الشعب حضر الى قصر العدل والمستدعون غابوا.. وصوان يحدد مواعيد جديدة
"المستقبل" و"امل" من جديد: قرار مسيّس وقاضي التحقيق يتعرّض لضغوط
الحريري "يقصف" بعبدا: تُعطّل التأليف طمعا بالثلث.. ورئاسة الجمهورية تردّ!
المركزية- بين الشعب المقهور الذي احتشد بعضه اليوم امام قصر العدل دعما لقاضي التحقيق العدلي في جريمة المرفأ فادي صوان، من جهة، والطبقةِ السياسية التي رفضت الامتثال للسلطة القضائية، حيث امتنع المدّعى عليهم عن مقابلة المحقّق العدلي... من سيختار الاخير؟ هل سيمضي قدما في معركته لكشف الحقيقة وتحميل المسؤوليات، وصولا الى الرؤوس الكبيرة، والى اماطة اللثام عن الجهة التي استحضرت النيترات الى بيروت، انتصارا لدماء اللبنانيين، وانتقاما لنكبة بيروت ببشرها والحجر؟ ام سينكفئ، ويتراجع امام رفض المنظومة التجاوب مع التحقيقات، مختبئة تارة خلف أسوار "طائفية" وطورا خلف حجج سياسية واهية، وحصانات نيابية مفترضة، يمنحها اياها مجلس سحب الناس ثقتهم منه منذ أشهر؟
موعد جديد: لا جواب حاسما بعد، غير ان تحديد مواعيد جديدة لاستماع صوان الى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب- تفاوتت المعلومات بين ما اذا كان الخميس او الجمعة- والوزراء السابقين (الاسبوع المقبل على الارجح)، أشّر الى ان القاضي، حتى الساعة، مصرّ على عدم الاستسلام. في الاثناء، وكما كان متوقعا، لم يستمع المحقق العدلي الى دياب في الموعد الذي كان محددا اليوم بعد ان رأى الاخير، مدعوما من القيادات السنية السياسية والروحية، في قرار صوان تجاوزا للدستور واستهدافا للرئاسة الثالثة. وقبل الظهر، أشار المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة الى أننا "ملتزمون بالبيان الذي صدر عن دياب الأسبوع المنصرم الذي أكد فيه أنه رجل مؤسسات ويحترم الدستور الذي خرقه صوان وأنه قال ما عنده في هذا الملف ونقطة عالسطر". ولفت المكتب، بحسب ما اشارت "رويترز" الى إن "صوان اتصل بمكتب دياب الأسبوع الماضي ليطلب موعدا معه اليوم الاثنين لكن تم إبلاغه برفض دياب الخضوع للاستجواب". وكانت مصادر السراي الحكومي اشارت لـ"أل بي سي" الى أن دياب ملتزم بالبيان الذي صدر عنه الأسبوع الماضي ما يعني حكماً انه لن يستقبل القاضي صوان.
حصانة نيابية: وفيما لم يستقبل دياب صوّان، لم يمثل الوزيران السابقان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر امامه في قصر العدل، متحصّنين بالحصانة التي يتمتعان بها بموجب المادتين 40 و70 من الدستور لجهة آلية محاكمة الوزراء وملاحقة النواب. وفي هذا الإطار قال النائب غازي زعيتر انا ملتزم بالمادتين 40 و70 من الدستور وحتى الساعة لم نتبلغ سبب استدعائنا". وكان النائب علي حسن خليل اعلن ايضا انه لن يحضر لانه لم يتبلّغ باستدعائه سوى من الاعلام. في المقابل، افادت معلومات صحافية بأنه، وعلى عكس التسريبات التي سادت اخيرا، سيمثل الوزير السابق للأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس الذي طاوله إدعاء صوان، امام المحقق العدلي .
ضغط على صوان؟: في المواقف، بقي تيار المستقبل وحركة امل على الموجة نفسها، وعلى القراءة عينها لقرار صوان، معتبرين اياه مسيسا واستنسابيا. وفي وقت اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار عبر "المركزية" "ان ما يجري حلقة في سياق استهداف لموقع الرئاسة الثالثة، لان الادّعاء بحسب الدستور يكون عبر مجلس النواب بعد تقديم الادلة والبراهين وليس عبر المحقق العدلي"، ملمّحاً الى "ان القاضي صوان ربما "تعرّض" لضغوط من قبل فريق العهد من اجل سلوك هذا الخيار بالتحقيق، وتم تزويده بمعطيات قانونية مغلوطة من قبل ما اسماهم بـ"المفتين" في القصر الجمهوري لإتّخاذ هذه الخطوة"، اكد المكتب السياسي لحركة أمل، الحرص على "إبعاد التحقيق عن أي تسييس وصولاً إلى تبيان الحقيقة كاملة في هذا الملف وتحديد المسؤوليات القانونية واتخاذ الاجراءات بحق كل المرتكبين والمقصرين"، مشددا على ان "ما حصل يطرح علامات استفهام حول مسار التحقيق وإجراءاته، والخشية من تضييعه ويبعدنا عن الاصول الواجبة لكشف الحقيقة وإحقاق العدالة للشهداء والمتضررين".
