هواجس أميركية وفرنسية.. هل سبق إسرائيل مرحلة التسوية بضربة قاسية ضد الحزب؟!
سياق أميركي آحادي بالتحرّك على الساحة الداخلية ومحاولة إيجاد نقاط التقاء بين الجانبين الاسرائيلي و”الحزبلاوي” يعزّز اللقاء المرتقب في باريس اليوم بين هوكستين والوسيط الفرنسي جان إيف لودريان خيار التنسيق الاميركي-الفرنسي حيال ورقة مشتركة تنهي شبه الحرب على الجبهة الجنوبية مع العدو الاسرائيلي، لكن أهمّيتها أنّها تأتي في لحظة حسّاسة جداً حيال مصير “الماكرونية” السياسية ومبادراتها في المنطقة في سياق الصراع مع اليمين المتطرّف وقبل دخول الاميركي نفق الانتخابات الرئاسية الاميركية المثيرة للجدل وغير المسبوقة ببعض محطاتها، فيما إسرائيل تصوّت بأكثريتها، بالمواقف أقلّه، للحرب مع لبنان.
لا عوامل داخلية إطلاقاً يمكن ربطها بالمحفزّات التي استدعت لقاء هوكستين ولودريان في باريس اليوم بل حصراً حراك دولي مستمر في محاولة لتجنيب المنطقة “طوفان” آخر وإرساء معالم التسوية في الوقت الزمني القصير الفاصل عن كبرى الاستحقاقات أميركياً وفرنسياً.
فرغم ضجيج الحرب لا تزال لغة وقف النار مُسيطِرة على مواقع القرار حيث يبرز الضغط الاميركي المتزايد والمكثّف لإنهاء “حالة غزة”، من خلال وقف إطلاق النار طويل الأمد، والشروع في ترتيبات اليوم التالي.
عملياً، اللجنة الخماسية في شبه عطلة صيفية حتى لو كسرتها بعض الزيارات المرتقبة محلياً، وتجدّد تحرّك المعارضة يأتي في سياق استلحاق نفسها لفرض نفسها مفاوضاً على طاولة القرار بعدما بدت مؤخراً في كوما سياسية تتنازعها “معارضات” وخيارات متضاربة، ومعسكر سليمان فرنجية على حاله من الثبات في مقابل المعسكر المضاد، ومن ضمنه النائب جبران باسيل، لم يرس بعد على إسم مرشّح لمرحلة “الخيار الثالث”، والدعوة للحوار لا تزال مجرّد دعوة تحوّلت إلى عنوان خلافي دفعت مؤخراً الرئيس نبيه بري إلى التلميح بأنّ “معارضي فرنجية يفوّتون على أنفسهم فرصة حشرنا بالزاوية وفرض مرشّح آخر قد تتجاوز أسهمه بكثير رصيد جهاد أزعور في الأصوات”.
ثمّة هواجس أميركية وفرنسية حقيقية بأن تسبق إسرائيل مرحلة إقرار أي ترتيبات أمنية أو تسوية على الحدود اللبنانية-الاسرئيلية بضربة قاسية ضد الحزب تتجاوز نمطية ونوعية الضربات السائدة منذ نحو تسعة أشهر، وبالتالي “تُخربِط” مسار هذه التسوية وتقود الحزب نفسه إلى إطالة أمد المعركة عبر محاولة ردّ الاعتبار بالميدان.
تتجاوز هذه الهواجس احتمال تحويل إسرائيل الضاحية إلى “مربّع حرب” وتهجير بيئة المقاومة إلى الشوف وكسروان والشمال إلى هاجس الاغتيالات الموجعة بما قد تتجاوز ترجماته الحدود المتعارف عليها في الصراع القائم بين الطرفين منذ 7 تشرين الأول.
حتى الآن لم تتبلّغ أي مرجعية رسمية، رئاسة الحكومة والرئيس نبيه بري، طلب مواعيد عاجلة من هوكستين أو لودريان كملحق للقاء باريس.
الأمر المؤكد، وفق معطيات “أساس”، أنّ الزيارة الأخيرة لهوكستين في حزيران الفائت وقبلها زيارة لودريان إلى بيروت، لم تقدّما أي إضافة إلى الوضع السائد جنوباً ولا ملف الرئاسة المجمّد بفعل ستاتيكو غزة ورفح وهذا ما كرّره بري مؤخراً أمام زواره، مع تسليمه بتضارب التفسيرات بين الحكومة والحزب أولاً ثم الحزب والاميركيين والاسرائيليين ثانياً حول مآل تنفيذ القرار 1701 في مرحلة لاحقة. وهي نقطة ستؤثر بشكل مباشر على أي معطى رئاسي قد يراه البعض مدخلاً لانتخابات “آمنة” يسبقها التوافق الشيعي-المسيحي كشرط حتمي لسلوك معبر التسوية الرئاسية.
في هذا السياق تستعيد مصادر مطلعة فحوى خطاب أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله منذ نحو ثلاثة أشهر في شأن ضرورة إدخال تعديلات على مضمون القرار 1701 بما يفرض التزامات أكثر صرامة على إسرائيل تمنعها من استباحة القرار كما كانت تفعل سابقاً.
للمفارقة، هو المنطق الذي لا يتحدّث به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام الموفدين الدوليين ولا أيضاً الرئيس نبيه بري، في وقت يتمسّك الحزب بتعديلات على القرار لا تجعله بموقع المتراجع عسكرياً من عمق جنوب الليطاني باتجاه شماله فيما القوات الاسرائيلية مسيطرة عسكرياً على الحدود. وهذا ما دفع محيطين بالحزب إلى المطالبة والترويج لانتشار قوات الأمم المتحدة شمال إسرائيل.
ملاك عقيل - أساس ميديا