Aug 22, 2024 11:00 AM
خاص

مخطط التهويل على المسيحيين زوبعة في فنجان!

جوانا فرحات

المركزية – لم يعد خافيا أن موضوع الديموغرافيا، أي عدد السكان أساسي في المعادلة اللبنانية. وإنّ مقاربة هذا الموضوع لا تتم، وينبغي أن لا تتم، بأسلوب التعصب العاطفي الطائفي كونه يشكل جزءاً مهماً من صياغة الاستراتيجية اللبنانية انطلاقاً من الجيوبوليتك اللبناني.

يأتي هذا الكلام على خلفية خطاب الكراهية المتشعب الإتجاهات تجاه المسيحيين في الفترة الأخيرة من قبل أصوات تدّعي صفة المحللين إضافة إلى الإعلام الموجه من قبل الثنائي الشيعي. ففي مقابلة تلفزيونية يقول "المحلل رضا سعد" أن"الدور المسيحي في لبنان انتهى وسينتهي المسيحيون معلّقين بطائرات الأميركيين كما الأفغان الذين تعاونوا معهم". ويضيف" دور المسيحيين في لبنان انتهى في ظل هذا النظام ويخلص إلى النتيجة التالية: شفتوا وين صرتوا؟ رئيس جمهورية ما عم تقدروا تجيبوا".
على خط مواز ثمة مقال في وسيلة إعلامية مكتوبة تنطق بلسان المحور اعتبر كاتبه "أن نسبة المسيحيين في لبنان انخفضت من خلال عدد الطلاب المسجلين في المدارس" من دون الأخذ بالكثير من الإعتبارات ليبنى على الشيء مقتضاه.

" من المسلّم أن لعدد السكان أهمية في حياة الدول، فهو يؤثر على سياسة الدولة ، إذ يزيد من إمكانية قيام جيش أكبر إلا أن هذا الأمر يرتبط بنوعية الشعوب"، بحسب ما تؤكد مصادر معنية بالموضوع لـ "المركزية" ،وليس بالنسبة العددية فقط. وهذا هو وضع لبنان بالذات حيث كانت النوعية معياراً للوجود اللبناني سياسيا وإجتماعيا وثقافيا، ومن هنا الإختلاف حول أرقام عدد السكان على مختلف الأصعدة .وتلفت المصادر إلى "أن تناقص عدد الأقلية المسيحية في الشرق الأوسط عموما ولبنان خصوصا طبيعي بفعل الظروف والأحداث التي تشهدها المنطقة لكن لا يجوز أن يصبح هذا التحول بمثابة سلاح سياسي ضد الأقلية المسيحية في لبنان خصوصا".

ورداً على اتهام المسيحيين ب"الأقلية" توضح المصادر "أن الشرق الأوسط ونموذجه لبنان هو من أكثر البقاع الجغرافية التي تحوي العدد الأكبرمن الأقليات. فإذا كانت الأقلية هامشية يصبح دورها هامشيا أما إذا كانت صلبة فيكون دورها راسخا وفاعلا وهذا هو وضع الموارنة في لبنان، ولهم دور خاص في قيام لبنان الدولة من حيث كيانها واستقلالها ودورها ورسالتها في هذه المنطقة من العالم. ولذا نراهم يصرّون على القيام بدور مميّز في الحفاظ على لبنان السيد المستقل وذلك بمعزل عن نسبتهم العددية". وتختم المصادر أن "لبنان في الزمن التاريخي اللاهوتي للموارنة هو "رمز" وهذه الصفة هي أبعد من صفة البلد- الرسالة.

وتختم المصادر" نحن دولة- حاجز تقع على حدود الخطر الدائم كما يصنّفها ميشال شيحا. لذا علينا أن نتمسك ونلتزم بكيانية هذه الدولة. وأن ندرك بدقة مخاطر التجارب التي تمر بها".

من جهته، يشير الكاتب السياسي الياس الزغبي لـ"المركزية" الى ان "حزب الله يسعى في الآونة الأخيرة للخروج من عزلته التي تسبّب بها بفعل انخراطه في حرب غزة، عبر إعلانه حرب إسناد ومشاغلة من جنوب لبنان. وهو يحاول الخروج من عزلته ومأزقه في الإتجاه الخلفي أي نحو الداخل اللبناني تارة في اتجاه الطائفة السنية عبر دعم وتحريك قوى أو منظمات سواء تحت إسم "سرايا المقاومة" أو "قوات الفجر"، وتارة أخرى نحو الطائفة الدرزية عبر تحريك شعار التضامن الوطني مع تزايد خطر اتساع المعارك نحو أطراف الجبل في الإقليم وصيدا وكذلك خطر موجات النزوح بعد الحادثة الملتبسة التي قتلت الأطفال في مجدل شمس".

أما بالنسبة إلى المسيحيين يضيف الزغبي "أن حزب الله أدرك أنهم وعلى رغم الخلافات والتمايزات بين قواهم السياسية، يتلاقون على رفض الحرب التي أعلنها، ويسعون إلى إبعاد تأثيراتها السلبية عن مفهوم الدولة أولاً وعن مناطقهم ثانيا. وإذ أدرك الحزب هذه الحقيقة، أطلق ما يُعرف بالذباب الإلكتروني تارة ووسيلته الصحافية المكتوبة تارة أخرى.

وهذه الخطة التي تحت ستار انحسار عدد المسيحيين في لبنان، وتهديدهم بالتهجير الواسع على غرار الأفغانيين الذين يعارضون حركة طالبان حين تركت الولايات المتحدة أفغانستان، و هذا المخطط النفسي الإعلامي، حتى الآن يعكس إنزعاجا دفينا لدى الحزب ومن يدور في فلكه من صلابة التمسك الوطني العميق لدى المسيحيين كدولة سيدة حرة مستقلة تستعيد قرارها السيادي الشعبي على حساب القرار الإيراني الذي يتحكم بحزب الله وسائر الفروع التابعة له.

ويعتبر الزغبي ان "المسيحيين أدركوا أنهم أمام محاولات مستجدة للضغط عليهم وترويضهم سياسيا تحت شعارات التخويف من تهجيرهم وإبادتهم. إلا ان هذا المخطط المكشوف كلياً امام الفاعليات المسيحية الحيوية غير قابل للنفاذ أو التطبيق .وتثبت وقائع الحرب في الجنوب امتداداً إلى مرجعية حزب الله في إيران أن كل هذا المحور بات في الموقع الأصعب ويفقد المبادرة في الحرب والسلم أيضاً ويتردد إلى درجة الإنكفاء في التعامل مع الهجمات الإسرائيلية الخطيرة سواء في الضاحية الجنوبية او في طهران وأخيرا في البقاع.

وعليه، "فإن مخطط التهويل والتخويف على المسيحيين ساقط . والميزان الإستراتيجي في المنطقة لا يميل لمصلحة المحور الإيراني .وتالياً فإن كل التهديديات التي يطلقها الحزب ضد المسيحيين وسواهم من الطوائف، ستظل مجرد زوبعة في فنجان" يختم الزغبي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o