لا تأليف؟: حكوميا، الاشتباكُ السياسي الذي اندلع على خلفية تطورات تفجير المرفأ "قضائيا"، والذي خلط اوراق التحالفات والاصطفافات، أصاب اتصالات التشكيل مقتلا. ورغم زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بيروت خلال ايام في 21 الجاري، ورغم تحذير وزير خارجيته جان ايف لودريان من غرق "التايتانيك" اللبناني قريبا، بدا ان لا حراك على هذا الخط، وان الاستحقاق أرجئ الى أجل غير مسمى، سيما مع اشتعال جبهة بعبدا - بيت الوسط اليوم واحتدام التوتر بين التيارين الازرق والبرتقالي، غداة اتخاذ المواجهة بينهما بعدا جديدا، حيث يعتبر "المستقبل" ان ثمة مساع لتعديل اتفاق الطائف وتغيير توازناته سيما لناحية دور رئيس الجمهورية في عملية التشكيل، في حين قالت مصادر "لبنان القوي" اليوم عبر "المركزية"، ان الحريري يفتعل المشكلات لانه مأزوم.
ثلث معطّل: وفي وقت تعتبر مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" ان منح الفريق الرئاسي الثلث المعطل في الحكومة، سيحلّ الازمة كلّها، برز اليوم ردّ المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري على الرسالة المفتوحة لمستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي، والتي وجهها الى الرئيس المكلف، رمى فيه الاخير، كرة التعطيل في ملعب بعبدا، فاتحا النار على مطالبتها بالثلث، لمصالح حزبية. فقد اوضح ان "الرئيس المكلّف يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار الذي يعيشه البلد واعادة اعمار ما دمّره انفجار المرفأ، اما فخامة الرئيس فيطالب بحكومة تتمثل فيها الاحزاب السياسية كافة، سواء التي سمّت الرئيس المكلف او تلك التي اعترضت على تسميته، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى الامساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي". وتابع "وقد يكون من المفيد لمعالي المستشار ان يعلم ان الرئيس سعد الحريري منذ تكليفه تشكيل الحكومة لم يتوقف عن التواصل مع الصناديق الدولية ومؤسسات التمويل العالمية وحكومات دول شقيقة وصديقة وامامه الآن برنامج متكامل لاطلاق آلية مدروسة لوقف الانهيار وإعادة اعمار ما هدمه انفجار المرفأ وتنفيذ الاصلاحات واقرار قوانين اساسية مثل قانون الكابيتال كونترول". واشار المكتب الاعلامي للرئيس الحريري الى "ان كل ذلك ينتظر توقيع فخامة رئيس الجمهورية على مراسيم تشكيل الحكومة ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانبا، واهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل ابدا تحت اي ذريعة او مسمّى". وختم "وقد يكون من المفيد لمعالي المستشار ان يعلم ايضاً ان الهدف ليس وصول الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة ولا تشكيل حكومة كيف ما كان، بل الهدف وقف الانهيار واعادة الاعمار وهذا لايمكن ان يحصل الا بتنفيذ اصلاحات تقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي لانتشال البلد رويداً رويداً من الحفرة التي يتخبّط فيها منذ حوالي السنة ونصف السنة".
بعبدا ترد: رد بعبدا لم يتأخر. فقد اوضح مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية ما أسماها مغالطات وردت في بيان المكتب الإعلامي للحريري، قائلا ان: اعتراض الرئيس عون قام على طريقة توزيع الحقائب على الطوائف ولم يجر البحث في الأسماء المقترحة. واضاف " الصيغة الأخيرة التي طرحها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة تختلف عن الصيغ التي سبق ان تشاور في شانها مع الرئيس عون". وتابع " الرئيس عون اعترض على تفرد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء وخصوصاً المسيحيين من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، والرئيس عون لم يطرح يوماً أسماء حزبيين مرشحين للتوزير ولم يسلّم الرئيس المكلف لائحة أسماء". ولفت الى ان الرئيس عون طرح التشاور مع رؤساء الكتل النيابية وكان همه الوصول الى حكومة قادرة على مواجهة الظروف بعيداً عن العناد وتحريف الحقائق".
معركة الاصلاح مستمرة: وسط هذه الاجواء الملبدة، اعرب رئيس الجمهورية عن امله في "ان يتمكن لبنان من تجاوز الصعوبات التي يمر بها راهنا "، داعيا الى "تضافر كل الجهود من اجل ان يستعيد لبنان دوره في محيطه والعالم"، لافتا الى ان اللبنانيين "الذين عانوا خلال هذه السنة من صعوبات اقتصادية ومالية وصحية، يتطلعون الى المجتمع الدولي ليقف الى جانبهم ومساعدتهم في انهاض بلدهم من جديد واخراجهم من الازمات التي تراكمت عبر السنين". واكد خلال استقباله في قصر بعبدا، السفير البريطاني كريس رامبلينغ وكبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الجنرال السير جون لوريمير في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء مهمة السفير رامبلينغ في لبنان والجنرال لوريمير في المنطقة، اكد ان معركته "من اجل الإصلاح مستمرة والمجتمع الدولي يدعو الى تحقيق الإصلاحات كشرط أساسي لتقديم المساعدات للبنان للنهوض مجددا اقتصاديا وماليا".
***