بوتين "يحجّم" النظام السوري وقدراته
أعاد استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره السوري بشار الاسد في موسكو في زيارة مفاجئة تسليط الضوء على الواقع كما على الحجم الحقيقي للنظام في المرحلة الراهنة. ولا يعود ذلك للاسباب التي تحدث عنها البعض والمتصلة بزيارة غير معلنة او استدعائية او لغياب الاستقبال الرسمي او العلم السوري، بل لأنه تم تعظيم بعض الخطوات الاخيرة التي اوحت بان النظام بات قاب قوسين أو أدنى من اعادة مجده المندثر. اذ ان الكلام الاميركي عن اتاحة وصول الغاز المصري عبر الاردن و#سوريا إلى لبنان منعا لسقوط الاخير بالضربة القاضية عبر درس بعض الاعفاءات في قانون قيصر الذي يعاقب النًظام، ترجم حماسة رسمية لبنانية غير خافية. اذ سارع لبنان إلى ايفاد وفد رسمي لبحث موضوع استجرار الغاز عبر سوريا وانعقاد اجتماع رباعي في الاردن بمشاركة النظام فيما زار وفد درزي موال للأسد دمشق في إطار الدعم وتجديد البيعة. ولم يتوان العهد عبر تياره عن تأكيد العزم على الانفتاح على النظام واعادة تطبيع العلاقات معه قبيل تأليف الحكومة على نحو يحرج رئيسها ويضعه امام امر واقع بالاضافة إلى تحشيد بعض اللبنانيين لشكر النظام على اتاحة مرور النفط الايراني إلى ” حزب الله” عبر اراضيه. فيتم تظهير الامر كأنما سوريا عادت مكتملة السيادة والقدرة والنفوذ والباع الطويل في لبنان.
الرئيس الروسي الذي حرص على القول ان النظام استعاد السيطرة على 95 في المئة من الاراضي السورية لم تفته الاشارة إلى عوائق امام هذه السيطرة من خلال اعتباره ” ان المشكلة الرئيسية هي في وجود القوات الاجنبية في بعض المناطق من دون قرار من الامم المتحدة او دعوة منكم “. لم يذكر بوتين وجود إيران او تركيا او الولايات المتحدة او ” حزب الله” او اسرائيل وليس واضحا إذا كان اعتبر الجولان من ضمن 95 في المئة أم لا. وحرص الاسد على القول وفق ما وزعت وسائل الاعلام الروسية والسورية ان ” الجيشين الروسي والسوري حققا انجازات كبيرة ” فيما ان التدخل الروسي كان لا يزال حديثا جدا في درعا من اجل تسوية حفظت ماء وجه النظام بعد حصار البلدة التي اراد دخولها بالقوة مع عناصر إيران وتدخلت #روسيا من لحل وسط بينهما من دون ان ينجح في ذلك شأنه شأن ما حصل معه في معاركه لاستعادة المناطق السورية والتي لم تكن لتحصل لولا التدخل الروسي. فهذا التدخل ان عبر عن شيء فانما عن ان النظام لا يستطيع وحده استعادة الاراضي السورية والتي تخضع لتوافقات متعددة داخلية وخارجية تؤمنها روسيا. فبالنسبة إلى المراهنين على اعادة ادخال الاسد في المعادلة اللبنانية من زاوية انه ركن اساسي في المحور الايراني والذي يعبر تعيين وزراء محسوبين عليه أو مناصرين له عن عودة من النافذة اللبنانية في استعادة حضور سياسي إقليمي، تبدو المسألة أكثر من تبسيط في هذا السياق وتلبي نزاعات اقليمية وحسابات سياسية لبنانية داخلية ليس الا. فحين يوجه سؤال من هذا النوع لبعض رؤساء البعثات الديبلوماسية الاجنبية يبادرون إلى اشاحة اي اهتمام به في ظل وضع سوري موجود راهنا في وضع الانتظار في اقل تعديل.
النهار - روزانا بو منصف