"صفقة القـرن" لبنان يتمسك بالمبادرة العربية والمخيمات تنتـفض
عون: اجراءات المعالجة الاقتصادية موجعة تتطلب تفهّم المواطنين
دياب: الوضع لا يحتمل نظريات وتجارب... ولا كورونا في لبنـان
المركزية- في زمن الصفقات الكونية المبتورة، والتسويات الدولية التي تذرّ بقرونها من الصناديق الانتخابية الاميركية والاسرائيلية على حساب الهوية الفلسطينية، وفيما يغوص العالم في ثنايا الصفحات الـ181 لـ"صفقة قرن" ترامب- نتنياهو المباركة من بعض العرب، قراءة وتمحيصا، علّه يجد فيها ما يمكن ان يفتح نافذة على حل بعيد المنال، يبحث لبنان الرسمي عن "صفقة"" تؤهله لاكتساب ثقة ثلاثية الاضلع موزعة بين الداخل والخارج. ثقة مضمونة نيابيا، ايا كان البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسّان دياب، وثقة مفقودة شعبيا تحتاج الى معجزة إلهية، وثالثة دولية بالغة الصعوية مشروطة بحزمة الاصلاحات الضروري تنفيذها وبالتزام سياسات تبعد لبنان عن المحاور. هذه الثقة الاكثر الحاحاً تكاد تكون خشبة الخلاص الوحيدة لعبور لبنان من زمن الانهيار الوشيك الى بر الامان المنشود، فهل تفلح لجنة صياغة البيان الوزاري في ارسال اولى اشارات الاطمئنان في اتجاه استعادتها؟
عون يتصل بعباس: في انتظار انتهاء مهمتها المتوقعة مبدئيا نهاية الاسبوع، الاحد المقبل في الحد الاقصى، كما تفيد التوقعات، بقي لبنان اليوم تحت وطأة صفقة القرن، وهو المعني بنصف مليون فلسطيني على ارضه يترقبون حق العودة، بما تعني معنويا لهم وفعليا للبنان الذي ينوء تحت اثقال نزوح جيرانه اليه. ووسط موجة رفض لبنانية عارمة للصفقة واستتباعاتها، اتصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بنظيره الفلسطيني محمود عباس، معربا عن "تضامن لبنان رئيسا وشعبا مع الفلسطينيين في مواجهة التطورات التي نشأت عما بات يعرف بـ"صفقة القرن." وأكد لعباس أن "لبنان متمسك بالمبادرة العربية للسلام التي أقرت في قمة بيروت عام 2002، خصوصا لجهة حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس".
بري ودياب: من جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان، "أن "صفقة القرن" تجهض آخر ما تبقى من الحلم الفلسطيني بإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وهي رشوة لبيع الحقوق والسيادة والكرامة والأرض العربية الفلسطينية بمال عربي. اما رئيس الحكومة حسان دياب فغرد عبر "تويتر كاتبا": "ستبقى القدس هي البوصلة وستبقى فلسطين هي القضية."
المخيمات ترفض: واستهجانا للصفقة التي شكلت موضع رفض فلسطيني رسمي وشعبي عارم، شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان اضراباً عاماً تلبية لدعوة الاحزاب والتنظيمات لا سيما في صيدا
وصور وبعلبك والبداوي حيث عمّ الاضراب الشامل في كل المؤسسات والمدارس، وتوقفت الحركة فيها. ونظّمت اعتصامات في حضور ممثلين عن القوى الفلسطينية والأحزاب اللبنانية.
