عقيص في منتدى "معهد باسل فليحان" عن الشراء العام:
على الحكومة أن تستعجل إنشاء هيئة الاعتراضات إنفاذاً للقانون
المركزية- رعى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل منتدى بعنوان "تحديات تطبيق قانون الشراء العام 244/2021 ومسار تنمية القدرات نحو التخصص"، نظمه معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي وشركة تنمية المعرفة، بالتعاون مع البنك الدولي، في فندق جفينور روتانا في بيروت، في اختتام مشروع "دعم بناء قدرات الشركاء في لبنان في إطار اصلاح الشراء العام في لبنان"، بحضور النائبين جورج عقيص وياسين ياسين، ووزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، وممثل النائب إيهاب مطر.
وتولّت تمثيل الوزير الخليل مستشارته عليا عباس التي أعلنت في كلمتها أن نحو ثلاثة آلاف موظف شاركوا خلال العامين المنصرمين في التدريب حول قانون الشراء العام. وتحدث في المنتدى النائب جورج عقيص مشدداً على أهمية تطبيق قانون الشراء العام نظراً إلى كونه قانوناً إصلاحياً ودعا الحكومة إلى "انشاء هيئة الاعتراضات على نار حامية" . كذلك كان بين المتحدثين مدير قطاع المشتريات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي ماجد البياع ورئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان مديرها العام المهندس كمال حايك ورئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية ورئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لمياء المبيض بساط، بحضور عدد من المديرين العامين ومسؤولي الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات وممثلي الهيئات الرقابية والأجهزة الأمنية والعسكرية، والقطاع الخاص والمجتمع المدني، والجهات الشريكة.
وعُرضت خلال المنتدى المخرجات والنتائج التي حققها مشروع "دعم بناء قدرات الشركاء في لبنان في الشراء العام"، الذي نُفذ بدعم من البنك الدولي خلال العام المنصرم، وتمّ إلقاء الضوء على التحديات التي تواجه التنفيذ السليم لقانون الشراء العام رقم 244/2021، والإضاءة على أهمية تنمية قدرات العاملين في الشراء العام والحاجات التدريبية للمعنيين للدفع قدماً بعملية التخصص في ضوء الدروس المستفادة من التجربة الدولية.
وفي الكلمة التي ألقتها عباس ممثلةً وزير المالية الدكتور يوسف الخليل، شكرت للبنك الدولي دعمه هذا المشروع كونه في صلب الإستراتيجيّة الوطنيّة التي أقرتها الحكومة في العام 2022، والتي يتم متابعة تنفيذها".
وذكّرت بـأن "الحكومة سعت ولا تزال إلى تصحيح تداعيات الأزمة والسير بالإجراءات المطلوبة للتعافي والنهوض بالاقتصاد تماشياً مع إستراتيجيتها".
وشددت على أنّ الأمر "يتطلّب وجود إدارات فاعلة وخبرات تقنية عالية، فالتحدي اليوم يكمن في الحفاظ على الكوادر الكفوءة وعلى استمرارية عمل المؤسسات في ظلّ هذه الظروف المالية والاقتصادية الصعبة".
وأضافت: "في إطار إصلاح الشراء العام، ومع دخول قانون الشراء العام حيّز التنفيذ في تموز 2022، باتت الحاجة تتطلب تكثيف جهود تنمية القدرات الوطنية للإدارات والمؤسسات العامة والعاملين فيها لمواكبة عوامل الإصلاح وتعزيز ثقافة التغيير والالتزام بالمعايير الدولية التي استند عليها القانون".
وأشادت بجهود معهد باسل فليحان "لناحية تعزيز الخبرات والكفاءات في حسن الإدارة المالية عموما وفي الشراء العام خصوصا، حيث كُثفَ التدريب للجهات الشارية في القطاع العام ورُفعَ الوعي لدى الجهات المعنية في القطاع الخاص بالإضافة إلى المجتمع المدني والصحافة الاقتصادية، وذلك بالتعاون مع شركائه المحليين والدوليين". كذلك شكرت لهيئة الشراء العام "مواكبتها قانون الشراء العام ومتابعتها حُسن تنفيذه".
ولاحظت أن "أكثر من ثلاثة آلاف موظف من الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحاداتها شاركوا خلال العامين المنصرمين في التدريب حول قانون الشراء العام، وخضعوا لاختبارات المعارف التي تخولهم تحمّل مسؤولياتهم في تطبيق القانون على مستوى إداراتهم".
