قوى "التغيير" تستعدّ لإطلاق مبادرتها الرئاسية.. وهذه أولويتها
يستعد تكتّل «قوى التغيير» لإطلاق مبادرته الرئاسية بالتزامن مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد اليوم، يعرض فيها مقاربته للاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من رؤيته لمواصفات الرئيس العتيد من دون أن يتطرّق على الأقل في المدى المنظور للمرشحين الذين تنطبق عليهم هذه المواصفات؛ لأنه يعطي الأولوية، كما يقول مصدر نيابي مقرب منه لـ«الشرق الأوسط»، لقطع الطريق على إقحام البلد في فراغ رئاسي يعني حكماً بأن الأزمة إلى مزيد من التأزيم بالتمديد للوضع الكارثي الذي أدى إلى تدحرجه نحو الانهيار الشامل.
ويأتي إعلان تكتل «قوى التغيير» عن مبادرته الرئاسية في مؤتمر صحافي يعقده السبت المقبل، رغم أنه كان يفضّل انعقاده في مبنى البرلمان، لكن انقطاع التيار الكهربائي عنه بسبب نفاد مادة المازوت اضطره إلى البحث عن مكان بديل.
ويلفت المصدر النيابي إلى أن الإعلان عن مبادرته الرئاسية يُفترض أن يفتح الباب على مصراعيه أمام التواصل مع الكتل النيابية والنواب المستقلين من دون استثناء للوقوف على وجهات نظرهم حيال رؤية التكتل للمواصفات التي رسمها لانتخاب رئيس جمهورية جديد، ويقول بأن التكتل سيبادر للاتصال بدءاً من الاثنين المقبل بزملائه النواب للدخول في نقاش مستفيض حول مضامين مقاربتهم للاستحقاق الرئاسي وضرورة إنجازه في موعده الدستوري.
ويؤكد أنه ينأى بنفسه عن طرح الشعارات الشعبوية في مقاربته للاستحقاق الرئاسي أو الدخول في اصطفافات سياسية مسبقة يترتب عليها الانجرار إلى صدامات سياسية، ويأمل بأن تؤدي الاتصالات إلى تشكيل قوة نيابية تضم، إضافة إلى التكتل، كتلة نواب «الكتائب» وتكتل «التجديد» الذي يضم ميشال معوض، أشرف ريفي، فؤاد مخزومي وأديب عبد المسيح، إضافة إلى النائبين نعمة أفرام وجميل عبود، وعدد من النواب المستقلين من بينهم غسان سكاف.
ويرى أن الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس بات يحتّم التحرّك على وجه السرعة باتجاه جميع الكتل النيابية، سواء كان هناك تلاقٍ معها حول مجموعة من القواسم المشتركة أو على خلاف؛ «لأن ما نطمح إليه هو تجميع القوى السيادية تحت سقف توحيد مقاربتنا لرئيس الجمهورية»، ويقول بأن هذه القوى هي الآن في تنسيق دائم حول كل ما يتعلق بمشاريع واقتراحات القوانين التي تُدرج على جدول أعمال الجلسات التشريعية.
ويؤكد أن القوى «السيادية» تلتقي أسبوعياً في البرلمان لتوحيد الرؤية حول الأمور التشريعية، ويقول إنها اجتمعت أمس وجدّدت دعوتها لنائبي صيدا أسامة سعد وعبد الرحمن البزري للمشاركة في اجتماعاتها التنسيقية، ويأمل انضمامهما إلى زملائهما النواب، خصوصاً أنهما لم يعترضا على أهمية التنسيق.
ومع أن الاجتماعات للقوى السيادية تبقى تحت سقف التنسيق التشريعي، فإن الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس، كما يقول المصدر النيابي، يحتّم إدخال تعديل على جدول الأعمال بما يضمن توحيد الرؤية لإرساء مقاربة موحّدة لمواصفات الرئيس العتيد.
وفي هذا السياق، لا يحبّذ المصدر الدعوة لخوض المعركة الرئاسية بمرشح يصنّف على خانة التحدّي لهذا الفريق أو ذاك، ويؤكد أن المهم انتخاب رئيس غير تقليدي لا يشكل امتداداً للرئيس الحالي ميشال عون لئلا نشارك في تمديد الأزمة التي أوصلت البلد إلى قعر الانهيار بدلاً من أن نؤمّن وصول رئيس إلى سدة الرئاسة الأولى يستجيب لتطلعات السواد الأعظم من اللبنانيين إلى التغيير، وأن يكون من رحم الانتفاضة الشعبية على المنظومة الحاكمة والطبقة السياسية التي أوصلت البلد إلى الانهيار الشامل.
فالرئيس العتيد الذي نتطلع إلى انتخابه، كما يقول المصدر النيابي، يجب ألا يدور في فلك الطبقة السياسية المسؤولة عن دمار البلد أو ينتمي إلى الانقسامات السياسية التقليدية التي توحّدت في غفلة من الزمن ضد اللبنانيين.
ولم يستبعد المصدر نفسه، أن تكون المداولات الأولية التي جرت بين النواب الأعضاء في تكتل «قوى التغيير» قد مهّدت الطريق أمام غربلة أسماء عدد من المرشحين الذين تنطبق عليهم المواصفات التي سندرجها في مبادرتنا، لكن لا مصلحة حتى الساعة للدخول في بازار الترشيحات استباقاً للمشاورات الجارية بين القوى السيادية من جهة وتلك التي يستعد التكتل للقيام بها باتجاه الكتل النيابية الأخرى.
كما لم يستبعد بأن تتوسّع مروحة الاتصالات بين التكتل وبين القوى السيادية للاتفاق على من تتوافر فيهم المواصفات لدعم ترشّحهم، خصوصاً أن الاجتماعات التنسيقية لن تبقى تدور حول الأمور التشريعية، وبات من الضروري استعراض أسماء المرشحين شرط أن تبقى المداولات محدودة لأن لا مصلحة لتظهيرها إلى العلن قبل أوانها لئلا نستدرج العروض لحرقها من قبل القوى التقليدية.
لذلك؛ يخطو تكتل «قوى التغيير» بإعلانه مبادرته الرئاسية الخطوة الأولى على طريق إخراج المعركة الرئاسية من الغموض والضبابية التي تكتنفها على خلفية انكفاء المرشحين عن التحرك وإصرارهم على عدم كشف أوراقهم لأنهم ينتظرون أن يأتيهم الترياق الموعود لتقديم أنفسهم على أنهم في عداد المتسابقين إلى رئاسة الجمهورية، فيما يتصرف أكثر من فريق محلي وكأن الفراغ الرئاسي لا يزال يتقدّم على انتخاب الرئيس.
وعليه، فإن تكتل «قوى التغيير» يكون من خلال مبادرته الرئاسية قد أخرج الاستحقاق الرئاسي من الحلقة المفرغة التي تحاصره وأسهم في أن تشكّل الانتخابات فاتحة للتغيير لأن التجديد للنظام الحالي ما هو إلا تمديد للأزمة.
محمد شقير - الشرق الاوسط