رسالة فرنسية رئاسية حازمة في زمن تطيير جلسات الانتخاب
كولونا: انتخاب رئيس قبل نهاية الشهر والترسيم لا يحل مكان الاصلاحات
ترحيب اممي بالاتفاق ورغبة قطرية بالانضمام الى تحالف التنقيب
المركزية- بضع ساعات هي المسافة الفاصلة بين تطيير الجلسة الثانية لانتخاب رئيس جمهورية وايفاد باريس وزيرة خارجيتها الى بيروت مدججة برسائل "رئاسية" حازمة وصارمة ابلغتها الى الرؤساء اليوم قبل ان تعود ادراجها.
ليس التعويل كبيرا على الحزم والصرامة الفرنسيين، فقبل كاترين كولونا حضر رئيسها ايمانويل ماكرون الى بيروت مرتين. كان اكثر شدة، حذّر ووبخّ، ولكن "على من تقرئين مزاميرك يا باريس؟" خفة واستخفاف، كيدية ونكايات، مصالح ضيقة لا تعلو فوقها مصلحة وطن يمعنون في اغراقه. تلك هي سياسة المنظومة ولا يبدو ان ثمة ما يغيّرها في انتظار "اوامر سلطات المحور العليا".
حزم فرنسي: ملأت جولة الوزيرة كولونا السريعة على المسؤولين اللبنانيين والرسائلُ الحازمة التي نقلتها اليهم، رئاسيا وحكوميا واصلاحيا، الساحة المحلية اليوم.
لرئيس هذا الشهر! هي شددت على أن “يجب انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء هذا الشهر”، مشيرةً الى أنّ “الرسالة التي أحملها اليوم هي وجوب احترام الاستحقاق الدستوري وهذه ضرورة أساسية للبنان وهو لا يحتمل خطر الفراغ في السلطة”. واكدت في مؤتمر صحافي من مطار بيروت الدولي في ختام جولتها على القيادات اللبنانية أنّ “انتخاب الرئيس اللبناني المقبل يعود إلى اللبنانيين وحدهم، وعليهم اختيار رئيس يستطيع أن يرأس الشعب ويعمل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار وأمن وسلامة لبنان”. كما لفتت الى أنّ “الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع إسرائيل في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية”، مشددة على أنه “يجب تطبيق الاتفاق مع البنك الدولي وهذا الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة إلى المستثمرين والإتيان بالتمويل الذي يحتاج إليه لبنان”. أضافت أن “من غير المقبول أن يستمر الشعب اللبناني بتحمّل عواقب أزمة هو غير مسؤول عنها ونحن ندعم هذا الشعب ونساعده طالما يُساعد نفسه”، مشيرةً الى أن “بعد عامين من انفجارات مرفأ بيروت ينتظر اللبنانيون العدالة بعيدا من أي نفوذ سياسي”.ورأت كولونا أنّ “الشعب اللبناني قادر أن يتّحد عندما يُريد ذلك، وبعد انتخاب رئيس جديد ستكون في المستقبل حكومة تمارس عملها بالكامل”. وعن موضوع النازحين السوريين ، كشفت أنّ “الإتحاد الأوروبي تمكّن من جمع مبالغ للغاية لمساعدة النازحين، وهي مأساة إنسانية يتحملها لبنان ومفتاح هذا الوضع يتعلق بتحسن الأوضاع في سوريا”.
عون والنزوح: وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ابلغ كولونا خلال استقبالها في قصر بعبدا، ان "موافقة لبنان على الصيغة النهائية التي اعدها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، ستشكل مدخلاً اساسياً لمواجهة الازمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان، وستساهم في النهوض الاقتصادي اللبناني من جديد والانطلاق في ورشة إعادة الاعمار". واكد "العمل من اجل انجاز الاستحقاق الرئاسي، فضلاً عن سعيي الى تشكيل حكومة جديدة لا سيما وان الوقت لا يعمل لمصلحة لبنان، في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها، وانه من المهم جداً التوافق على رئيس جديد للجمهورية يتولى مهامه ويضمن استمرار عمل مؤسسات الدولة واستكمال عملية مكافحة الفساد". وشدد عون على "أهمية عودة النازحين السوريين الى بلادهم، خصوصاً وان العودة آمنة في ظل الاستقرار الذي تنعم به معظم المناطق السورية"، مجدداً "رفض لبنان القاطع لدمج النازحين في لبنان"، معتبراً ان "اللبنانيين جميعاً يقفون ضد هذه الخطوة لما تحمل من سلبيات للشعبين السوري واللبناني على حد سواء".
للاتفاق مع الصندوق: وانتقلت كولونا إلى السراي الحكومي في محطّتها الثانية، حيث التقت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وشددت على وجوب اتمام الاستحقاقات الدستورية اللبنانية في موعدها، وعلى وجوب استكمال الاصلاحات الضرورية للانتقال الى التوقيع النهائي لاتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي. وقالت: "إن المجتمع الدولي ككل يتطلع الى اتمام عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لعدم حصول اي فراغ قد يضعف الموقف اللبناني في ادارة عمليات التفاوض لحل ازماته ومعالجة الملفات الضرورية".
