خصام باسيل مع "الحزب" شكلي وظاهر
لا يمكن النظر الى التقارب السياسي والتفاهمات وصولاً الى التحالفات بمعزل عن الحسابات الانتخابية، وخصوصاً الانتخابات النيابية التي ترسم نتائجها - مبدئياً - هوية الرئيس وشكل الحكم، وتركيبة الحكومة.
لكن ما يحصل علناً قد لا يعبّر دائماً عن الحقيقة، اذ يذكر المتابعون كيف أن التحالف الرباعي في الانتخابات النيابية لعام 2005، والذي قام في مواجهة العماد ميشال عون و"التيار الوطني الحر"، كان لعبة متفقاً عليها في الكواليس، لتهيئة "تسونامي" عون، الذي ذهب بعد حين الى توفير الغطاء لسلاح "حزب الله" وحركته، عبر "ورقة التفاهم" أو "تفاهم مار مخايل"، قبل أن يتوجه الجنرال الى سوريا لمصالحة نظامها.
الظاهر كان عدائياً، والباطن كان مكيدة للآخرين، وقعوا فيه ودفعوا ثمنه لاحقاً. ولا يزال البلد كله الى اليوم يتكبد الخسائر الناجمة عنه، اذ إن الاتفاق جاء منمّقاً ومنسّقاً لمشروع بناء دولة، لكنه ظل حبرا على ورق.
يمكن إسقاط تلك الواقعة على التطورات الجارية حالياً، من تباعد "التيار الوطني الحر" عن "حزب الله"، وتقاربه من حركة "أمل"، علماً أن هذا وتلك قد يختلفان في الشكل وليس في العمق.
واذا افترضنا أن شيئاً من ذلك يحدث، فإنه يعني أن الخصام مع "حزب الله" شكلي وظاهر، لأنه يضر "التيار" وقد جلب لرئيسه النائب جبران باسيل العقوبات الاميركية، أما العلاقة مع حركة "أمل" ورئيسها، فشأن آخر، إذ إن رئيسها هو رئيس مجلس النواب، وهو المدخل الى أي تفاوض أو اتفاق مع الثنائي، وبالتالي لا تجوز مقاطعته، أو إنزال العقوبات به اذ يستقبل كل الموفدين الدوليين ويتفاوض معهم. ومن ذلك أن الاتفاق معه ضروري للتفاهمات الداخلية، ولتسهيل إجراء الاستحقاقات.
من هنا يصبح الاتفاق مع الحركة، اتفاقا ضمنيا مع الحزب بلباس مختلف، إذ إن الرئيس بري، بعد كل ما لحق به من "أذى معنوي" من "التيار"، وبعد إسقاط "ورقة التفاهم"، لن يقدِم على توفيرالغطاء لباسيل، والدخول في "مواجهة" مع الحزب.
ولا يمكن لبري أن ينسى عبارات مثل "البلطجي"، وان يتجاوز الخلاف في "مؤسسة كهرباء لبنان"، وفي الكثير من المواقع، ومحاولات اسقاط مرشحيه في غير منطقة. لكن بإمكانه أن يتناسى إذا كانت مصلحة الثنائي تقتضي ذلك، ولو أسست بعد حين، الى رئاسة جبران باسيل الجمهورية، او اقله حاليا، الى إبعاد "شبح" تعطيله.
هذا المسار سيقود حتماً الى الاتفاق على مرشح تسوية، يكون مقبولا من الاكثرية النيابية، او حتى القبول بالمرشح سليمان فرنجية رئيساً، مع تعهد برئاسة لاحقة لباسيل الذي يدرك جيداً استحالة وصوله حالياً، وهو يدرك استحالة نجاحه في حال وصوله، بل النتائج المدمرة التي ستكون أفدح من العهد المنتهي.
والتحالف مع حركة "أمل"، في النقابات، وصولا الى الانتخابات النيابية، من جبيل، وجزين، وزحلة، والبقاع الغربي، وبعلبك، سيقود الى تغيير موازين القوى، وسيدفع أفرقاء آخرين، حلفاء للرئيس بري، الى اتخاذ موقف الحياد، أقله بعيداً من مواجهة "التيار الوطني الحر".
صحيح أن السيناريو حتى اليوم متخيَّل، لكن قراءة في الماضي، القريب، والبعيد، تؤكد أن الاتفاقات تحكمها المصالح المتقاربة حينا، والمتباعدة احيانا، خصوصاً أن ثمة متغيرات في المنطقة، تحتاج مجدداً الى الثنائي، والى غطاء مسيحي له، ويدرك الثنائي وباسيل ذلك جيداً ويبنون المسارات على أساسه. وعليه، هل يكون باسيل رئيس العام 2030، ويسهل انتخاب الرئيس في 2024؟
غسان حجار - النهار