الازمات المعيشية تستفحل... المتقاعدون يرفعون صرخة ألم: انقذونا
القرم وخليل يطالبان بجلسة عاجلة لمجلس الوزراء للرواتب و"الاضرابات"
بطلب من الحزب...حمية يتراجع عن عقد انشاء مبنى المطار
المركزية- متقاعدون في القطاع العام، قدماء القوات المسلحة، مجموعات عسكريين متقاعدين، كلهم ممن امضوا الحياة في خدمة دولتهم، بعثوا اليوم من قلب دولتهم صرخات ألم عما يختزنه وطنهم من اوجاع ومآس بكل تلاوينها. دولة لم تقدّر تعبهم وتفانيهم في سبيلها لا بل نهشت منظومة الفساد المتحكمة بها جنى اعمارهم، حتى باتت رواتبهم التقاعدية لا تملأ خزان سياراتهم بالوقود للانتقال الى امكنة تقاضيها. منظومة أحرق دولارها العملة الوطنية من دون ان توفر ما يخفف عن المواطنين بعضا من الاثقال او ترسم هندسات مالية او اجتماعية تقيهم الجوع والعوز، بل تركتهم يواجهون اقدارهم التي تتزايد كل يوم سوداوية، وسط اضمحلال الامال بأي امكانية للانقاذ، ما دام اركان المنظومة يمعنون في ابرام الصفقات والتحايل على القوانين لمراكمة ارباحهم وكأن لا بلد منهارا ولا شعب يائس يلعنهم مع كل اشراقة شمس.
تصعيد العسكريين: الواقع المعيشي تصدّر واجهة الحدث المحلي اليوم. ففيما رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي يؤدي مناسك العمرة في السعودية، نفّذ المجلس التنسيقي للمتقاعدين في القطاع العام اعتصاماً، صباحا في رياض الصلح، بمشاركة كثيفة من تجمّع «الولاء للوطن»، بالإضافة إلى رابطة قدماء القوات المسلحة اللبنانية ومختلف مجموعات العسكريين المتقاعدين دعماً لمطالبهم المعيشية، وسط انتشار أمني كثيف للجيش والقوى الأمنية ومكافحة الشغب. وتمّ رفع لافتات تندّد وتدين المسؤولين عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة والكارثية والمصارف ومصرف لبنان. وأجمعت كلمات عدد من المحتجين على «التنديد بالمسؤولين الفاسدين الذين سرقوا شعبهم ودمّروا البلد بكلّ مؤسساته وإداراته»، محذرين «السلطة من تمييع وتضييع قضيتهم المحقة وصولاً إلى تصعيد لا يُحمد عقباه»، مطالبين بأن «يكون سعر صيرفة على دولار 28".
الى الاثنين: لاحقا، توجه عدد من المحتجين الى أمام مصرف لبنان للتظاهر. وقد حاول عدد من العسكريين المتقاعدين إزالة الأسلاك الشائكة، في مواجهة فرقة مكافحة الشغب. وكانت مواجهات بين الجيش اللبناني والعسكر المتقاعد. وبعد ان التقى وفد من العسكريين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث طلب منه اعتماد سعر 28500 للرواتب، أبلغهم انه بحاجة لموافقة الحكومة ووزير المال، واستمهل الوفد حتى يوم الاثنين.
سعر صيرفة: وكانت مصادر نقابية اشارت الى أنّ "المركزي" كان سيعتمد سعر "صيرفة" الحالي أي 90 ألف لكل الرواتب، ويمكن أن يعيد النظر بالموضوع لتصبح الرواتب على سعر صيرفة ما بين الـ60 أو 70 ألف ليرة لشهر آذار. في المقابل، أكدت مصادر معنية اخرى بأن سعر صيرفة لرواتب القطاع العام من بينهم العسكريون ومعاشات المتقاعدين سيٌحتسب على ستين الف ليرة لبنانية للدولار الواحد، بدل التسعين ألف ليرة.