عين التينة: بعدها توجهت كولونا الى عين التينة حيث التقت رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
ترحيب اممي: وكان اتفاق ترسيم الحدود البحرية بقي متقدما اليوم. في السياق، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش به. وعبر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك - في بيان وزعه فجر الجمعة - عن الاعتقاد القوي للأمين العام بأن هذا التطور المشجع يمكن أن يعزز الاستقرار المتزايد في المنطقة، ويعزز الرخاء للشعبين اللبناني والإسرائيلي. وأكد استمرار التزام الأمم المتحدة بمساعدة الطرفين، والتزامها بدعم التنفيذ الفعّال لقرار مجلس الأمن 1701 (2006) والقرارات الأخرى ذات الصلة، والتي أشار إلى أنها تظل أساسية لاستقرار المنطقة.
رغبة قطرية: الى ذلك، عقد ميقاتي اجتماعا مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض واعضاء هيئة ادارة قطاع البترول. وأعلن فياض بعد الاجتماع "عقدنا لقاء اليوم مع الرئيس ميقاتي بمعية أعضاء هيئة إدارة البترول، بعد زيارة قمت بها لرئيس الجمهورية لتهنئته بالإنجاز التاريخي بشأن ترسيم الحدود وترسيخ حق لبنان بالمباشرة منذ الآن، بأعمال الاستكشاف في حقل قانا وسائر البلوكات في مياه البحر عندنا". وكشف فياض "عن رغبة قطرية في الدخول إلى التحالف للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9. وقال "لقد وردت الرغبة القطرية عبر رسالة من وزير النفط القطري سعد الكعبي أعلن فيها نوايا دولة قطر الشقيقة بمشاركة لبنان بالدخول الى التحالف الذي سينقب في البلوكين 4 و9 لتصبح قطر الشريك الثالث لشركتي " توتال" "وأيني" في هذين الحقلين، وهذا أمر مهم جدا، لأننا نعرف قدرة قطر الاستثمارية ورغبتها التي أعلنت عنها عبر زيارات مختلفة لسفيرها للوزارة للاستثمار في النهوض الاقتصادي للبنان في قطاع النفط والغاز، في التنقيب وانتاج الطاقة".
تشريع الثلثاء: في الغضون، وبينما حلقت اسعار المحروقات من جديد اليوم على وقع ملامسة الدولار عتبة الـ40 الفا، دعا الرئيس بري الى عقد جلسة عامة قبل ظهر يوم الثلاثاء وذلك لانتخاب اميني سر وثلاثة مفوضين واعضاء اللجان النيابية على ان تلي هذه الجلسة جلسة تشريعية.
لا للتسوية: في الشأن الرئاسي، غداة الاخفاق في الانتخاب امس بفعل تطيير فريق 8 آذار النصاب، اعتبر رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع، ان "ما يطرح من توافق وتسوية حول هوية الرئيس العتيد يعني أن الحلول لن تكون متاحة بالنسبة للأزمة التي نعيشها وسيبقى الوضع على ما هو عليه من انهيار وفشل وأزمات، وهذا مردّه لسبب بسيط وهو أن نظرة من يطالبون بالتوافق، بالنسبة لكيفيّة قيام الرئيس بإدارة الدولة والمواصفات التي يملكها، تتناقض تماماً مع نظرتنا. فنحن نريد رئيساً يملك الحد المقبول من القرار الحر والمستقل ويؤمن إيماناً راسخاً بسيادة الدولة على كامل أراضيها ومؤسساتها، رئيسا نظيف الكف وغير فاسد ولديه ارادة صلبة لمحاربة الفساد والشروع في الاصلاحات وبناء مؤسسات حديثة". اضاف: إن الأولوية في الوقت الراهن هي تغيير السلطة المسؤولة عن إفلاس وانهيار البلاد سياسياً واقتصادياً وضرب علاقات لبنان العربية والدولية، أي الثنائي حزب الله-التيار الوطني الحر وحلفائهما.
"العودة" في الخارجية: وبالعودة الى ملف النزوح، فقد اجتمع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب مع سفيرة الولايات المتحدة الاميركية لدى لبنان دوروثي شيا. وطلب بوحبيب من السفيرة شيا المساعدة في تزويد لبنان بالأدوية التي يحتاجها خصوصا أدوية معالجة مرض السرطان كما جرى عرض للتطورات والخطوات التي يتخذها لبنان في ملف النازحين لتسريع العودة الآمنة لهم، والحد من استغلال المساعدات المخصصة لهم من قبل بعض الأشخاص غير المستحقين. كما استقبل بوحبيب سفيرة كندا لدى لبنان شانتال شاستناي وتم البحث في المستجدات السياسية وملف النزوح السوري. كما هنأت شاستناي بوحبيب على انجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية.