ماذا يريد الشعب الايراني؟
سؤال بسيط ومباشر هو: ماذا يريد الشعب الايراني؟ وماذا لا يريده؟ وهذا أيضاً سؤال طبيعي ثانٍ.
للإجابة على السؤالين نقول: إنّ الشعب الايراني هنا مخيّر أمام مسارين: المسار الأول هو ثقافة الحياة.. أما المسار الثاني فهو ثقافة الموت.
منذ اللحظة الأولى لنجاح ثورة آية الله الخميني يبدو أنّ الشعب لم يكن يعلم ماذا يريد الخميني؟ لأنه رفع شعار إسقاط «الشاه» وهذا حقه، وبعدها جاء آية الله الخميني ليرفع شعار «الموت لأميركا» وأميركا هي «الشيطان الأكبر»، وإسرائيل هي «الشيطان الأصغر». صاحب ذلك إنشاء الحرس الثوري الذي يعتبر بمثابة مجموعة من الشباب الثوري الملتزم بثورة الخميني، ومن رحم هذا الجيش البديل للجيش الرسمي وُلد «فيلق القدس» الذي ترأسه اللواء قاسم سليماني المعيّـن من قِبَل آية الله الخميني قائداً له.
لم يكتفِ النظام الجديد بذلك بل ذهب الى إقفال السفارة الاسرائيلية واستبدالها بالسفارة الفلسطينية في المكان نفسه، وكانت أوّل سفارة لفلسطين في العالم.
كل هذه الشعارات، وكل هذه الحروب التي خاضها آية الله الخميني كانت من أجل تحقيق هدف واحد هو «التشييع»، هذا المشروع الذي أطلقه الخميني ويقول فيه إنّ جميع أهل السنّة والبالغ عددهم (1.350.000.000) مليار وثلاثماية وخمسون مليون مسلم سنّي في العالم مقابل (150.000.000) ماية وخمسون مليون مسلم شيعي في العالم، هؤلاء يجب تشييعهم.
من هنا فإنّ مشروع الخميني ليس له أفق، مهما حاول أن يقتل ومهما دفع من أموال كما يفعل في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
قبل أن نذهب الى رحلة الخميني الدينية مع التشييع كانت البداية حرباً مع العراق دامت 8 سنوات أفقرت إيران والشعب الايراني، كذلك أفقرت العراق والشعب العراقي. هذه الحرب كلفت كل دولة منهما ألف مليار دولار وألفاً أخرى لإعادة إعمار ما هدمته الحرب في كلّ من البلدين.
والأنكى من ذلك ان مشروع الخميني لم يتوقف... بل كانت النتيجة عكسية، إذ انه لم يفهم ان 8 سنوات حرب عبثية لا يمكن أن تنتهي بانتصار أحد، لكنه اعتبرها غير كافية بل ظلّ مشروعه مستمراً.. والأموال التي دُفعت على مشروع «ثقافة الموت» لو كانت صُرفت على مشروع «ثقافة الحياة»، لكانت إيران اليوم واحدة من أغنى وأرقى وأهم دول العالم.
وفي نظرة سريعة كيف كانت إيران أيام الشاه، يتبيّـن لنا الأمور التالية:
أولاً: كان يوجد في إيران مصنع تجميع لسيارات «رينو» وآخر لسيارات «بيجو»، وكان كل مصنع ينتج مليون سيارة سنوياً.
ثانياً: كان كل 5 تومان إيراني تساوي دولاراً واحداً في سوق الصرف .
ثالثاً: كانت إيران دولة عظمى في المنطقة من حيث النفط والصناعات والزراعة..
رابعاً: كانت نسبة الفقر لا تذكر، أما اليوم فماذا حدث؟
ألف: أقفل مصنعا السيارات.
باء: أصبح الدولار الواحد يساوي (344 ألفاً) ثلاثماية وأربعة وأربعين ألف تومان، وليس هناك بأي أمل أن يتراجع بل العكس.
أكتفي بهذه المعلومات القليلة لأقول: إنّ الشعب الايراني الذي يقوم اليوم بثورة ضد النظام الحالي، يريد أن يقول للنظام بأنه (أي النظام) لا يشبه الشعب الايراني.. وعلى سبيل المثال فإنّ قادة الثورة الجديدة اليوم يؤمنون بالأمور التالية:
البند الاول: الأموال التي «تتبعثر» وتصرف في الخارج مصيبة. ولنبدأ بلبنان حيث ينفق النظام ملياري دولار سنوياً: ملياراً للسلاح وملياراً لرواتب «الحزب العظيم»، أي منذ عام 1983 ولغاية اليوم دفعت إيران 80 مليار دولار. فماذا حقق هذا النظام من وراء هذا الهدر لدعم الحزب؟ وماذا لو صُرفت هذه الأموال في إيران؟
البند الثاني: لماذا يجب أن يموت المواطن الايراني: إن كان في الحرس الثوري أو في الجيش من أجل بقاء بشار الأسد على كرسي الرئاسة في سوريا؟ وما هي المشكلة لو جلس من يختاره الشعب السوري؟ بل ماذا سيتغيّر بالنسبة للشعب الايراني؟
البند الثالث: ما علاقة أن يموت المواطن الايراني في الحرس الثوري أو في الجيش من أجل الحوثيين؟ وماذا استفادت إيران والشعب الايراني من الحوثيين؟
البند الرابع: لماذا يجب أن يقتل اللواء قاسم سليماني في مطار بغداد، وماذا كان يفعل في العراق؟ وهل مصلحة الشعب الايراني أن يقتل الشعب العراقي تحت شعار هذا شيعي وهذا سنّي؟ ماذا سيستفيد الشعب الايراني وإيران من هذا العمل؟
بصراحة وبكل وضوح، ما يجري اليوم في إيران هو ثورة على ثورة الخميني التي لم تجلب للشعب الايراني إلاّ الفقر... حيث صار 80٪ من الشعب الايراني تحت خط الفقر، و50 مليون إيراني يتلقون مساعدة قدرها 20 يورو لكل واحد شهرياً، أي أصبح الشعب الايراني متسولاً.
ما يريده الشعب الايراني هو ثقافة الحياة والجمال والحياة الكريمة، كما يريد أن يعيش بسلام لأنّ الحرب لا تأتي إلاّ بالدمار.
هناك شخصية إيرانية قائدة قالت: ماذا لو توقفنا عن دعم «الحزب» في لبنان؟ فماذا يحصل هل يبقى «الحزب» ينفذ ما يخطط له؟ وماذا أيضاً لو ذهب بشار الأسد من الحكم؟ وماذا يحصل؟ وماذا لو بنينا علاقة أخوة مع جيراننا العراقيين والحوثيين بدل الصواريخ والمسيّرات والقنابل والموت والمليارات التي تُهدر؟
عوني الكعكي - الشرق