رئيس فرنسا في بيروت لانقاذ الشعب وتوبيخ السلطة: ازمة اخلاقية -سياسية
ماكرون يقترح عقدا سياسيا جديدا ويعود في ايلول ويلتقي رؤساء الكتل النيابية
لبنان يودّع شهداءه والمعارضة تطالب بلجنة تحقيق دولية وقروض بالدولار للمتضررين
المركزية- ماذا ينتظر حكّام لبنان بعد ليُفرجوا عن الوطن؟ ماذا يريدون من اشلاء الوطن المُدمّر ليفكوا اسره من سجن اقترافاتهم بعدما لم يتركوا فيه حجرا على حجر؟ ماذا يريدون بعد من شعب يائس فاقد الأمل يلعنهم كل لحظة ويشكوهم الى رؤساء الدول الصديقة؟ هل سمعوا وعاينوا واقعة الجميزة اليوم؟ هل سمعوا النساء والشباب يناشدون رئيس فرنسا المثال انقاذهم وعدم منح فلس واحد للسلطة الفاسدة؟ هل استمعوا الى اهالي المفقودين يلقون عليهم لعنة التاريخ؟ هل هزت هذه المشاهد ضمائرهم اذا ما تبقى شيء منها؟ هل فهموا ان من يفترض انهم مسؤولون عنهم يلفظونهم، ويتمنون ان يصيبهم ما اصاب فلذات اكبادهم واهلهم واحباءهم؟ حتى الرئيس ايمانويل ماكرون لم يتوانَ عن توجيه اللوم بقسوة اليهم وكأنه يوبّخهم، بقوله انه لولا اللياقات لما زارهم وان ازمة لبنان اخلاقية -سياسية. ماذا يريدون اكثر بعد؟
ماكرون الذي يبدو يحمل في جعبته جديدا، مقترحا "عقداً سياسياً جديداً سيطرحه في الجمعة الوطنية اللبنانية برعاية فرنسية في قصر الصنوبر حيث يلتقي رؤساء الكتل النيابية من مختلف الاطياف بمن فيهم حزب الله، سيعود في الأول من أيلول لمتابعته، كما وعد الشعب اللبناني الذي كرر في كل مناسبة ان زيارته للبنان اليه وليس الى السلطة السياسية واعدا ان "إن لم يستمع لي المسؤولون ستكون هناك مسؤولية اخرى من قبلي تجاه الشعب "، الذي اعلن انه يتفهم غضبه من الطبقة الحاكمة.
ميثاق جديد: ارتدت زيارة الرئيس الفرنسي لبيروت المنكوبة اليوم طابعا استثنائيا. فبوضوح تام، أعلن انه لم يأت لدعم السلطة او الحكومة بل الشعب، مصوّبا على فساد الاولى ومتفهما غضب الناس منها. واشار الى انه سيطرح ميثاقا جديدا ومبادرة كاملة لانقاذ لبنان عصرا في كلمته من قصر الصنوبر.
خطاب صريح: على وقع تغريدة قال فيها "لبنان ليس وحيدا"، وصل الرئيس الفرنسي الى مطار رفيق الحريري الدولي ظهرا حيث كان في استقباله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وقبل مغادرته المطار متوجها الى موقع الانفجار في المرفأ، قال "جئت في رسالة مساندة اخوية وتضامن مع الشعب اللبناني لان هذا هو لبنان وهذه هي فرنسا ونظرا لعلاقاتنا الاخوية". واضاف "نسعى لتأمين مساعدات دولية للشعب اللبناني، طبية وأدوية". وتابع " سأحمل خطابا صريحا وصارما تجاه السلطات لان لبنان في أزمة كبيرة اقتصادية ومالية تحتاج الى صراحة ويحتاج الى اصلاحات في الكهرباء وقطاعات كثيرة ان لم تحصل سيستمر غرق لبنان". واردف "نريد مساعدة ميدانية وسننسق هذا الامر مع الاسرة الدولية ليصل الدعم الى الشعب اللبناني" مضيفا "التقي المسؤولين اللبنانيين من باب اللياقات"، ومشيرا الى ان ازمة لبنان اخلاقية سياسية.
في المرفأ: ولاحقا، تفقد الرئيس الفرنسي والوفد المرافق الذي ضم وزير الخارجية جان ايف لودريان، المبعوث الفرنسي بيار دوكان والسفير الفرنسي برونو فوشيه، مكان الانفجار في مرفأ بيروت. واستمع الرئيس ماكرون إلى شرح مفصل لما حصل من محافظ بيروت القاضي مروان عبود، المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، ومن فرق الجيش، الصليب الأحمر وافواج الهندسة العاملة على الارض، اضافة الى الفرقة الفرنسية المتخصصة بالتعرف على المخاطر التكنولوجية. و أمضى الرئيس ماكرون نحن عشرين دقيقة في الموقع. وخلال معاينته الاضرار، قال ضابط من فريق الإنقاذ الفرنسي لماكرون: لا يزال هناك أمل بالعثور على ناجين.
لا مساعدات للفاسدين: وبعد المرفأ، انتقل ماكرون الى الجميزة ومار مخايل لتفقد الاضرار. ووسط الحشود التي تجمعت لملاقاته هاتفة للثورة وضد الطبقة السياسية، قال "ما أضمن لكم هو ان هذه المساعدة ستكون على الأرض ولن توضع في أيدي الفساد ولبنان الحرّ سينهض من جديد". وقال "المساعدات الفرنسية غير مشروطة وسوف ننظم المساعدة الدولية كي تصل مباشرة الى الشعب اللبناني وبمراقبة أممية وسوف اطلق مبادرة سياسية جديدة". واضاف “انا هنا وسأقترح عقداً سياسياً جديداً بعد ظهر اليوم الخميس وسأعود في الأول من أيلول لمتابعته، وإن لم يستمع لي المسؤولون ستكون هناك مسؤولية اخرى من قبلي تجاه الشعب". وتابع "اتفهم غضب الشعب اللبناني من الطبقة الحاكمة وهذا الغضب الشعبيّ هو نتيجة الفساد وهذا التفجير هو نتيجة تجاهل وأستطيع ان أساعدكم على تغيير الأشياء”. وقال رداً على لبنانيين طالبوه بدعمهم ضد الطبقة السياسية إنه سيقترح "ميثاقاً جديداً"، مضيفا " لست هنا لأدعم النظام اوالحكم او الحكومة".
الى القصر: ومن الشارع حيث حرص على مصافحة الناس والاستماع الى صرختهم، انتقل الى بعبدا حيث عقد خلوة مع الرئيس عون قبل ان يجتمع الى الاخير ورئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري وحسان دياب. واختتم ماكرون زيارته بيروت بلقاء ضم رؤساء الكتل النيابية في قصر الصنوبر، يتوّجها بكلمة موسّعة.
جنبلاط: سياسيا، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في مؤتمر صحافي عقده في كلمنصو "لا نؤمن لا من قريب ولا بعيد بلجنة تحقيق محليّة ولا ثقة أصلاً بالحكومة ونطالب بلجنة تحقيق دوليّة ونحن نشكر الدول العربية التي أتت الى لبنان المجروح ليقولوا نحن معكم رغم كل الصعاب وأشكر فرنسا"، مضيفا "باقون في المجلس ونطالب بانتخابات مبكرة خاصة ان استقالتنا ستفتح مجالا لمحور التيار الوطني الحر-حزب الله للسيطرة على كل مجلس النواب". واردف " أطالب بإنشاء صندوق وطني للتعويضات ولا بدّ من السيطرة الفعلية على المرافق والمعابر ومن حكومة حياديّة تُعيد الأمل إلى اللبنانيين وتخرجنا من المحاور لأنّ الحكومة الحالية معادية في مختلف الميادين". وردا على سؤال قال " لا اؤمن لا بالأجهزة ولا بالعصابة الحاكمة"، واضاف "دُمّرت بيروت اليوم بظروف غامضة قد تكون تآمريّة ولكنّ العاصمة ستعود و"ما رح نعطيهم الفرحة بانتخابات فرعيّة للسيطرة على البلد"، وتابع "هناك تقصير فادح من القضاء والأجهزة الأمنية والرسائل والرسائل المضادة اليوم تذكّرني بحادثة جريمة اغتيال رفيق الحريري عندما حاولوا في اللحظات الأولى طمس معالم الجريمة". وردا على سؤال قال "عندما تتحد القوى المسيحية وأولها البطريرك للمطالبة باستقالة الرئيس عون نلحق بهم، سيما بعد تجربة العام 2005 التي علّمتنا ان هذا الموقع مقدّس.. ودياب ديب كاسر و"لا شيء".
جعجع : من جانبه، قال رئيس حزب القوات سمير جعجع بعد اجتماع لتكتل الجمهورية القوية في معراب: الاستنتاج الاولي ان المواد تركت في المرفأ لأن هناك من قد يحتاجها عن سابق تصور وتصميم من دون الاهتمام بالشعب والخطر. واضاف " ندعو مجلس النواب لعقد جلسة طارئة لاستجواب الحكومة حول انفجار بيروت ونطالب بلجنة تقصي حقائق دولية توفدها منظمة الأمم المتحدة بأسرع وقت"مشددا على ان "السلطة في موقع الاتهام".
نصرالله: الى ذلك، يتحدث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول التطورات في الخامسة والنصف عصر الجمعة المقبل ويتناول التطورات.
تشييع وتحقيق: على الارض، شيّع اللبنانيون في اكثر من منطقة شهداء الانفجار، في حين استمرت اعمال المسح والتنقيب في المرفأ بحثا عن جثث او ناجين. وفي وقت استمر تدفّق المساعدات الدولية الطبية وحتى المالية الى بيروت، سطر النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات استنابة قضائية كلف فيها قائد الشرطة العسكرية في الجيش بمؤآزرة الفريق الفني الفرنسي. وورد في نص الإستنابة ما حرفيته:" بما أنه تم تكليف فريق فني فرنسي بموضوع الإنفجار الحاصل في مرفأ بيروت تاريخ 4/8/2020 للقيام بأعمال الخبرة الفنية، وإيداعنا التقرير بذلك وفقا للمهمة المحددة من قبلنا،لذلك نكلفكم مؤآزرة الفريق الفني الفرنسي المشار اليه وتسهيل أعماله بالدخول الى مسرح الجريمة وقيامه بأعمال الخبرة الفنية وتأمين اللوازم اللوجستية وكل ما يلزم لتنفيذ المهمة، ومخابرتنا بكل الإجراءات المتعلقة بتلك المؤآزرة، على أن يتم التنسيق مع رئيس الفريق فابريس غروسير Fabrice Grossir على الرقم 03/303008".
المصرف المركزي: في الموازاة، ووسط طمأنة الى ان الطحين والمواد الغذائية مؤمنة، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً أساسياً حمل الرقم 152 مرفقاً بالقرار 13254 يتعلق بمساعدة المتضرّرين من الانفجار في مرفأ بيروت. وقد وجه فيه البنوك والمؤسسات المالية في البلاد بتقديم قروض استثنائية بالدولار للمتأثرين بانفجار بيروت.