"إسرائيل تحاكي الحرب مع حزب الله في قبرص"... هل يشعل الترسيم البحري حرب لبنان المقبلة أو التسوية؟
كتب احمد عياش في "النهار":
هل يتحوّل النزاع بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية الى حرب يشعلها "حزب الله" وتمضي اليها إسرائيل ، على غرار ما فعلت في تموز 2006؟
لا ينطلق السؤال من فراغ، وإنما من عدد من المعطيات ، أبرزها ما أوردته أمس صحيفة "جيروزاليم بوست" في تحقيق تحت عنوان " إسرائيل تحاكي الحرب مع حزب الله في قبرص." ومن هذه المعطيات أيضا، ما صدر من مواقف أخيرا ، وفي مقدمتها موقف للامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ، أعادت ملف الترسيم الى الواجهة، ما يعزز التساؤل عما إذا كان وراء التحريك الميداني والكلامي لهذا الملف ما يخفي ابعد من ذلك؟
وجاء في تحقيق الصحيفة الإسرائيلية ان "جزءا من عربات النار : سيتوجه المئات من جنود الجيش الإسرائيلي وجنود الاحتياط من وحدات من مختلف السلك العسكري الى قبرص هذا الأسبوع ،لإجراء تدريبات مشتركة تحاكي الحرب ضد حزب الله" في عمق لبنان. تضيف ال"جيروزاليم بوست" ان "المناورات في قبرص ، التي تسمى "أغابينور-2022" أو "ما وراء الأفق"، هي جزء من مناورات "عربة النار" التي يجريها الجيش الإسرائيلي لمدة شهر، والتي تهدف الى تحسين قدرات الجيش في حرب مكثفة ومتعددة الجبهات وطويلة الأمد على جميع حدود إسرائيل. وتستمر التدريبات حتى 2 حزيران المقبل." ووفقا للصحيفة ، فإن قوات الحرس الوطني القبرصي ستنضم الى هذه التدريبات، ما يثير علامات إستفهام حول موقع قبرص في الحرب المقبلة التي تحضّر لها إسرائيل ضد "حزب الله؟"
وقبل هذه التدريبات ، تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس مع نظيره القبرصي شارالامبوس بيتريدس. ولفتت الصحيفة الى أن إسرائيل وقبرص واليونان "حلفاء مقربون ويتقاسمون عددا من المصالح الاستراتيجية " وان لديها " مصالح إقتصادية مشتركة، مثل المشروع الطموح لمد خط أنابيب غاز تحت سطح البحر من إسرائيل الى قبرص الى كريت الى البر الرئيسي لليونان."
وتزامنت هذه المعلومات حول التدريبات الإسرائيلية في قبرص ، مع تأزم العلاقات بين اليونان وإيران بعدما أقدمت قوات إيرانية يوم الجمعة الفائت باحتجاز ناقلتي نفط ترفعان العلم اليوناني في مياه الخليج.
ومن المواقف اللافتة، ما صرّح به المدير العام للامن العام اللواء عباس إبرهيم خلال وجوده في واشنطن حول ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان التي يحاول مبعوث واشنطن عاموس هوكشتاين التوسط فيها، فقال اللواء إبراهيم لصحيفة "ذي ناشيونال " الاماراتية إن الولايات المتحدة تنتظر رد بيروت. ومما قاله:""قدم لنا عاموس اقتراحا مكتوبا ... وأعتقد أنه يستحق الرد. علينا أن نستجيب".
في موازاة ذلك، أوردت "النهار" امس ما كتبه الرئيس السابق للوفد التقني العسكري المفاوض حول الحدود البحرية الجنوبية العميد بسام ياسين عبر صفحته على فايسبوك، قائلا: "لا أحد يعتقد أننا قادرون على استخراج النفط والغاز من البحر في القريب العاجل دون تعديل المرسوم ٦٤٣٣ وتبني الخط ٢٩ كمنطلق للتفاوض، أو بالحد الادنى تبني ما ورد في رسالة لبنان الى الامم المتحدة بتاريخ ٢٠٢٢/١/٢٨ لناحية اعتبار حقل كاريش متنازعا عليه وتحذير الشركات من العمل لصالح اسرائيل في المناطق المتنازع عليها."
وبالعودة الى ما أسمته "جيروزاليم بوست" امس " إسرائيل تحاكي الحرب مع حزب الله في قبرص، " فهي تستبق وصول سفينة الإنتاجFPSO التابعة لشركة "إينرجين" اليونانية إلى إسرائيل للشروع في التنقيب عن الغاز في حقل يدعى "أثينا" والمجاور لحقل "كاريش" القريب من الحدو بين إسرائيل ولبنان.
في رأي خبراء إقتصاديين ، ان تصريحات الأمين العام ل"حزب الله" الأخيرة، تحتمل تفسيرا، ان الحزب على الاستعداد لكي يتم تسهيل المفاوضات التي حضّر لها منذ العام الماضي الوسيط الأميركي هوكشتاين ، وذلك لكي يكون الحزب شريكا في ما وصفه نصرالله ب"الكنز الموجود في البحر،": وقال نصرالله :" أحد المسؤولين قال لي أنه نحن لبنان لديه نفط وغاز بما يقدر ب 200 مليار دولار."
في المقابل، يرى مراقبون ، ان "حزب الله" يعود في قراراته الاستراتيجية، مثل ملف الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الى مرجعيته الإيرانية التي تمر الان بمنعطف إنجاز مفاوضاتها النووية مع الغرب، وسط مؤشرات لا توحي ان هذه المفاوضات أصبحت على مشارف الإنجاز. ما يعني ان ورقة طهران المفضلة ستبقى إشعال الحروب بالوكالة كما فعلت عام 2006 ، والتي ثبت انها كانت تحضيرا للانجاز النووي الذي تحقق في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
إذا، يتأرجح الموقف مجددا بين التصعيد والتسوية في الملف اللبناني-الإسرائيلي. ولن يكون بمقدور احد في الجمهورية اللبنانية ان يحدد وجهة الاحداث سوى نصرالله الذي يتمتع فعليا بقرار الحرب والسلم في هذا البلد.