اسرائيل "تطفئ" أعين الحزب...12 شهيدا و2800 جريح
القطاع الطبي خلية نحل ونصرالله يقول كلمته غدا
مساعدات عربية ونفي اميركي واتصالات دعم
المركزية- ليست مجرد عملية امنية وحرب سيبرانية بين اسرائيل وحزب الله الذي قرر فتح جبهة مساندة لغزة رغما عن انف الدولة ومعظم الشعب اللبناني. هي مأساة انسانية وأكثر. فاجعة اقتلعت أعين وبترت ايادي مئات الشبان اللبنانيين، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي او الطائفي. مئات الشبان انطفأت اعينهم وتحولت دنياهم ظلمة وسوادا خلال لحظة واحدة، فيما يقبع مئات آخرون بين الحياة والموت.
قد يبدو الأمر عادياً ان تبتر ايادٍ او تصاب اعضاء في الجزء العلوي من الاجساد، بالنظر الى ان من انفجرت بهم اجهزة الـ "بيجر" التي فخختها اسرائيل، وهم عناصر في حزب الله، إما يحملونها في اياديهم او يضعونها في جيوبهم،وهو ما يبرر تسمية العملية "تحت الحزام"، الا ان العقول الشيطانية المُدبِرة تقصدت أذية أشدّ وطأة فوق الحزام، اذ عمدت الى ارسال رسالة ليقرأها هؤلاء فتنفجر لحظة القراءة مستهدفة الأعين بالذات، كونها تشكل اعاقات دائمة تحرم اصحابها ممارسة اي نشاط حزبي، ويصيب مخرجو العملية عصفورين بحجر، وهو ما حصل بالفعل.
اسئلة كثيرة ما زالت تطرح حول كيفية حصول الاختراق الاوسع لشبكة الحزب، وأكثر منها تقديرات المحللين حول تفاصيلها وابعادها، لكن الثابت والاكيد ان ما قبل عملية الامس لن يشبه ما بعده في مجال الصراع الدائر في المنطقة، من دون ان يعني ذلك الحرب الشاملة التي تهوّل بها اسرائيل.
استيعاب الصدمة: 24 ساعة مضت، على أوسع خرق امني اسرائيلي لحزب الله وشبكة اتصالاته، التي شكلت منذ سنوات موضع سجال واسع وتسببت بأحداث أليمة بين اللبنانيين من مؤيدي ومناهضي استباحة سيادة الدولة، وما زال لبنان الشعبي والسياسي والرسمي وحزب الله يحاولون استيعاب الحدث الامني غير المسبوق الذي عاشته البلاد امس. اليوم، كان القطاع الاستشفائي خلية نحل في حين سجلت سلسلة اجتماعات لمواكبة الكارثة ومعها اتصالات ومواقف دولية من مجزرة "البايجر" في وقت تتجه الانظار الى الكلمة المرتقبة عصر غد للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
اصابات وشهداء: في الارقام "المخيفة"، أعلن وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض في مؤتمر صحافي عقده بعد الظهر اثر جولة على المستشفيات لمعاينة الإصابات جراء تفجير الـPagers أمس، أن "عدد الشهداء حتى الآن هو 12 من بينهم طفلان (فتاة تبلغ 8 سنوات وشاب 11 سنة) بالإضافة إلى عاملين في القطاع الصحّي، والجرحى ما بين 2750 و2800 مريض (750 في الجنوب و150 في البقاع و1850 في بيروت وهناك 300 مصاب بحالة حرجة). وقال إن "بعض الحالات تمّ نقلها من البقاع إلى سوريا ومنها إلى إيران وأكثر من 90 في المئة من الإصابات تواصل علاجها في لبنان"، موضحاً أن "الإصابات تركزت على منطقة الوجه واليدين ولا تزال هناك إصابات حرجة وتم إجراء 460 عملية للمصابين. ولفت إلى أن "القطاع الصحي أدّى عملاً جباراً وتمكّن من تقديم ردّة فعل مسؤولة من دون الالتفات إلى الماديّات". وأشار إلى أن "حجم الضربة كان كبيراً جدًّا والمستشفيات استقبلت عدداً هائلاً من الجرحى وفي وقت قصير من دون إنذار ووصل العدد إلى ما يقارب 2800 جريح".