انهيار القطاع العام: وسط هذه الاجواء، اعتبر وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل ان "انعقاد جلسة لمجلس الوزراء مخصصة للبت بمسودات مشاريع المراسيم التي رفعتها وزارة المالية بشأن تعويضات الإنتاجية وبدلات النقل لموظفي الإدارات والمؤسسات العامة والأسلاك العسكرية عن أيام العمل الفعلية الى غيرها من الشؤون اليومية الحياتية، أمر بغاية الأهمية لإعادة العمل الى الإدارات العامة والمؤسسات بطريقة مستدامة، فتعطيل المرافق العامة يكلّف الخزينة خسارة موارد هامة في وقت هي بأمسّ الحاجة لتأمين واردات وتمويل الحدّ الأدنى من الخدمات العامة. وشدّد على أن "كل يوم يضيع من دون إعادة تفعيل العمل في القطاع العام يرّتب أعباء جمة ويدفع بالأوضاع إلى مزيد من التدهور"، مشيراً إلى أن "الانهيار إذا ما أصاب القطاع العام فذلك ينعكس حكماً عرقلة في بعض شؤون القطاع الخاص المرتبطة بالإدارة، ويفتح الباب أمام نشوء قطاعات عشوائية وفلتان لا يمكن ضبطه وتغرق بالتالي القطاعات الاقتصادية في خسائر أكثر". وختم: يقع لبنان اليوم على منعطف خطير: فإما الحفاظ على كيان دولة ومؤسسات قادرة على إدراة شؤون الدولة، أو أننا سنكون أمام مزيد من التدهور والانزلاق نحو المجهول.
رفع الحد الادنى: في المقابل، أعلن وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم انه "اتفق في اجتماع "لجنة المؤشر" اليوم على رفع الحدّ الادنى في القطاع الخاص الى 9 ملايين ليرة اي بزيادة 4 ملايين ونصف المليون، وبدل النقل سيصبح 250 الف ليرة عن كل يوم حضور، ورفع سقف المرض والامومة ضعفين، وهذه الزيادات ستكون خاضعة للمراجعات تبعاً لتقلبات سعر صرف الدولار لمراعاة العدالة في هذه المسألة".
اوجيرو والجيش: وبينما اضراب موظفي اوجيرو مستمر، كشف وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال جوني القرم، أنه تشاور مع الرئيس نجيب ميقاتي صباحاً "وهو طلب منّي تدخل الجيش وأن نستلم قطاع "أوجيرو" بالكامل". وقال: لا أقبل بأن يأخذ أحد المواطن كرهينة، فقطاع الانترنت هو أمر ضروي وأساسي لاستمرار الحياة وممنوع أي توقف. وفي السياق، افيد أن "الجيش لم يتبلّغ بأي أمر يتعلّق بالتدخل في إضراب "أوجيرو". بدوره، علّق المجلس التنفيذي لنقابة "أوجيرو" في بيان بعد اجتماع طارئ، على كلام وزير الاتصالات دعوة الجيش الى تسلُّم مراكز "أوجيرو"، فأعلن "ترحيبه بالجيش اللبناني حامي الوطن والقلعة الصامدة المنيعة"، مؤكداً أنّ "جميع المراكز والمكاتب هي بتصرّفه من المركز الرئيسي إلى آخر مركز على مساحة الوطن". كما أكد المجلس" استمراره في الإضراب المفتوح واستعداده لمتابعة التفاوض حينما تهدأ النفوس".
جلسة طارئة: ولاحقا اصدر القرم بيانا جاء فيه: أولاً: يهمّ الوزير القرم أن يجدّد التأكيد أن أيّ قرار يتعلّق بشؤون الموظفين سواء كان إيجابياً أو سلبياً، أو يصبّ لمصلحتهم أو لا، أو أي قرار مالي بالصرف والقبض، ليس من صلاحيته كوزير، إنما هذه أمور مناطة بمجلس الوزراء. ثانياً: يجدد الوزير القرم التأكيد انه يتفهم هموم موظفي هيئة "أوجيرو" ويعي أحقية مطالبهم، من هنا فإنّه يشدّدُ على أنَّه يلعب دوره كوسيط ما بين النقابة والمسؤولين المخوّلين اتخاذ القرارات، وهو يسعى بكافة الوسائل المتاحة أمامه والتي يسمح بها القانون، إلى نقل طلبات وهموم الموظفين إلى سلطة القرار، من هنا يدعو مجلس الوزراء الى عقد جلسة طارئة وعلى جدول أعمالها ملف موظفي هيئة "أوجيرو". ثالثًا: يشدّد الوزير القرم على أن الحوار هو الباب الأفضل لسلوك طريق الحل، ومن هنا يدعو نقابة موظفي هيئة "أوجيرو" إلى فكّ الإضراب والعودة الى لغة الحوار خدمةً لقطاع الاتصالات وللقطاعات كافة".
غذاء المساجين: حياتيا ايضا، أفادت معلومات صحافية بأن وزير المال وافق على تحويل سلفة لقوى الامن الداخلي، ما سيمكنها من تغطية مستحقات موردي سجون زحلة وطرابلس ورومية الذين اعلنوا عن نيتهم التوقف عن العمل مطلع نيسان في حال عدم دفع مستحقاتهم.
