العراق ينجح حيث فشل لبنان: هل تعي المنظومة اهمية النأي بالنفس؟!
التشكيل في غيبوبة وايامٌ حاسمة تكليفا.. وابو الغيط: ألّفوا لنساعدكم
سجال بين التيار والقوات.. الازمات المعيشية تراوح.. ووفد اميركي في بيروت
المركزية- تمكّن العراق اليوم من جمع "العالم" حوله في بغداد، بعد ان نجحت قيادته في فرض نَفَس جديد في البلاد رافضٍ الانحيازَ لاي من المحاور المتصارعة في المنطقة، عموما، وللمحور الايراني خصوصا، مفضّلة في المقابل لعبَ دور الوسيط بين المتخاصمين، وعلى رأسهم السعودية وايران. فقدّرت له العواصمُ الكبرى هذه النزعة الاستقلالية السيادية، وتحلّقت حوله اليوم في مؤتمر لدعم استقراره وسيادته وامنه واقتصاده ... وبدلا من ان يستقي لبنان العبر من هذه التجربة، لا يزال يمعن في الانخراط في النزاعات الخارجية مؤثرا النفط الايراني على الدعم العربي والدولي، ومتخلّيا عن دوره التاريخي كجسر تواصل بين الشرق والغرب وكواحة حوار بين المتنازعين اقليميا. وليكتمل المشهد، لا يتّفق مسؤولوه منذ عام واكثر، على تأليف حكومة انقاذية يتوسّلهم العالم تشكيلَها ليهبّ الى الدعم، ويتركون الكيان اللبناني يسقط نهائيا ويزول عن الخريطة، في مئويته الاولى، بفعل تكاثر الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والصحية والسياسية، فوق جسده المنهك.
للاسراع في التشكيل: والانكى ان اهل المنظومة يتوقّعون ان يسرع الخارج الى انتشالهم من الحفرة، والى تقديم مساعداته الى الدولة المنخورة بالفساد، مجانا، من دون ان يقوموا هم بواجباتهم وعلى رأسها التشكيل. فغداة مطالبة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي جامعة الدول العربية بمساعدة لبنان بدلا من انتقاد استقدام سفن طهران اليه، أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية اليوم، استمرار تضامن الجامعة العربية مع لبنان ووقوفها إلى جانب الشعب اللبناني في محنته. وقال في تصريح صحفي قبيل توجهه إلى بغداد لحضور المؤتمر الإقليمي لدعم العراق، "استمعت إلى مناشدة الرئيس ميقاتي للجامعة العربية ولي شخصيا للاستمرار في دعم لبنان، وأنا بدوري أقول أنني أقدر هذه المناشدة، وسبق أن اتصلت بالرئيس ميقاتي متمنيا له التوفيق في تشكيل الحكومة". وأكد أبو الغيط "ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة تأخذ على عاتقها تنفيذ الاصلاحات اللازمة بشكل فوري سيمكن المجتمع العربي والدولي من الإنخراط بفعالية في إنقاذ لبنان ودعم الشعب اللبناني للخروج من هذا النفق المظلم الذي يمر به". وأضاف "أتمنى التوفيق للرئيس ميقاتي في معالجة العقبات الموضوعة في طريق تشكيل الحكومة والتي لم يتم تذليلها منذ ما يزيد عن عام كامل للأسف".
اهتمام الاصدقاء: وكان ميقاتي قال اليوم: يتطلع اللبنانيون بثقة بأن لبنان سيحظى باهتمام القادة والاصدقاء الذين سيجتمعون في العراق الذي تحمّل شعبه التحديات واستطاع بحكمة حكومته ان يعيد دوره المميز عربيا ودوليا. كما نهنئ القيادة العراقية بالنجاح في التحضير للقمة - الحدث التي اعادت الروح الى التضامن العربي.