بري – ميقاتي: سياسيا، إستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حيث جرى عرض لتطورات الاوضاع السياسية والميدانية، لاسيما بعد العدوان الاسرائيلي الذي استهدف لبنان عصر أمس وأدى الى سقوط عدد من الشهداء واكثر من 2800 جريح . الرئيس ميقاتي اكتفى بعد اللقاء بالقول : "من الطبيعي في هذه الظروف ان اتشاور مع دولة الرئيس نبيه بري بالاوضاع الراهنة تكلمنا وناقشنا كل الامور" .
مساعدات اردنية: ومواكبة للحدث،اعلنت قيادة الجيش ان "بناء على توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، أجرى رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية اللواء الركن الطيار يوسف أحمد الحنيطي اتصالًا بقائد الجيش العماد جوزاف عون، وتم بنتيجته إرسال طائرة تحمل كمية من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى مطار رفيق الحريري الدولي بتاريخ 18 / 9 / 2024، مقدمة هبة من المملكة، وذلك على أثر الاعتداء الآثم من جانب العدو الإسرائيلي، الذي أدى إلى وقوع شهداء وجرحى في مناطق مختلفة. جرى تسلم الهبة بحضور السفير الأردني في لبنان وليد الحديد وممثل العماد قائد الجيش".
نفي اميركي: على صعيد المواكبة الدولية، وفي حين دعت الامم المتحدة محاسبة" المسؤولين عن تفجير أجهزة الاتصال في لبنان، نفى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تقارير أفادت بأن الولايات المتحدة ضالعة أو على علم مسبق بعملية تفجير المئات من أجهزة الاتصال التي يستخدمها "حزب الله" في لبنان. من جهة ثانية، قال بلينكن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري بدر عبد العاطي في القاهرة: "ان وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة هو أفضل وسيلة لمنع المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط. وقال "نعلم جميعا أن وقف إطلاق النار هو أفضل فرصة للتصدي للأزمة الإنسانية في غزة ومعالجة المخاطر التي تهدد الاستقرار الإقليمي"، وفق ما نقلت "فرانس برس".
اتصالات داعمة: ايضا، تلقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي إتصالا من رئيس جمهورية العراق عبد اللطيف رشيد عبّر خلاله عن تضامنه مع لبنان في هذه المحنة التي يمر بها، مؤكدا ان العراق يضع كل امكاناته في سبيل دعم لبنان لتجاوز ما تعرض له بالامس. وقد شكر رئيس الحكومة للرئيس العراقي عاطفته ، مؤكدا ان لبنان يقدر للعراق وقوفه المستمر الى جانبه، كما شكره على ايفاد طاقم طبي وارسال شحنة مساعدات طبية الى لبنان صباح اليوم لدعم جهود الاغاثة. كذلك تلقى رئيس الحكومة اتصالا من وزير خارجية تركيا هاكان فيدان الذي نقل اليه تحيات الرئيس رجب طيب أردوغان وتضامنه مع لبنان في هذا الظرف الصعب واستعداد تركيا لمد لبنان بكل المساعدات اللازمة لتجاوز المحنة الراهنة. وقد عبّر رئيس الحكومة في تصريح عن شكر لبنان وتقديره لكل الدول التي عبّرت عن تضامنها معه في هذه الظروف الصعبة وهي الاردن والعراق وتركيا ومصر وسوريا وايران. كما اشاد رئيس الحكومة بالوحدة الوطنية التي تجلّت بالامس بعد الحادث الجلل الذي حصل، مؤكدا ان هذه الوحدة هي الرد الاقوى على العدوان الاسرائيلي على لبنان وشعبه.
بوريل: وتلقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب إتصالا" هاتفيا في وقت متأخر من مساء أمس من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، الموجود حالياً في زيارة عمل لدولة الامارات العربية المتحدة، حيث وضعه بوحبيب في آخر المعطيات المتعلقة بالهجوم السيبيراني الذي تعرض له لبنان، وما نتج عنه من ضحايا وجرحى. وقد نبَّه بوحبيب من خطورة هذا التصعيد، وجر المنطقة كلها الى حافة الهاوية. كما وعد بوريل بالدعوة الى مشاورات أوروبية لدراسة ما يمكن إتخاذه من خطوات ومواقف تساهم في لجم التصعيد، وخطر الحرب الموسعة.
