تسويات جديدة يحضّر لها... استبدال "الطائف" بنظام يفرض حضورا سياسيا أكبر لقوى الثنائي في الحكومة
كتب ناصر زيدان في "الأنباء" الكويتية: كل المؤشرات المعلنة وغير المعلنة تشير الى تعقيدات إضافية تواجه لبنان. والتفاؤل الذي بعثه موقف المجلس الدستوري بعدم قبول الطعن بقانون الانتخاب، مضافة اليه زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وتصريحاته المتضامنة مع اللبنانيين، لن تنعكس إيجابيا على الوضع كما كان يأمل الجميع، ذلك أن الطريقة التي يواجه بها الثنائي الحاكم المهدد بالانفراط (التيار الوطني الحر وحزب الله) والثنائي الشيعي (او الوطني) لا تبشر بالخير، وهي تضع كل الاستحقاقات القادمة في مهب الريح، ومنها الانتخابات النيابية القادمة.
تجمع مصادر واسعة الاطلاع على استمرار التعقيدات التي تواجه الوضع، وغالبية المسؤولين يفتشون عن مصالحهم السياسية ومستقبل المحور الذي ينتمون اليه، أكثر مما يفتشون عن حلول للأزمات الخانقة التي توجه اللبنانيين، والتي أضحت في درك غير مقبول ونتج عنها مآس معيشية لا تطاق.
من الواضح أن الخلاف بين قطبي الثنائي الحاكم يتمحور حول موضوع التحقيقات في ملف تفجير المرفأ، لأن حزب الله لا يستطيع تحمل نتائج صدور قرار ظني يدينه، ولا يريد للآلية المتبعة في التحقيقات والتي يجريها القاضي طارق البيطار أن تستمر، والتيار الوطني الحر لا يستطيع تحمل فرط آلية التحقيق المتبعة الا إذا حصل على ثمن كبير كما كان سيحصل لو نجحت الصفقة التي اعترض عليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل صدور موقف المجلس الدستوري.
موقف رئيس الجمهورية ميشال عون وتصريحات صهره النائب جبران باسيل في أعقاب صدور لا قرار المجلس الدستوري زادا الوضع تعقيدا، وسلطا الضوء على شائبة غير مقبولة لم تكن معروفة، وربما تكون غير صحيحة، وهي أن الصفقات السياسية بين فرقاء الحكم تشمل أعمال المجلس الدستوري ايضا، لأن باسيل انتقد موقف بعض أعضاء المجلس، مشيرا إلى كونهما محسوبين على الثنائي الشيعي، وهذا خطأ جوهري اصاب المجلس الدستوري في الصميم، رغم أن إحالة عدم قدرة المجلس الدستوري على اتخاذ قرار بقبول الطعن المقدم من التيار الوطني الحر لأسباب سياسية غير مؤكد، وكل المعطيات تشير الى أن الرافضين لقبول الطعن بنوا موقفهم على اعتبارات قانونية خالصة.
تشير المصادر الواسعة الاطلاع الى أجواء تسويات جديدة يحضر لها، ومنها استبدال اتفاق الطائف بنظام جديد يفرض حضورا سياسيا أكبر لقوى الثنائي في السلطة التنفيذية، وحجة التغيير ستكون لمعالجة الاختلالات الموجودة حاليا في النظام والتي تعطل عجلات الدولة، برغم أن تعطيل الدولة يستند الى نهج متبع منذ 7 سنوات، وهو يحصل بقرار سياسي في الغالب، واحيانا لأسباب شخصية او لقصور في القدرة على إدارة الدولة.
يتوقع كثيرون من ذوي الرأي والمتابعين، أن يصل التعطيل الى نسف الانتخابات النيابية وربما الرئاسية، ويحضر حاليا لإنتاج أسباب موجبة للوصول الى هذا الهدف، بما في ذلك الإعداد لسيناريو أمني غير واضح المعالم. وهناك شيء من توزيع الأدوار بين الثنائي الحاكم هدفه ربط نزاع سياسي ودستوري وطائفي، لأن الفريقين لا يمكن أن يفترقا، فليس للحزب شريك على الساحة المسيحية إذا خسر التيار، وليس للتيار أي حليف في لبنان إذا خسر حزب الله، ولا يكفي تقديم التيار لأوراق الاعتماد من جديد في بكركي في عيد الميلاد لنفي هذه الواقعة.
فريقا الحكم يتخبطان في مستنقع ملفات موحلة، ولن يعلنوا الاستسلام بالسهولة التي يراه البعض رغم أن كل الاستطلاعات ترجح هزيمتهما في الانتخابات القادمة إذا جرت.
أنطونيو غوتيريش وصف حزب الله بالفيل في غرفة من زجاج، والبابا فرنسيس تبنى كلام البطريرك بشارة الراعي حول حالة اللانظام في لبنان، معتبرا أن بلد الرسالة لا يعيش من دون حياد، والحياد تفرضه جيوسياسة لبنان الخاصة، ومذكرة رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين لغوتيريش تبنت ذات المقاربة تقريبا.