ايام حاسمة؟: في الداخل، لا يبدو ان الحكومة ستبصر النور قريبا، بل ان مساعي تشكيلها قد تكون دخلت في غيبوبة غداة اشتعال الجبهة السنية السياسية والروحية مع بعبدا. وبحسب ما تقول مصادر سياسية متابعة لـ"المركزية"، فإن ميقاتي يحاول بعيدا من الاضواء تذليل بعض العقد قبل ان يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الساعات او الايام المقبلة، علّ التعديلات التي قد يدخلها الى تركيبته، ترضيه. الا ان هذه المساعي غير مضمونة النتائج كما اعلن ميقاتي امس، وقد بات مقتنعا في شكل شبه تام بأن عون يريد ثلثا معطلا كما انه يريد من ميقاتي الموافقة مسبقا على تطيير رؤوس كبيرة مصرفية وقضائية وعسكرية وامنية، بعد التشكيل، او فإنه لن يسهّل مهمته. وعليه، فإن من غير المستبعد ان يحسم الرئيس المكلف في بحر الاسبوع المقبل موقفه النهائي من الاستمرار في التكليف او عدمه، في انتظار ايضا ما يمكن ان تنتجه الاتصالات الفرنسية والروسية مع المعنيين بالعقد وبالعرقلة الحاصلة.
لا للمس بالصلاحيات: في المواقف، دعت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، الى التعاون البناء كشركاء دستوريين في تشكيل حكومة تضع حدا للانهيار وتؤسس للتعافي المالي. واكدت أن التيار يدعم كل فرصة لولادتها سريعا ويسهل سياسيا وإعلاميا ذلك، منبهة من أي ضغط أو مزايدات أو عراقيل تقوم بها بعض الجهات المعروفة لتفشيل تشكيل الحكومة أو لتطويق رئيس الجمهورية والمس بصلاحياته والدس على رئيس الحكومة لمحاولة الانتقاص من صلاحياته".
إلغاء الطائف: في المقابل، غرّد عضو كتلة المستقبل رئيس لجنة الصحة النائب عاصم عراجي كاتبا: ثلاثة رؤساء كلفوا لتشكيل الحكومة لغاية الآن وفشّلوهم. الهدف أصبح واضحاً إلغاء اتفاق الطائف، الذي أوقف الحرب الأهلية المدمرة، بعدها مؤتمر تأسيسي جديد لوضع عقد سياسي بديل، قد يدخلنا في نفق مظلم لا نعرف كيفية الخروج منه.
انتما مسؤولان: الى ذلك، احتدمت على خط معراب – ميرنا الشالوحي ايضا. فغداة سؤاله رئيس الجمهورية "اين أصبح التدقيق الجنائي"، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع،في بيان اليوم "فخامة رئيس الجمهورية، دولة رئيس حكومة تصريف الأعمال: انتم تتحملون مسؤولية كل ما يجري على محطات بيع المحروقات هذه الأيام، كما تتحملون مسؤولية اي حادثة تقع على هذه المحطات، واي تقصير في اي مستشفى او قطاع، وأي انهيار يحصل في معمل او مقهى او متجر نتيجة الفوضى العارمة السائدة في سوق المحروقات في لبنان. تتحملون مسؤولية كل ذلك، لأن الحل واضح ومعروف وانتم تحجمون عن اتخاذ القرار، الحل الفعلي هو بتحرير أسعار المحروقات والدواء وإصدار البطاقة التمويلية فورا. وكل ما عدا ذلك تأزيم أكبر فأكبر وفوضى تنتشر أبعد وأبعد ومواطن لبناني متروك لقدره".
منتهى الوقاحة: من جانبها، ردت الهيئة السياسية في التيار قائلة "الجهات السياسية التي حرمت مؤسسة كهرباء لبنان، الحصول على السلفة المالية لشراء الفيول هي عينها المتورطة بفضيحة التخزين اللاشرعي للمحروقات، وتحديدا، المطلوب من القوات اللبنانية أن تسلم المحتكرين الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف وهي تتحمل كما أي جهة سياسية أخرى مسؤولية أخلاقية وقانونية عن حماية هاربين من وجه العدالة. يبقى أن سؤال رئيس القوات للرئيس عون ولرئيس الحكومة عن مصير التدقيق الجنائي هو منتهى الوقاحة للتعمية على جرائمه المالية وتمويله السياسي، لأن المطلوب أن يتوسع التدقيق الجنائي ليشمل، الى جانب مؤسسات الدولة، الأحزاب اللبنانية وطرق تمويلها". وتابعت "بقدر ما تتحمل الحكومة والأجهزة الأمنية مسؤولية مكافحة التخزين اللاشرعي والتهريب للمحروقات والأدوية وأي سلعة أخرى مدعومة، يتحمل مجلس النواب مسؤولية إقرار قانون يسمح لمؤسسة كهرباء لبنان بالحصول على الأموال التي تحتاجها لإنتاج الكهرباء التي من دونها تتوقف عجلة الحياة وتتفاقم أزمة المازوت كلفة وكمية. وليعلم المودعون أن التذرع برفع الدعم وعدم دفع فيول الكهرباء لحماية الاحتياط الإلزامي هو كذبة مفضوحة، لأن شراء المازوت للمولدات الخاصة تتجاوز كلفته بكثير شراء الفيول لكهرباء لبنان وتزيد كلفته أضعافا على المواطنين".
