إنه السيناريو المخيف..ماذا لو نشبت حرب نووية؟
في ظل السباق العالمي المحموم من أجل امتلاك أسلحة نووية، لا يتوقف التساؤل عن نتائج حرب نووية مدمرة على البشر والبيئة، وهو الأمر الذي يحاول العلماء في مختبراتهم توضيح إجابات شافية عنه على مدار عقود.
وفي دراسة حديثة نُشرت في مجلة البحوث الجيوفيزيائية، رسم علماء صورة قاتمة عن الأضرار المتوقع حدوثها في حالة نشوب حرب نووية؛ إذ قدّرت الدراسة أن أعمدة الدخان الهائلة الناتجة عن حرب نووية ستغير مناخ العالم لسنوات وتدمر طبقة الأوزون، مما يعرض صحة الإنسان والإمدادات الغذائية للخطر.
واستخدم فريق البحث تقنيات النمذجة المناخية الحاسوبية المطورة حديثا؛ لمعرفة المزيد عن تأثيرات التبادل النووي الافتراضي، بما في ذلك التفاعلات الكيميائية المعقدة في طبقة الستراتوسفير (الغلاف الجوي الطبقي) التي تؤثر على كميات الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى سطح الكوكب.
المؤلف الرئيسي للدراسة، تشارلز باردين، وهو عالم في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي، قال إن نتائج حرب نووية سيكون لها تأثيرات على المناخ، كما أن تأثيرات الأشعة فوق البنفسجية ستكون واسعة الانتشار، إلى جانب جميع الوفيات التي ستحدث فور وقوع هذه الحرب.
ووجد باردين وزملاؤه أن الدخان الناتج عن حرب نووية عالمية سيدمر جزءا كبيرا من طبقة الأوزون على مدى 15 عاما، مع نضوب الأوزون بمتوسط حوالي 75 بالمئة.
وقال الباحثون إنه حتى الحرب النووية الإقليمية من شأنها أن تؤدي إلى خسارة نسبة 25 بالمئة من حجم الأوزون، مع التعافي الذي يستغرق حوالي 12 عاما.
ونظرا لدور طبقة الأوزون في حماية سطح الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، فإن مثل هذه التأثيرات ستكون مدمرة للإنسان والبيئة.
وعلى مدار سنوات، ربط العلماء بين المستويات العالية من الأشعة فوق البنفسجية وأنواع معينة من سرطان الجلد، وكذلك إعتام عدسة العين والاضطرابات المناعية، كما تحمي طبقة الأوزون أيضا النظم البيئية الأرضية والمائية، فضلا عن الزراعة.
يقول آلان روبوك، الباحث المشارك في تأليف الدراسة: "على الرغم من أننا كنا نشك في أن الأوزون سيدمَر في أعقاب الحرب النووية، الآن ولأول مرة توصلنا للطريقة التي سيحجب بها الدخان الكثيف الأشعة البنفسجية، وقمنا بحساب كيفية عمل ذلك وحددنا كيف سيعتمد على كمية الدخان".
وعلى مدار التاريخ أجرى العلماء عددا من الدراسات في محاولة لفهم كيفية تأثير الحرب النووية على الكوكب، وفي ثمانينيات القرن الماضي، وجد العلماء أن الدخان الناتج عن الحرب النووية من شأنه أن يبرد الكوكب عن طريق حجب أشعة الشمس، وخلق "شتاء نووي".
كما وجد باحثون أن الحرب النووية ستدمر طبقة الأوزون بسبب المواد الكيميائية الناتجة عن الانفجار، واكتشفت المزيد من الأبحاث أن الدخان قد يتسبب في تدمير طبقة الأوزون عن طريق تسخين الغلاف الجوي.
لكن لأول مرة على الإطلاق، توصلت الدراسة الجديدة إلى أنه في حالة نشوب حرب نووية عالمية، فإن ضخ كميات كبيرة من الدخان في الغلاف الجوي سيؤدي في البداية إلى تبريد درجات حرارة السطح عن طريق حجب ضوء الشمس.
ثم يؤدي الدخان إلى تآكل طبقة الأوزون التي تحمي الكوكب، وعلى مدى بضعة سنوات، ستزداد الأمور سوءا وسيبدأ الدخان في الاختفاء، مما يسمح للأشعة فوق البنفسجية بضرب سطح الأرض من خلال طبقة الأوزون المتضائلة، ليحدث ما لا تحمد عقباه.