في منتهى الجد.. حزب التطبيع بين لبنان وإسرائيل!
كتب أحمد عياش في "النهار":
غادرنا قبل أيام عبد الستار اللاز، الذي اودعنا قبل الرحيل الأخير عن الحياة، كتاب "الدولة المستضعفة." في هذا الكتاب، وثّق الصحافي الراحل التجربة الكاملة لحكومة الرئيس تمام سلام ،وما واجهه بين عاميّ 2014-2016 منذ ازمة التأليف الطويلة حتى حقبة الفراغ الرئاسي. فمن موقعه المستشار الإعلامي للرئيس سلام أورد اللاز محاضر حول الحوارات التي دارت بين سلام وبين المسؤولين الإيرانيين على مدى نحو ثلاثة أعوام. وفي احد هذه المحاضر، قال رئيس الحكومة الأسبق لوزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي التقاه سلام في ميونيخ في الثامن من شباط 2015:" نحن نعتقد أنّ بامكان إيران أن تلعب دوراً في لبنان كما فعلت لدى تشكيل الحكومة. يجب صون النموذج اللبناني الذي هو نقيض النموذج الإسرائيلي. إنّ كل يوم يمرّ من دون انتخاب رئيس مسيحي يزيد من إضعاف لبنان."
بين دفتيّ الكتاب ما يؤكد ان آخر ما يعني الجمهورية الإسلامية هو "النموذج اللبناني" بل كان جلّ همها هو وصول "مرشح "المقاومة والممانعة" رئيساً للجمهورية( العماد ميشال عون). وهكذا "فازت إيران وحلفاؤها بالجائزة الكبرى، ولم تعد هناك حاجة إلى الكثير من الزيارات،" على ما كتبه اللاز.
في واقع الحال، بات لبنان فعليا نموذجا إيرانيا جرى تعميمه بشكل أو بآخر في مناطق نفوذ الحرس الثوري الإيراني في المنطقة. وفي الحلقة الأخيرة من برنامج "صار الوقت" لمارسيل غانم عبر شاشة قناة MTV ، والذي شارك في قسم منها كاتب هذه السطور، يقول احد المشاركين في الحلقة من الجمهور، ان النتيجة العملية لما يفعله "حزب الله" في لبنان هو الغاء ميزة لبنان السياحية والتجارية في العالم العربي والتي انتقلت اليوم الى إسرائيل لكي تتمتع بها والمثال على ذلك النشاط في مرفأ حيفا وليس في مرفأ بيروت.
في كتاب "صلات بلا وصل ميشال شيحا والايديولوجيا اللبنانية" لفواز طرابلسي الصادر عام 1999، كتب يقول:" لم يقتصر موقف شيحا من الصهيونية على الخوف من تغذيتها العصبية القومية والدينية لدى العرب وما سيستجرّه ذلك من آثار سلبية على الأقليات المسيحية. لقد بلوّر عناصر نظرة بديلة الى الصهيونية ودولة إسرائيل، تنطلق من منطلق معاكس هو "المنافسة بين الشبيهيّن"، بدلا من التماهي أو التحالف بينهما. على ان التشابه هنا ليس بين المسيحيين في لبنان واليهود في فلسطين، بما هما أقليتان في العالم العربي، إنما التشابه هو بين النظاميّن الاقتصادي والسياسي لكل من لبنان والوطن القومي اليهودي الذي وجد فيه ميشال شيحا مصدرا للمنافسة بل النزاع بينهما."
هذا ما قاله شيحا، والذي يتبناه فعليا اليوم رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. في المقابل، يخوّن "حزب الله" بلا هوادة كل من يعترض على سلاحه المرتبط بطهران والمنفّذ لإهدافها، بأنه عميل للولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية. انه حزب يقود لبنان عمليا بعد ممانعة الى التطبيع مع إسرائيل بعدما تهب رياح من طهران، هبّ مثيلا لها في التاريخ الحديث والقديم لبلاد فارس.