وقالت: "رغم الصعوبات والتحديات المؤسسية والمالية التي ألمّت بالقطاع العام منذ العام 2019، فإنّ التعاون مع البنك الدولي لدعم تنمية القدرات في مسار إصلاح الشراء العام ومواكبة الالتزام الوطني به من خلال الدعم التقني ونقل الخبرات، هو تعاون نموذجي أثبت أثره الإيجابي. ومع هذا لا بدّ من العمل بجهد كبير والتعاون في سبيل تحديد الثُغر في حال وجودها من أجل تعديله ليصبح قانوناً نموذجياً في تنفيذ الشراء العام".
وأكدت أن "وزارة المالية تُجدِّد من خلال معهد باسل فليحان التزامها تطبيق قانون الشراء العام رقم 244/2021 (تحديداً المادة 72 المتعلقة بالتدريب في فصل التخصص وبناء القدرات) لإجراء نقلة نوعية في تنمية القدرات الوطنية، بالتعاون مع شركائنا المحليين والدوليين مستفيدين من الخبرات الدولية والممارسات الجيدة وتكييفها مع السياق اللبناني".
ورأت أن "التعاون القائم مع البنك الدولي يتكامل مع جهود الجهات الدولية الشريكة التي دعمت لبنان عموماً ووزارة المالية والمعهد المالي تقنياً على وجه الخصوص منذ التزامها هذا الإصلاح الهيكلي خلال المؤتمر الوطني الأول في العام 2018، ومنها الوكالة الفرنسية للتنمية، وExpertise France، ومنظمة OECD، ومبادرة سيغما المشتركة بين الOECD والاتحاد الأوروبي، والبنك الأوروبي للانشاء والتعمير، آملين في استمرار هذه الشراكات بما يؤدي إلى تقدّم مسار الإصلاح بكافة مكوناته".
وأملت في أن يشكّل هذا المنتدى قاعدة متجددة للحوار بين كل المعنيين في سبيل تقدّم مسار إصلاح الشراء العام لما في ذلك من انعكاسات إيجابية على إدارة المال العام والتعافي الاقتصادي والتنمية المستدامة التي يعتبر لبنان بأمس الحاجة إليها في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها حالياً".
المتحدثون
وقدّم مدير شركة تنمية المعرفة جان ديب الحاج وأخصائية الشراء الرئيسية في البنك الدولي لينا فارس عرضاً لحصاد المشروع. وأوضحت فارس أن المشروع الذي نُفِّذَ خلال سنة واختُتَم في حزيران الفائت ركّز على بناء القدرات والتوعية والتواصل. أما الحاج فأشار إلى أن الشركة تولّت بموجب العقد الموقّع معها، إنتاج الحزم التدريبية باللغة العربية وأدلة إرشادية تساعد العاملين في الشراء العام على التطبيق انطلاقا من معايير القانون. واعتبر أن "بناء القدرات عملية تراكمية تحتاج إلى وقت"، داعياً إلى "إعطاء الموظف حوافز تشجعه على الاستمرار في التدريب".
كذلك تحدث مدير قطاع المشتريات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي ماجد البياع فلاحظ أن "الشراء العام كان هامشياً في الماضي لكنّ الدول باتت اليوم تستخدمه كأداة لتنفيذ سياسات مهمة، كتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز حضور المرأة في السوق والحفاظ على المياه".
وشدد على أن "الشفافية وحسن الأداء" في الشراء العام "يعززان العقد الاجتماعي وثقة المواطنين بالدولة"، معتبراً أن "عامل الوقت في تنفيذ المشاريع مهم جداً والتأخير يتسبب بخسائر للدولة"، ومن "المهم جداً التوفير من خلال حسن الأداء في الشراء العام".
كذلك أبرزَ أهمية توافُر المنصة الرقمية للشراء العام، لجهة توفير الوقت والتكلفة الإدارية لإقرار المشاريع.
واشاد بـ"جهود لبنان الكبيرة لإقرار قانون الشراء العام"، واصفاً إياه بأنه "إنجاز مهم للحكومة اللبنانية"، لكنه تمنى على الحكومة "التعجيل في تقوية هيئة الشراء العام من خلال توفير الموظفين والخبراء اللازمين لها"، و"عدم التأخر في إنشاء هيئة الاعتراضات التي نصّ عليها القانون". وشدد على ضرورة عدم حصول تشابك وتداخُل بين عمل هيئة الشراء العام وهيئة الاعتراضات والجهات التنفيذية من وزارات وإدارات حكومية.
