"حزب الله" يستعين بالدولة في الضاحية كما يستعين بوتين بـ"فاغنر"!
كتب احمد عياش في "النهار":
ما جرى أمنيا في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل أيام ، لم ينل نصيبه من الاهتمام الإعلامي، على الرغم من دلالاته السياسية في هذه المنطقة بالذات ، التي توصف بأنها معقل "حزب الله". علما ان موضوع الامن وإهتزازه ليس محصورا بمنطقة دون سواها، وآخر الأمثلة المفجعة جريمة قتل الصيدلانية ليلى رزق.
ماذا جرى في الضاحية بالتحديد؟ إنه "ازدياد عمليات السرقة والسطو والإخلال بالأمن في مناطق متفرّقة من الضاحية الجنوبية لبيروت وصولاً إلى حدّ التفلّت وتهديد الأرواح والسلامة." وكي لا يقال عن مبالغة في هذا التوصيف، فهو منقول بالحرف الواحد من بيان صادر في 15 الجاري عن قيادتيّ الحزب وحركة "أمل" ، ونشره موقع "العهد" الالكتروني التابع للحزب تحت عنوان، "الاتفاق مع الأجهزة الأمنية والعسكرية على إقامة حواجز ظرفية في الضاحية."
وقد أورد البيان تفاصيل الاجتماع الذي "عُقد بين حزب الله وحركة أمل ضمّ مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا ومسؤول الإعداد المركزي في حركة أمل الحاج أحمد بعلبكي مع ممثلين عن الأجهزة الأمنية والعسكرية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن دولة وأمن عام" . وقد تم الاتفاق في الاجتماع على سلسلة تدابير أمنية نفذتها الأجهزة الأمنية، ما أدى " توقيف عدد من المتورطين بعمليات السرقة والنشل والمطلوبين بمذكرات توقيف،" حسبما جاء في البيان ، الذي أهاب باسم القيادتيّن "بالدولة والأجهزة الأمنية التعاطي بحزم مع كلّ مخلّ بالأمن والتأكيد على رفع الغطاء عن كلّ متورط، كما أهابت بأهلنا في الضاحية الجنوبية التعاون مع الأجهزة الأمنية المختصة وتسهيل مهامها للتخلص من هذه الظواهر الشاذة" .
ما يجب توضيحه، قبل المضي في هذا الموضوع، ان الضاحية الجنوبية لبيروت، هي ليست عمليا ضاحية لعاصمة لبنان، بل هي فعليا عاصمة ل"دولة" الحزب منذ عقود تعود لثمانينات القرن الماضي بعد نشوء الحزب وإشتداد ساعده إثر تأسيسه على يد الحرس الثوري الإيراني غداة الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. ولا تزال الشواهد التي يصعب احصاؤها ماثلة حول نفوذ الحزب في هذا المنطقة بدءا من خطف الرهائن الأجانب في الثمانينات وحجزهم في المنطقة قبل تصفيتهم او اجراء مقايضات لإطلاقهم، وصولا الى إعتماد الضاحية هذه الأيام مقرا لكل القوى والفصائل التي ترعاها طهران في المنطقة وفي مقدمتها حوثيو اليمن. وفي معلومات ل"النهار"، أن "حزب الله" إستضاف أخيرا نائب رئيس حركة حماس الشيخ صالح العاروري الذي شارك في اجتماع فصائلي فلسطيني موالي لإيران وذلك "لحماية القدس والمقدسات،" وفق هذه المعلومات.
لماذا إذن، تستعين عاصمة دولة "حزب الله" بقوى أمنية من دولة لبنان؟ بالعودة الى بيان قيادتيّ الحزب و"أمل" عبارة "إقامة حواجز ظرفية في الضاحية." أي ان تدابير الأمنية الشرعية هي "ظرفية" إنتهت بعد إنجاز مهمتها والتي كانت "التخلص من الظواهر الشاذة" في الضاحية.
في المقابل، رأى الكاتب في برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، والضابط السابق في الجيش الأميركي فريديريك ويري، أن قوات الفاغنر الروسية اختبرت ليبيا في إطار سيناريوهات مصغرة للحرب الدائرة حاليًا في أوكرانيا.
ورصد “ويري” العمليات التي قامت بها قوات فاغنر الروسية في ليبيا، وما أحدثته وراءها “من خراب” منذ أن استدعيت للمشاركة في حرب طرابلس، في نيسان 2019، وقارنه بمشاركتها مؤخرًا في الحرب الروسية الأوكرانية.
وأوضح الضابط الأميركي السابق في مقالة له نشرتها صحيفة "التايم" الأميركية، أن “المرة الأخيرة التي حاولت فيها القوات الروسية الإطاحة بحكومة معترف بها دوليًا كانت في بلد بعيد عن أوروبا الشرقية وعلى نطاق أصغر بكثير من حرب اليوم في أوكرانيا”، في إشارة إلى ليبيا.
تجدر الإشارة إلى أن مسؤولين أميركيين قد ذكروا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يلجأ إلى “الفاغنر” مع تعثر القوات الروسية النظامية وزيادة عدد القتلى في صفوفهم، فيما أفاد البنتاغون وأجهزة المخابرات الغربية بأن ما يصل إلى 1000 مقاتل من فاغنر، يتم إعادة انتشارهم في أوكرانيا منذ أواخر شهر آذار الماضي. وتردد ان مرتزقة إلتحقوا ب"فاغنر" جاءوا من سوريا.
بالعودة الى لبنان ، رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" التابعة للحزب النائب حسن عز الدين "إنّ أعداء المقاومة وخصومها في الداخل والخارج وعلى رأسهم أميركا يزجّون في معركتهم الانتخابية، بل في حربهم السياسية، بشعارات لا علاقة لها بالانتخابات مثل "نزع سلاح حزب الله، ومواجهة السلاح، وتحرير الدولة من حزب الله وغيرها من الشعارات".
وقال :" أن بعض المرشحين بدأوا يعملون على ضخ المال السياسي...لهؤلاء المرشحين نقول لا تتعبوا أنفسكم برفع شعارات كبيرة، لأن أسيادكم في مجلس الأمن الذين صاغوا القرار 1559، وشنّوا حروبهم الإقليمية والدولية لنزع هذا السلاح، قد فشلوا في ذلك ".
موقف النائب عز الدين، جاء بعد أيام قليلة لما جرى في الضاحية الجنوبية. فهل إستطاع "سلاح المقاومة" الذي يدافع عن بقائه نائب الحزب، في توفير الامن في "عاصمة" هذه المنظمة وهو الذي يتأهب لإلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة وإسرائيل ومن يلوذ بهما؟
في موازاة ذلك، هل صارت دولة لبنان مقدم خدمات أمنية لدولة "حزب الله" كما هي "فاغنر" بوتين؟