لا حلحلة: وكان الجحيم المعيشي استمر اليوم، اكان على المحطات حيث بات يسقط الجرحى والضحايا بالعشرات يوميا، او مع معاناة القطاعات كلّها ورفعها الصوت جراء شح المازوت او انقطاع الدواء، مع ان وزيرالصحة كان بشّر امس بانفراجة وشيكة. في السياق، كشف نقيب أصحاب المستشفيات في لبنان، سليمان هارون، أن "الكثير من الأدوية غير موجودة ولا يتم تسلميها". ولفت في في حديث تلفزيوني الى أن "لم نجد أي حلحلة في موضوع الأدوية للمستشفيات"، مؤكداً "أننا نعمل منذ 3 أسابيع على تأمين المازوت، ونحن نشتري من السوق السوداء، فأصبحت هذه المسألة كارثة على المريض".
الاغذية مهددة: اما غذائيا، فأكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، "أننا أطلقنا صرخة استغاثة لأن القطاع مهدد بالتوقف بسبب فقدان المازوت"، معتبرا أن "السوق السوداء إثباتٌ بأن الدولة لا تعمل".
انفراجات تدريجية: من جهته، أعلن عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس في تصريح، أن عددا كبيرا من المحطات التي كانت مقفلة الاسبوع الفائت، فتحت أبوابها وعادت لتسليم البنزين للزبائن بعد إعادة تموينها من قبل شركتها الموردة"، لافتا الى أن "هذا المشهد سيتواصل تباعا وسنلاحظ انفراجات تدريجية وانخفاضا بكثافة الطوابير على المحطات". وقال "هذه الطوابير لن تختفي بسبب العدد الهائل من السيارات التي يمتهن اصحابها السوق السوداء والذين باتوا يشكلون العمود الفقري للطوابير لتعبئة مادة البنزين في سياراتهم او الدراجات النارية ليعودوا لسحبها وبيعها بأسعار خيالية" وأشار الى انه "تم تشكيل غرفة أمنية مشتركة مركزها السرايا الحكومية لمكافحة تجارة المحروقات غير القانونية. وهنا يجب تذكير الجميع أن الاحتكار والتهريب والسوق السوداء وبيع الغالونات على أرصفة الطرق والتلاعب بالعدادات هي الاعمال غير القانونية ومكافحتها تتطلب توقيف منفذيها". وانتقد "الفرض على المحطات التي تفتح يوميا، بيع مخزونها بالكامل فور تسلمها له، مما يضطرها الى الاقفال عدة ايام لحين تسلمها البنزين مجددا وترك زبائنها يتدبرون امرهم"، معتبرا ان "هذا الامر يشجع السوق السوداء ويغذيها من غير قصد". وختم البراكس: "صاحب المحطة الذي يفتح يوميا عدة ساعات، يعرف كيف يدير مخزونه لحماية زبائنه والاستمرار بتأمين البنزبن للمواطنين دون انقطاع".
لتسليم الجيش: وتعقيبا على الاشكال الكبير والدامي الذي حصل امس على خلفية المحروقات في مغدوشة، قال جعجع "حوادث محطات البنزين في مغدوشة وقرى الزهراني شرق صيدا تكرّرت. لم يعد من أمل للمواطن في تلك القرى سوى ان يستلم الجيش اللبناني مباشرة حفظ الأمن وتنظيم تسليم المحروقات على تلك المحطات".
وفد اميركي: وليس بعيدا من الجيش، يزور وفد من الكونغرس الاميركي لبنان الاسبوع المقبل، وعلى رأس جدول اعماله المساعداتُ الاميركية للمؤسسة العسكرية.