ولاحظ أن المشاكل نفسها تحصل في كل أنحاء العالم، إذ يكون القانون ممتازاً لكنّ المشاكل تظهر عند التنفيذ. ورأى أن أي قانون جديد يحتاج إلى تنقيح وإلى تحسين بعض الإجراءات التي ينصّ عليها.
جلستان
وتناولت الجلسة الأولى للمنتدى أبرز التحديات التي تواجه تطبيق قانون الشراء العام 244/2021، وتولّت خلالها أخصائية الشراء الرئيسية في معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي رنا رزق الله فارس عرض نتائج الاستبيان حول التحديات التي تواجهها الجهات الشارية في تطبيق القانون، والذي أجراه المعهد مع الجهات الشارية على المستويين المركزي والمحلي .
وشدّد النائب جورج عقيص في مداخلة له على أن "القانون وحده لا يكفي"، معتبراً أن "إصلاح الشراء العام وسيلة لمكافحة الفساد واستعادة الثقة بالدولة". واستبعد "أيّ استثمارات خارجية في لبنان من دون ثقة". كما دعا الحكومة إلى وضع "إنشاء هيئة الاعتراضات" على نار حامية.
وتحدّث رئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان مديرها العام المهندس كمال حايك عن تجربة مؤسسة كهرباء لبنان في تطبيق القانون فقال إنها كانت في طليعة الجهات التي التزمت الآليات التي نص عليها في ما يتعلق بدفاتر الشروط والإعلان عن المناقصات، أو لجهة المشاركة في الدورات التدريبية للموظفين المحتصين. وأشار إلى أن "117 موظفا من المؤسسة مؤهلون اليوم للمشاركة في لجان التلزيم".
وتناول عضو مجلس بلدية برج حمود جورج كريكوريان صعوبات تطبيق القانون على المستوى البلدي، موضحاً أن معظمها ناجم عن الظروف الراهنة في البلد.
ولاحظ رئيس هيئة الشراء العام الدكتور جان العلية أن الوضع في ما يتعلق بالشراء العام "أفضل من قبل"، والقانون كان "خطوة إلى الأمام". وأوضح أن دور هيئة الشراء العام تقديم المساعدة للهيئات الشارية أيضاً، مشدداً على أن التدريب ضروري لمساندة الهيئة في هذا المجال.
ورأى أن قانون الشراء العام "يجب أن يُنظر إليه في إطار بناء الثقة مع المواطن"، داعياً إلى "الإسراع في تفعيل البوابة الإلكترونية وفي نشر الأنظمة". ورأى أن "لا سبب يمنع لعدم إقرار الأنظمة حتى الآن".
أما الجلسة الثانية فتناولت مسار تطوير كفاءات العاملين في الشراء العام نحو التخصص، وتخللها عرض لنتائج الاستبيان حول تنمية القدرات والحاجات التدريبية للجهات الشارية، قدمته أخصائية التعلم الرئيسية في معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي سوزان أبو شقرا.
وكانت مداخلات لكل من رئيس دائرة المال والعتاد في المديرية العامة للأمن العام العقيد وسيم منذر اضاء من خلالها على تجربة إدارته في تطبيق القانون وتدريب العاملين لمواجهة تداعيات الأزمة المالية على عمليات الشراء، ولأخصائية الشراء الرئيسية في البنك الدولي لينا توتونجي مستعرضة للمعايير الدولية في تنمية القدرات والتخصص ولتجربة دولة فلسطين في هذا المجال. ولرئيس قسم المشتريات العامة في مديرية الحوكمة العامة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية باولو ماجينا، مشدداً على أهمية الالتزام بالمعايير الدولية والتعلّم من تجارب الدول التي قطعت أشواطاً في موضوع التخصص.
وختمت الجلسة رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي لمياء المبيض بساط مشددة في مداخلتها على التزام المعهد بالتدريب لإنتاج القيمة والتخفيف من الهدر، وعلى استدامة تطوير قدرات المهنيين وفريق المدربين الوطنيين لنقل المعارف والخبرات، وعلى ضرورة وجود إطار للكفايات في الشراء العام والربط بالمسار المهني والتعلّمي، وأخيراً إيلاء الأهمية للإنتاج المعرفي وتعزيز التعاون مع معاهد التدريب والجامعات ومراكز الدراسات للارتقاء بالشراء العام ونشر ثقافة المعرفة بشكل أوسع.