لهذه الأسباب اغتيل رفيق الحريري
كتب معروف الداعوق في "اللواء": اليوم ، في خضم الازمة الصعبة التي يواجهها اللبنانيون حاليا، بكل قساوتها وضغوطاتها الاقتصادية والمعيشية، وتردداتها الامنية والسياسية، وممارسات عزل لبنان، عن محيطه العربي،وخطرها المحدق بكيانه كله، يدرك اللبنانيون اكثر من اي يوم مضى، لماذا اغتال حزب الله رفيق الحريري ؟
الجواب، لكي، يكون ما هو عليه لبنان اليوم ،شبه دولة، غارقة بالفوضى وعدم الاستقرار، بمؤسسات متهاوية، او مشلولة، وباقتصاد منهار ووضع معيشي بائس، تحكمه سطوة سلاح حزب الله، وقراره السياسي ، بلد مصادر ومرتهن لايران ومصالحها الاقليمية والدولية، منصة سياسية واعلامية وامنية، للمشاركة بالحروب المذهبية ،بسوريا والعراق واليمن واستهداف الدول العربية الشقيقة، وموقع لتوجيه الرسائل الايرانية على انواعها للخارج،في خضم موسم الصفقات الجاري هندستها مع الراعي الاميركي بالملف النووي وملحقاته،
باختصار يريد حزب الله، لبنان دولة ملحقة بالنظام الايراني وعلى شاكلته، كما عبر عن ذلك صراحة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ،الذي ابدى إعجابه الشديد بالنظام الايراني منذ ايام ،ولم يكن ينقصه سوى الدعوة لتطبيق النموذج الايراني على لبنان، ليكون دولة قمعية ،دكتاتورية، محكومة بسطوة سلاح ايران غير الشرعي تحت عنوان المقاومة المعتزلة ضد إسرائيل، اقتصاده مستباح بالمعابر غير الشرعية وتبييض وتهريب الاموال، ومعبرا مباحا لتصدير المخدرات للدول العربية والعالم، دولة ترفع شعارات وتنفذ سياسات النظام الايراني وتدافع عن مشروعه الفتنوي التفتيتي للعالم العربي.
هذا اللبنان الذي يريده حزب الله، يناقض كليا،اللبنان الذي بذل رفيق الحريري ما في وسعه لقيامته، لبنان المتطور،المزدهر، تحكمه افضل العلاقات مع العرب،منفتح اقليميا ودوليا، لبنان الذي جهد لاخراجه من اتون الحرب الاهلية، وفوضى سلاح المليشيات، وساهم بالدور الفعال والاساس لتوقيع اتفاق الطائف، واطلاق ورشة اعادة الاعمار وتأهيل البنى التحتية الاساسية، وتعليم الاف الشباب اللبناني بارقى الجامعات الداخلية والعالمية، وتفعيل الدورة الاقتصادية وتحسين مستوى عيش اللبنانيين، ونقل لبنان الى مرحلة متقدمة، ليأخذ موقعه الطبيعي عربيا ودوليا،على رغم احتلال إسرائيل لقسم من الجنوب اللبناني واعتداءاتها المكلفة على الاقتصاد الوطني، وهيمنة الجيش السوري على لبنان يومذاك.
اليوم ،اكثر من اي يوم مضى، بامكان اللبنانيين، المقارنة بين ماكان عليه وضعهم ايام الرئيس الشهيد، وما اصبح عليه وضعهم اليوم بعد جريمة الاغتيال، بهيمنة حزب الله على مقدرات البلد،من رئاسته الى حكومته،الى مؤسساته، ببساطة يدرك الجميع بوضوح ، ان جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، التي أدين بارتكابها سليم عياش، احد كوادر حزب الله،من اعلى محكمة دولية بالعالم ، هدفها، اغتيال مشروعه النهضوي للبنان، المنفتح عربيا ودوليا، اغتيال لبنان كوطن حر مستقل، يشكل نموذجا فريدا للتعايش بالمنطقة، لتسهيل السيطرة عليه والهيمنة على قراره والحاقه بالمشروع الايراني كما يحصل اليوم،
جريمة اغتيال الحريري، لها علاقة مباشرة باستباحة الحزب للدولة اللبنانية، وتجاوز دستورها وقوانينها ،التي يدعي قادته ونوابه
زورا، الالتزام بها، واستعمالها ،كقاعدة بعد انتهاء مهمة سلاحه بتحرير الجنوب، ليكون رأس حربة النظام الايراني لتدمير سوريا والعراق واليمن وتهديد أمن واستقرار الدول الخليجية،
فليستمر الحزب باخفاء سليم عياش، ليؤكد مسؤوليته المطلقة بجريمة الاغتيال الإرهابية هذه، والتي تتنافى مع كل مفردات ومزايا المقاومة الحقيقية، بل اكثر من ذلك تتلاقى مع مخططات تهديم اواصر الكيان اللبناني واسقاط الدولة، وهو مايجب ان يتنبه له اللبنانيون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، ويعملوا بهدي مشروع رفيق الحريري، الراسخ بنفوسهم وقلوبهم، للمحافظة على اللبنان الاساسي، الذي يجسد أمانيهم وتطلعاتهم،وليس لبنان حزب الله الغريب عنهم وعن بيئتهم وعاداتهم.