كلنا شركاء بما حصل
كتب البروفيسور إيلي الزير:
من الخطأ بمكان أن نلقي المسؤولية في ما وصلنا إليه على الطبقة السياسية الحاكمة، وأن نحوّلها إلى شيطان نرجمه عند كل صباح ومساء. هذه الطبقة السياسية مدانة بالكامل، لكننا نحن الشعب شركاء في هذه الجريمة الكبرى، التي حوّلت وطناً شُبّه يوماً بسويسرا الشرق إلى وطن يُصنّف مع الدول الفاشلة كالصومال وسوريا وأفغانستان.
المواطن اللبناني يتحمّل مسؤولية كبيرة في ما آلت إليه الأمور، بأنه هو عند الاستحقاقات النيابية يذهب إلى صناديق الاقتراع ليُجدّد العهد لهذه المنظومة، وعند الاشتباكات السياسية يقف خلف زعيمه متظاهراً صارخاُ رافعاً قبضته منادياً بحياة الزعيم. وعند المفارق الطائفية يذهب إلى معبده كي يشتم المعبد الآخر. هذا المواطن نفسه يلتزم الصمت في الشؤون الوطنية، لا يحاسب المسؤولين، ولا ينتقد المرتكبين، ولا يتمسك بالقانون ولا بنصوص الدستور. كلنا نحن المواطنين هاجسنا مصالحنا الخاصة التي تتقدّم دوماً على مصلحة الوطن. كما تتقدّم مصالح العائلة والعشيرة والمنطقة على كل مصلحة عامة، حتى وصل الأمر بنا إلى التظاهر وقطع الطرقات لأنّ القوى الأمنية تنفّذ القانون وتحفظ النظام.
لا خلاص لنا في لبنان، إلا بنطق طرف وهو المواطن، وصمت طرف آخر وهو السياسي. إن لم نخرج كمواطنين عن صمتنا في القضايا الوطنية، في المحاسبة والمتابعة وحماية المجتمع وأخلاقه، لن نتمكّن من الخروج من أزماتنا الكثيرة. الأمر بات يحتاج إلى ثورة ليس فقط ضد المنظومة السياسية الحاكمة. بل ضد دواخلنا الفاسدة، ضد غياب المواطنة في سلوكنا. لقد بتنا نحن الشعب اللبناني رعايا في هذا البلد وليس مواطنين. عندما يفقد الإنسان مواطنيته، يفقد وطنه. فالهوية لا يمكن الحفاظ عليها من دون أرض، والأرض لا يمكن صيانتها وتطويرها من دون مواطنة سليمة. هي المعادلة التي لا يمكن كسرها. فمتى نعود كلبنانيين إلى مواطنتنا كي يعود إلينا الوطن.