حمية يتراجع: في الغضون، وبينما دخل قرار العودة الى التوقيت الصيفي ليل الاربعاء الخميس حيز التنفيذ، اعلن وزير الاشغال العامة في حكومة تصريف الاعمال علي حميه اليوم ان "على أثر الجدل القانوني الحاصل حول انشاء مبنى جديد في المطار وبالرغم من أهمية المشروع وبناءً على طلب حزب الله الجهة التي اتشرف بتمثيلها في الحكومة اعلن بكل شجاعة عدم السير بالعقد وكأنه غير موجود". موقفه جاء قبيل اجتماع للجنة الاشغال النيابية لمناقشة ملف توسعة المطار.... بعد الجلسة، هنأ رئيس لجنة الاشغال النيابية النائب سجيع عطية "الوزير حمية على الشجاعة الادبية، وباسم اللجنة أشكر هذه الحكمة واعلانها من المجلس النيابي، فهذا كبر واحترام للمجلس النيابي والسلطة الرقابية". وقال: نحن نفتخر بوزراء لديهم التواضع والحكمة واستدراك الامور خصوصا في هذه الظروف الصعبة وانا فخور كثيرا بهذا المستوى الاخلاقي العالي.
تلزيم بالتراضي: ليس بعيدا، شدد رئيس لجنة الادارة والعدل النائب جورج عدوان بعد جلسة لجنة الأشغال ، على أنه “يجب الانطلاق من ما حصل في ملف تلزيم المطار، لوضع الأمور في نصابها القانوني ونصابها الاقتصادي والمالي ودراسة الجدوى وفتح باب المنافسة الشفافة ووضع مخطط شامل للمطارات على مساحة الوطن”. وسأل “هل يحق لحكومة تصريف الأعمال إجراء عقود تلزيم على 25 سنة، واستطراداً هل يحق لوزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية اتخاذ قرار بالتلزيم بالتراضي"؟ وأضاف “قانون الشراء العام هو القانون الساري على جميع التلزيمات، إنما إن كان هناك أي وجوب لتعديل مراسيم أو قوانين أخرى، فمن الممكن أن نقوم بذلك”. وتابع “سنطّلع على كل الأوراق والدراسات وسندرس كل الأرقام، ونخرج بعدها بخطة كاملة وشاملة تحدد كيف ستحصل من الآن وصاعداً التلزيمات، ويكون العمل دستورياً وقانونياً”.
معوض يعتذر: سياسيا، المراوحة الرئاسية سيدة الموقف. على هذا الصعيد، أشار رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض في بيان، الى أنني زرت بكركي صباح اليوم، والتقيت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وذلك قبل توجهي إلى الولايات المتحدة الاميركية، في زيارة عمل مقررة منذ أشهر تتعلق بتلبية التزامات ونشاطات، مرتبطة بمؤسسة رينه معوض. ولهذه الاسباب كررت اعتذاري من غبطته عن عدم تمكني من المشاركة في اللقاء الروحي في بيت عنيا، في حين سيحضر عضو كتلة "تجدد" النائب أديب عبد المسيح". اضاف "استعرضت مع صاحب الغبطة الأوضاع العامة، والظروف الدراماتيكية التي يعيشها لبنان، في ظل الفراغ الرئاسي، وتحلل الدولة بكل مؤسساتها، والأزمة الاقتصادية- الاجتماعية الخانقة، وكان توافق على ان الأزمة في لبنان وطنية وليست مسيحية، وعلى أولوية الانتخابات الرئاسية وضرورة انتخاب رئيس سيادي وإصلاحي، قادر على تحمل مسؤولية البدء بمسيرة الانقاذ المرتكزة على فك عزلة لبنان واعادة ربطه ببيئته العربية والعالم، واسترجاع سيادة الدولة وحكم القانون، والمباشرة في ورشة الاصلاح الضرورية للخروج من المأزق. وأكدت خلال اللقاء على دور بكركي كمرجعية وطنية، لطالما دافعت عن لبنان السيد الحر المستقل، وعن الدولة ومؤسساتها، وعن العيش المشترك بين اللبنانيين تحت سقف الدستور".
الانتخابات البلدية: من جهة ثانية، غرّد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عبر حسابه على "تويتر" كاتبا "أصبحت الانتخابات البلدية الآن عند الحكومة كليا. أما الحجة التي يتمّسك بها البعض في محاولة لتعطيلها بذريعة التمويل فهي حجة غير قائمة، إذ ان الحكومة تستطيع بمرسوم عادي وكما فعلت طيلة السنة المنصرمة صرف بضعة ملايين من الدولارات من حقوق السحب الخاصة لإجراء الانتخابات البلدية، وبالتالي لا يمكن لأحد ان يتذرع بعدم وجود التمويل".