موقف نصرالله: وعشية موقف نصرالله، وفي بيان اصدره، أكد حزب الله الذي نعى 4 من عناصره، أنه سيواصل اليوم كما في كل الأيام الماضية إسناد غزة وقال:" هذا المسار متواصل ومنفصل عن الحساب العسير الذي يجب أن ينتظره العدو المجرم على مجزرته يوم الثلاثاء التي ارتكبها بحق شعبنا وأهلنا ومجاهدينا في لبنان، فهذا حساب آخر وآتٍ إن شاء الله". أضاف "إنّ ما حصل بالأمس سيزيدنا عزمًا وإصرارًا على المضي في طريق الجهاد والمقاومة".
لجنة الكوارث: وكان رئيس الحكومة اجتمع مع منسق "لجنة تنسيق عمليات مواجهة الكوارث والأزمات الوطنية" الوزير ناصر ياسين والامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء الركن محمد المصطفى واطلع منهما على نتائج اجتماع اللجنة الذي عقد في السراي.
تفاصيل تقنية: في الجانب التقني من العملية الامنية، اتخذ الجيش الإسرائيلي قراراً عاجلاً لتنفيذ خطة تفجير أجهزة “البيجر”، وذلك بعدما اكتشف أن اثنين من عناصر الحزب قد شكوا في وجود اختراق لتلك الأجهزة، بحسب مصادر استخباراتية نقلها موقع "المونيتور". وكانت الخطة الأصلية تهدف إلى تفجير هذه الأجهزة في حال اندلعت حرب شاملة، وذلك لتحقيق تفوق استراتيجي. وكشف تقرير لموقع "أكسيوس" الأميركي، أن حزب الله كان يحمل شكوكا بشأن أجهزة الاتصال اللاسلكي (البيجر) التي يستخدمها أعضاؤه، قبل أيام من انفجار الآلاف منها بشكل متزامن في لبنان، الثلاثاء. من جهة أخرى، نقلت «رويترز» عن مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر، انّ "جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) زرع كميات صغيرة من المتفجرات داخل 5 آلاف جهاز اتصال (بيجر) تايواني الصنع طلبها حزب الله قبل أشهر من التفجيرات التي وقعت أمس". وقالت مصادر لـ"رويترز" إن المؤامرة استغرقت على ما يبدو أشهراً عدّة من أجل التحضير. وأشار المصدر الأمني اللبناني إلى أن الحزب طلب 5 آلاف جهاز اتصال من إنتاج شركة "غولد أبوللو" التايوانية. وقال المصدر إنها وصلت إلى البلاد في الربيع. وعرض صورة للجهاز، وهو من طراز "إيه بي 924"، وهو مثل أجهزة المناداة الأخرى التي تستقبل وتعرض الرسائل النصية لاسلكياً؛ لكنها لا تستطيع إجراء مكالمات هاتفية. وفي سياق متصل، ذكر مسؤول أمني تايواني رفيع، اليوم أن "تايوان ليس لديها سجل بشحن أجهزة الاستدعاء "البيجر" لشركة "غولد أبولو" إلى لبنان"، وذلك في أعقاب الاستخدام الواضح لأجهزة الشركة في الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف حزب الله. وأوضح المسؤول الأمني لشبكة "CNN"، أن "شركة غولد أبولو قامت بشحن حوالي 260 ألف جهاز استدعاء من تايوان، معظمها إلى الولايات المتحدة وأستراليا".
اما جنوباً، فأعلن حزب الله "اننا قصفنا مرابض المدفعية الإسرائيلية في نافيه زيف بصلية من الصواريخ". واشارت معلومات أولية الى انه استهدف مقرا لقوة استخبارات في عرب العرامشة.
في المقابل استهدفت غارة إسرائيلية الأطراف بين مجدل زون وشمع. واستمرّ تحليق الطيران الاستطلاعي والمسّير، طوال الليل وحتى صباح اليوم، فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط، وصولاً إلى مشارف مدينة صور.