتكرر مرة ثانية؛ فالفرص الكبيرة وهذه الفرصة تمرّ مرة واحدة في التاريخ. تكوّنت قناعة كبيرة وواسعة عند الأكثرية الساحقة من اللبنانيين، سياسيين ومواطنين وفعاليات أن لا ملاذ لنا للخروج من هذه الدوامة المخيفة سوى الدولة ومؤسساتها، دستورية وسياسية وعسكرية وأمنية. هي الملاذ ولا ملاذ غيرها.
المجتمع الدولي تأييده واضح لاستعادة الدولة لدورها، واللبنانيون بدأوا برفع الصوت عالياً مطالبين بالدولة فما هو المطلوب؟
إنّ الخطوة الأساس لهذه الطريق تبدأ من المؤسسات الرسمية وعلى رأسها مجلس الوزراء، ومجلس النواب. فحكومة تصريف الأعمال مطالبة اليوم وبشكل سريع بفرض مفهوم الدولة على الجميع، وترسيخ وجود الدولة في كافة القطاعات. ما حصل في مطار رفيق الحريري الدولي من تكليف للجيش اللبناني بالإشراف الأمني الكامل على حركة الطيران، هو الخطوة الأولى التي يجب أن تتبعها مئات الخطوات المماثلة، في المرفأ، وعلى الحدود البرية، وفي إدارة مراكز إيواء النازحين.
الدولة ليست فقط مقررات، بل هي القدرة على تنفيذ هذه المقررات. المرحلة لا تقبل أنصاف الحلول، ولا أنصاف المواقف، ولا أنصاف الرجال. بل تحتاج إلى موقف حاسم وجازم يضع القانون والدستور سقفاً والالتزام بالنظام والعدالة أرضية لكافة القرارات والتحركات.
لقد آن للبنان أن يستعيد نفسه. لقد آن للمسؤولين أن يكونوا مسؤولين. لا تراجع ولا تنازل عن الدولة والقانون في كلّ ما يحصل وما سيحصل في الأيام المقبلة.
انتصار الدولة هو انتصار لكل اللبنانيين، وليس لفئة ضد فئة أخرى، ولا لمجموعة ضدّ مجموعة أخرى، ولا لحزب ضدّ حزب آخر.
علينا جميعاً أن نقتنع أنّ زمن المحاور انتهى، وزمن الأجندات الخارجية سقط، وأنّ هذا الزمن يجب أن يكون زمن الوطن والمواطنة؛ زمن لبنان لأننا في النهاية كلنا يحمل صفة لبناني بالهوية والمعاش والمعيشة والمستقبل. فاستعيدوا الدولة إنها الفرصة التي لن تتكرر.
البروفيسور إيلي الزير