سوريا لن تقبل بترسيم حدودها البحرية مع لبنان!
على مسافة أربعة أيام من انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، بكل ما أصاب البلد خلاله من ويلات ونكبات خلاله، سيكتب التاريخ أن لبنان انهار بكل مقوماته عندما تسلم الحكم الرئيس عون، وطيلة ست سنوات شهد اللبنانيون، أحد أسوأ العهود في تاريخ بلدهم، بعدما بلغ الذل والهوان مستويات غير مسبوقة، ما عرفها الشعب اللبناني حتى في أحلك أيامه وأكثرها قتامة يتنفس اللبنانيين الصعداء. وفيما بدا الشغور الرئاسي أمراً واقعاً، لتعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بعد أربع جلسات لم تفضِ إلى أي نتيجة، وفي حين أصبح تأليف الحكومة ضرباً غير ميسور الخيال، يشكل توقيع اتفاق الترسيم البحري التاريخي بين لبنان وإسرائيل المنتظر، اليوم، في مركز قيادة قوات الطوارئ الدولية في الناقورة، حدثاً بالغ الأهمية، على سائر الأحداث السياسية، حيث من المتوقع أن يطلق هذا الحدث دخول لبنان نادي الدول النفطية جدياً، في وقت بدأت إسرائيل استخراج الغاز من حقل «كاريش»، بانتظار أن يبادر لبنان إلى اتخاذ الإجراءات للبدء بعملية التنقيب من حقل «قانا» .
وفي الوقت الذي سجلت، أمس، بداية العودة الطوعية للنازحين السوريين إلى بلدهم، لا زال يتفاعل الرفض السوري لاستقبال وفد لبناني لبحث ملف ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، على وقع تزايد حجم الاعتراضات على منح رئيس الجمهورية السفير السوري علي عبدالكريم علي وساماً. إذ لم تكد تمضي ساعات على قرار دمشق الاعتذار عن استقبال الوفد اللبناني، حتى زار السفير السوري علي الرئيس عون مودعاً، لمناسبة انتهاء مهامه الدبلوماسية، ضارباً عرض الحائط كل التداعيات التي خلفها قرار بلاده بحق الوفد اللبناني.وتسأل أوساط نيابية، عن الأسباب التي دفعت الرئيس عون إلى تكريم سفير نظام لا يقيم وزناً للدولة اللبنانية، ولا يعترف بوجودها، لا بل أكثر من ذلك، فإن استقبال عون لهذا السفير، جاء بعد يوم من الصفعة السورية التي تلقاها العهد، برفض استقبال الوفد اللبناني .
وفي حين جاءت الرسالة السورية بالاعتذار عن استقبال الوفد اللبناني، بهذه الطريقة الخالية من اللياقات الدبلوماسية التي يفترض وجودها بين الأشقاء، في وقت يستضيف لبنان أكثر من مليوني نازح على أراضيه منذ أكثر من عشر سنوات، فإن مصادر معارضة، كشفت لـ«اللواء»، أن «سوريا لن تقبل بترسيم حدودها البحرية مع لبنان، لأنها أساساً لا تعترف به، بالرغم من وجود سفير لها في بيروت، وهو إجراء شكلي اضطرت دمشق للقبول به على مضض، بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وكما أنها لم تقدم للأمم المتحدة أي وثيقة تقر بلبنانية مزارع شبعا، فإن دمشق لا يمكن أن تقدم هدايا للبنان، بالموافقة على الترسيم البحري معه، لا في نهاية هذا العهد، ولا حتى في العهد الجديد. وحتى لو حصل انتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب. وهذا ما يدركه حلفاء سوريا من اللبنانيين الذين لم يجاروا رئيس الجمهورية في خطوته إرسال وفد، وما كانوا متحمسين لها، لأنهم يعرفون مسبقاً ردة الفعل السورية.وهو ما حصل برفض دمشق استقبال الوفد» .
وتضيف، أن «نظام الأسد غير المستعجل على هذه الخطوة، يتذرع بأن لا موقف موحداً لدى القوى اللبنانية، من مسألة الترسيم البحري. ولذلك لن تبادر دمشق إلى الاستجابة للمطلب اللبناني الذي يدور بشأنه خلاف. وهذا سيجعل الوضع على درجة كبيرة من الصعوبة، ما يرجئ الملف برمته إلى موعد آخر، لن يكون قريباً، طالما بقيت المواقف اللبنانية والسورية على حالها. وإذا لم ينتخب رئيس لبناني قادر على وضع مصلحة بلده فوق أي اعتبار، ولا يخضع للمساومات والإملاءات الداخلية والخارجية»، مشددة، على أنه «لهذه الأسباب تريد المعارضة رئيساً سيادياً لا يقبل بأنصاف الحلول، ولا يكون مرتهناً لهذا الطرف أو ذاك، على ما يؤكده البطريرك بشارة الراعي في كل مناسبة» .
وتشير المصادر، وفقاً للمعلومات المتوافرة لديها،بأنه «لن يكون هناك تحديد لأي موعد مع الجانب اللبناني في المرحلة المقبلة، باعتبار أن حلفاء النظام السوري، لن يسمحوا للحكومة اللبنانية بالسير في هذا الاتجاه، لأنهم بالأساس لا يوافقون على أي خطوة، لا تلقى قبولاً من جانب دمشق.ولذلك يمكن القول أن العهد الآفل قد فهم الرسالة السورية التي تلقاها بهذه الطريقة المهينة، ولن يبادر إلى فتح الموضوع ثانية، ولا حتى العهد الجديد إذا بقيت التوازنات الداخلية والإقليمية على حالها».
عمر البردان - اللواء