في مئوية لبنان الكبير..تحديات أكبر: ماكرون وشينكر يعودان ناصحين ومحذرين
مشاورات محلية مكثفة وضغوط فرنسية لامرار "التكليف": جهود غير مضمونة النتائج!
الحريري اللاعب الحاسم: هل يسمّي مرشحا؟ والقوات والاشتراكي غيرمتحمسين للمشاركة
المركزية- في مئوية لبنان الكبير، تحديات وصعوبات أكبر يواجهها البلد الصغير. ليس بسبب سوء النصوص و"العقود" التي تأسس عليها، ولا بسبب عطب في الدساتير او القوانين التي وضعت لادارته منذ ايلول 1920، بل بسبب قصور معظم الطبقة السياسية التي توالت على حكمه منذ ذلك التاريخ، وفسادها، والأسوأ، بسبب انعدام ولائها لوطنها واستسهالها بيعه ساحة لصراعات قوى اقليمية بدّت ولا تزال، مصالحها على مصالح لبنان واللبنانيين... من هنا، فإن وطن الارز في مئويته الاولى، مدمّر حجرا وبشرا، فقير، منهوب، عاجز سياسيا واقتصاديا وماليا وصحيا، والقوى الدولية الكبرى التي ستصل الى اراضيه تباعا مطلع الاسبوع، وعلى رأسها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لن تأتي لتبارك او تهنّئ. بل تأتي والعصا في يدها، حاملة إرشادات ونصائح وتحذيرات، بعضها صارم والآخر أقلّ صرامة، تقول فيها للمسؤولين: انتم امام خيارات مفصلية مصيرية. تواضعوا واستمعوا الى مطالب الناس، والا فإن بلدكم قد يُطفئ مع شمعته المئة، اي امل بقيام لبنان من حفرته العميقة قبل مئة عام أخرى.
صورة مشوشة!: عشية استشارات التكليف المقررة الاثنين المقبل، لم تُسجّل اي حركة ظاهرة على خط تقريب وجهات النظر بين الاطراف السياسيين المعنيين بالاستحقاق. الا ان مصادر سياسية مطّلعة اكدت لـ"المركزية" ان الاتصالات مستمرة بعيدا من الاضواء. وتوضح ان العيون كلّها شاخصة الى بيت الوسط، فقد بات واضحا ان 8 آذار والعهد، ميالان الى السير بأي مرشّح سيسمّيه الرئيس سعد الحريري، والاخير هو العامل الحاسم في لعبة الاستشارات، فيما تعويلها على التوصل الى اتفاق معه ليتولّى بنفسه رئاسة الحكومة الجديدة، لا يزال قائما. وفي وقت تشير الى ان المعاون السياسي للرئيس نبيه بري سيزور الحريري في الساعات المقبلة، وان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم يتحرك ايضا بين المقار السياسية، تلفت المصادر الى ان الضغوط الخارجية، ولا سيما الفرنسية، كبيرة لمحاولة انضاج اتفاق "التكليف" قبل الاثنين، وهي تشمل ايران والسعودية وواشنطن ... وهي مبنية على ركيزتين: ان تقوم حكومة مستقلة بعيدة عن سيطرة الاحزاب شرط ان تحظى بدعم القوى البرلمانية كلّها. وان يطرح الرئيس الحريري اسما يدعمه هو، لتشكيل هذه الحكومة (فيما الاخير حتى الساعة يتمسك بعدم التسمية الا يوم الاستشارات). غير ان المصادر تشير الى ان الصورة ضبابية الى حد كبير على الضفة الحكومية، والمساعي المحلية والخارجية كلّها غير مضمونة النتائج، فهي قد تنتهي بصفر نتيجة تلغي الاستشارات او لا تَخرج برئيس مكلّف، خاصة اذا لم يسمّ الرئيس الحريري اي مرشح، او اذا سمّى اسما لا يرضى به اهل الحكم.. كما انها قد تفرز رئيسا اذا تمكّن العاملون على هذا الخط من ايجاد ارضية مشتركة مرضية للجميع. ولا تستبعد المصادر احتمالا ثالثا هو "تكليف" رئيس في مرحلة اولى، على ان يطول أمد "التأليف"!
ماكرون: ويُرخي وصولُ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت مساء الاثنين، بثقله على الملف الحكومي كلّه. فالرجل الذي تحدث الى المسؤولين اللبنانيين بحزم غداة 4 آب، لن يكون الطف هذه المرة في حال لم يلمس تقدما او تبدلا في السلوك السياسي اللبناني وتجاوبا مع المبادرة الفرنسية وورقة الحل التي طرحتها باريس لـ"حكومة المهمة"، تجاوبا قد تكون اولى تجلياته تكليف رئيس حكومة جديد صادق ونزيه وشفاف قادر على قيادة عملية انقاذ لبنان على الصعد كافة.
