ماذا يعني الكلام الأميركي ان لبنان صار في نهاية النفق؟
كتب أحمد عياش في "النهار":
لا يزال هناك من ينظر الى لبنان من منظار انه ما زالت امامه فرص النهوض من قعر أزماته ولو من باب الطاقة. هذا مع عبّر عنه بوضوح عاموس هوشتاين المكلف بمتابعة ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وبين إسرائيل. وفي الوقت نفسه، تفيد معلومات أوساط إعلامية قريبة من موسكو ، "ان هناك تفاهما روسيا-أميركيا كي تبقي أزمات لبنان وسوريا تحت السيطرة، فلا تنفلت الأوضاع في هذيّن البلدين تحت وطأة التدهور المريع على المستوى المعيشي فيهما ،" وفق ما أفادت به هذه الأوساط "النهار."
البداية، مع ما صرّح به هوشتاين لتلفزيون CNBC الدولي خلال زيارته الأخيرة لدولة الامارات العربية المتحدة. ولاحت فرصة أمام الصحافية هادلي غامبل التي حاورت المسؤول الاميركي في دبي عندما ذكر إسم لبنان في معرض الامثلة التي ساقها في سياق قوله:"لا يمكننا العمل على التنمية الاقتصادية في أي مكان في جميع أنحاء العالم، من دون أن يكون هناك طاقة."
وهنا سألت غامبل هوشتاين:أين نحن اليوم في رأيك من حيث حصول لبنان على الطاقة ؟ فأجاب:"أعتقد أن هناك الكثير من العمل الذي يتم القيام به من أجل تحقيق الاستقرار في توفير الكهرباء .ليس من خلال زيت الوقود (الفيول) الواصل عبر الناقلات القذرة جدا والسيئة لجودة الهواء في لبنان ، ,إنما من خلال مصدر مستدام المتمثل بمشروع إستجرار الغاز من مصر عبر الأردن وسوريا إلى لبنان، وإيضا من خلال مشروع ربط شبكات الأردن بلبنان. أنا متفائل جدا بأن المشروعيّن سينضجان عبر البنك الدولي الذي يعمل على ذلك بجد. وأعتقد أن هناك الكثير من العمل التقني الذي يتعيّن القيام به ، لإصلاح المنشآت التي لا تعمل بشكل جيد ... أنا أكثر تفاؤلا بأننا سنكون في وضع يمكن من خلاله حصول لبنان على الغاز المتدفق والطاقة مترابطة في الشهرين المقبلين او الثلاثة أشهر المقبلة."
س: قبل الانتخابات النيابية السنة المقبلة؟
ج:"نعم ، والامل كبير ان يحدث ذلك أن نهاية آذار المقبل. وأنا متفائل جدا على الأقل بشأن صفقة الغاز والربط الكهربائي.طبعا، هذا ليس هو الحل النهائي لإن هذين المشروعين فقط يعطيان بضعة ساعات من الطاقة في اليوم، في حين ان المطلوب الوصول إلى التغذية طوال 24 ساعة يوميا... وأعتقد أنني قلت لك هذا من قبل، من أنني أرى، على سبيل الاستعارة، الضوء في نهاية النفق..."
س: تقول نهاية النفق؟
ج: "نحن بحاجة للقيام بذلك الآن. وهذه رسالتي في الوطن الولايات المتحدة .وهذه رسالتي من خلال البنك الدولي وهذه رسالتي في لبنان. ليس المال الذي سيأتي به المتبرعون وغيرهم سيكون مفيدا على الإطلاق إذا لم تكن هناك طاقة ، بحيث يستطيع المزارع الوصول بمنتجاته إلى السوق، أو توفير الكهرباء لضخ المياه أو القيام بالأعمال التجارية ... نحن في الولايات المتحدة ملتزمون جدا بهذا الهدف وسننفق الكثير من الوقت للتأكد من أن هذا يحدث."
تجدر الاشارة الى ان هوشتاين يشغل حاليا منصب المبعوث الخاص ومنسق شؤون الطاقة الدولية، ويقود مكتب موارد الطاقة في وزارة الخارجية الأميركية. ويتولى المشاركة العالمية في السياسة الخارجية للطاقة الأميركية ويقدم المشورة للادارة الاميركية بشأن أمن الطاقة العالمي والدبلوماسية. وبالطبع، فإن من بين مهمات المسؤول الأميركي ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وبين إسرائيل.
بالعودة الى ما ورد من معلومات صحافية بشأن التفاهم الروسي-الأميركي كي "تبقى أزمات لبنان وسوريا تحت السيطرة ،" فقد أبلغت مصادر هذه المصادر ل"النهار" ان جزءا من هذا التفاهم هو ضمان وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية الى لبنان عبر سوريا برعاية مباشرة من القوات الروسية التي تمارس السيطرة على المناطق التابعة للنظام السوري والتي سيمر عبرها الغاز المصري من خلال الانابيب كما سيمر عبرها التيار من الأردن عبر الشبكة الممتدة بين الأردن ولبنان. وتؤكد هذه المعلومات، ان موسكو تدرك ان هناك في مناطق النظام من سيسعى لإحباط مشروعيّ الغاز والكهرباء لإهداف شتى من بينها الأهداف السياسية .
ربما من المفيد هنا التساؤل حول المدة التي لا تزال تفصلنا عن حصول لبنان على الغاز من مصر والكهرباء من الأردن.إذ كانت المعلومات الرسمية أشارت من قبل الى ان نهاية السنة الحالية التي أشرفت على الرحيل، سيكون موعدا لإنجاز المشروعيّن. فهل من أبعاد أخرى غير تقنية لهذا التأخير إذا ما حصل؟ فيكون كلام هوشتاين حولهما هو الادق؟
في أي حال، هناك ما يتعامل مع الازمة في لبنان ، وبخاصة من باب الطاقة، على نحو سياسي . ففي إطلالة الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخيرة خصص الجزء الأكبر منها لملف المازوت الإيراني الذي يستورده الحزب ويصل اليه عبر سوريا. فهو أعلن "أن كلفة الدعم التي تحملناها خلال المرحلة الأولى من مبادرة المازوت "كانت 7 مليون و 750 ألف دولار"، منوّهًا إلى "إيقاف "المرحلة الأولى من توزيع المازوت قبل أيام استعدادًا للمرحلة الثانية". ولم يفت المراقبون الوظيفة السياسية لهذا "السخاء" الإيراني على لبنان ولو من باب المازوت.
في المقابل، يمكن العودة الى ما قاله هوشتاين في مقابلته التلفزيونية الأخيرة عندما تحدث عن توفير الكهرباء للبنان "ليس من خلال زيت الوقود (الفيول) الواصل عبر الناقلات القذرة جدا والسيئة لجودة الهواء في لبنان.." فهل كان يقصد شحنات المازوت الايراني التي يستوردها "حزب الله"؟
ومثل هذا السؤال ، سؤال آخر عما قاله المسؤول الاميركي من"ان لبنان صار في نهاية النفق؟"