شينكر يعود: وما يجب الا يغيب عن بال القوى السياسية ايضا، لدى اتصالاتها للتكليف والتأليف، هو ان الاميركيين حاضرون ايضا في خلفية الصورة اللبنانية، وهم لن يتساهلوا مع حكومة "لون واحد" 8 آذارية الهوى، ولا مع حكومة لا تلاقي تطلعات الشارع بالتغيير والاصلاح. ولتأكيد هذه الحقيقة، يصل ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لمسائل الشرق الأوسط، إلى لبنان في 2 أيلول المقبل. وأوضحت الخارجية الاميركية أن شينكر سيذهب إلى بيروت "للحض على بدء الإصلاحات"، كما سيلتقي خلال زيارته ممثلين عن الحراك المدني. وأكدت أنه "سيحض على تشكيل حكومة تلبي مطالب اللبنانيين" بالشفافية والمحاسبة وبمحاربة الفساد. كما سيبحث شينكر في بيروت، المساعدات الأميركية للبنانيين عقب الانفجار الذي هز مرفأ بيروت في 4 آب.
جعجع – بخاري: ودائما على خط الاهتمام الخارجي بلبنان، استقبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري في المقر العام للحزب في معراب في حضور النائب بيار بو عاصي. وتمحور اللقاء الذي استغرق ساعة ونصف من الوقت حول اخر التطورات الاقليمية والمحلية.
مواقف اوّلية: اما في المواقف من الاستحقاق والتي يمكن ان تساعد الى حد ما في بلورة معالم الحكومة المنتظرة، وفيما الكتل ستجتمع تباعا في الساعات المقبلة لحسم توجهاتها، فقد اعتبر عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب جورج عقيص أن "الصراع في لبنان اليوم بين من لم يسمع مطالب الثوار وضحايا انفجار 4 آب وبين آخرين بينهم القوات اللبنانية ممن يعتبرون أن التركيبة السياسية يجب ترحل وتعطي فرصة من خلال انتخابات نيابية مبكرة."عقيص الذي أكد في مداخلة تلفزيونية أن القوات لن تشارك في الحكومة المقبلة، قال "ندعم أي حكومة تتعهد باجراء انتخابات نيابية مبكرة واصلاحات واعادة اعمار بيروت وبتحقيق دولي في انفجار المرفأ". ودعا عقيص لاعطاء فرصة لحكومة من اختصاصيين مستقلين في حكومة انتقالية تمنع المماطلة في تنفيذ الاصلاحات. بدوره، اوضح عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب بلال عبد الله ان مسألة تسمية الرئيس المكلف وتشكيل الحكومة اليوم اتت تحت الضغط الدولي وفرنسا تحديدا وعلى الجميع ان يتحمل مسؤوليته، مشيرا الى أنه "يجب تطمين الناس وارسال اشارة ايجابية للداخل والخارج". وقال: "لسنا متحمسين ان نكون في هذه الحكومة وسنبني على الشيء مقتضاه". من جانبه، أكد عضو كتلة "لبنان القوي" النائب ألان عون أنه لا يمكن القول ان هناك تفاهما أو توافقا حتى الساعة على اسم معين للسير به في الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين، لافتا الى ان المشاورات في هذا الاطار مستمرة.وأشار عون في مداخلة تلفزيونية الى ان لا حل الا بتغيير الذهنية التي عطلت كل فرص الاصلاحات السابقة. من جانبه قال الوزير السابق روني عريجي ان "المردة ترى أنّ الشخص الأنسب لرئاسة الحكومة العتيدة هو الحريري ولكن في حال إصراره على موقفه فنرى أنّه من الأفضل أن يؤمّن نوعاً من الإحاطة لشخصيّة معيّنة".
اليونيفيل: على صعيد آخر، جدّد مجلس الأمن الدولي الجمعة تفويض قوّة الأمم المتّحدة الموقّتة في لبنان (يونيفيل) لسنة واحدة، وخفّض عديد هذه القوّة، مطالبًا بيروت بتسهيل الوصول إلى أنفاق تعبر الخطّ الأزرق الذي يفصل لبنان وإسرائيل.
مكافحة التهريب: امنيا ايضا، اوضحت قيادة الجيش – مديرية التوجيه في بيان جاء فيه " "ليل 28- 29 آب الجاري، وأثناء قيام دورية تابعة لفوج الحدود البرية الثالث بملاحقة شخصين كانا يحاولان التسلل خلسة وبطريقة غير شرعية إلى الأراضي اللبنانية عبر طريق ترابي يستعمل للتهريب في منطقة مرج التوت في خراج بلدة ينطا قضاء راشيا على الحدود اللبنانية السورية، أقدم أحدهما على إلقاء قنبلة يدويّة على الدورية المذكورة ما ادّى إلى إصابة أربعة عسكريين بجروح نقلوا على إثرها إلى مستشفيات المنطقة. وقد تمكّنت الدورية من توقيف أحدهما وهو سوري الجنسية وضبطت بحوزته أربعة صناديق ذخيرة تحتوي على 2800 طلقة عيار 7،62 ملم. وتم تسليم الموقوف مع المضبوطات إلى المرجع المختص، فيما عمليات البحث عن الشخص الآخر جارية في المنطقة المذكورة."