اجراءات قاسية وموجعة: في المقلب اللبناني الداخلي، وفي مؤشر غير مطمئن ازاء سبل معالجة الاوضاع الاقتصادية التي سيدفع الشعب مجددا ثمنها على الارجح، قال رئيس الجمهورية خلال استقباله وفداً من الرابطة المارونية " اما وقد تمكنا من تجاوز الازمة الامنية، فان الازمة الاقتصادية المالية تبقى الاخطر حيث لا الانتاج ولا المال متوفران بعد اعتماد لبنان لسنوات خلت على الاقتصاد الريعي. لذلك، نحن اليوم في صدد معالجة هذين الوضعين الصعبين، والاجراءات التي ستتخذ ستكون قاسية وربما موجعة ما يتطلب تفهم المواطنين لهذا الامر، وكذلك لواقع ان الحكومة الجديدة والوزراء الجدد ليسوا بمسؤولين عن الخراب الذي حل بنا".
ورشة مالية في السراي: وتوازيا، وعلى وقع الوضع المالي الصعب الذي يُرخي بظلاله على القطاعات كافة بسبب شحّ الدولار، رأس رئيس الحكومة حسان دياب دياب الورشة المالية- الاقتصادية في السراي الحكومي، في حضور وزراء المال غازي وزني، التنمية الإدارية والبيئة دميانوس قطار، الاقتصاد والتجارة راوول نعمة، والصناعة عماد حب الله، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية المصارف سليم صفير، رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، والأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكيّة. واكد في افتتاحها "ان الوضع لا يحتمل نظريات وتجارب، لذلك يجب ان تكون لدينا رؤية علمية وواقعية"، داعياً الى "إعداد خطة، بالتعاون بين الحكومة والبنك المركزي وجمعية المصارف، بهدف استعادة الحد الأدنى من الثقة التي هي حجر الزاوية في معالجة الأزمة، خصوصاً أن الأرقام التي اطلعت عليها هي ارقام استطيع القول إنها تسمح بهامش واسع من المعالجات الجدية التي تساعد على تبريد حرارة الأزمة، تمهيداً لإطفائها"، معتبراً أن "الصورة السوداوية التي نسمعها غير صحيحة أو غير دقيقة". واوضح "ان الانطباعات الأولى التي سمعتها من مختلف الأطراف، من حاكم البنك المركزي ومن رئيس جمعية المصارف، وغيرهما، توحي بأن الأفق غير مقفل على المخارج. فالصورة السوداوية التي نسمعها، وطبعاً التي يسمعها الناس، غير صحيحة، او غير دقيقة. هذا لا يعني ان الحلول سهلة، لكن الانطباعات الموجودة في البلد أدّت إلى فقدان الثقة بالدولة ومصرف لبنان وكل القطاع المصرفي".
من جهته، قدّم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال الاجتماع، عرضاً للواقع المالي في البلاد، مشيراً إلى أن "الوضع ليس سوداوياً بل هناك بعض الإيجابيات". في حين كشف رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، عن "اتفاق المجتمعين على وضع تسهيلات مصرفية كبيرة للحصول على الدولار الأميركي كما على الليرة اللبنانية... وقال "توافقنا على تسهيل التحويلات إلى الخارج، لا نقول بطريقة مفتوحة إنما بارتياح. فهدفنا الذهاب أبعد في اتجاه تخفيف حدّة الخوف والأزمة لدى الناس". وأعلن حمود لـ"المركزية" عن حصول اللجنة على كامل المعلومات حول الأموال المُحوَّلة من لبنان إلى الخارج، وأسماء أصحابها... وهي تُعِدّ كتاباً لرفعه إلى النائب العام التمييزي غسان عويدات لمتابعة الملف قضائياً".
الانقاذ ليس مستحيلاً: وعلى الخط، قال الرئيس نبيه بري خلال لقاء الاربعاء النيابي "بعد إقرار الموازنة، سيستكمل الإطار المؤسساتي مساره عبر مثول الحكومة امام مجلس النواب لنيل الثقة"، مؤكداً "حرص وجدّية ودور وتعاون المجلس النيابي تشريعاً ورقابة ومحاسبة ومساءلة لحسن سير تطبيق الإصلاحات الإقتصادية والمالية"، مشدداً على "ان التأثير الوحيد عليها سيكون مصلحة الوطن والمواطن". واعتبر "ان عملية الإنقاذ ليست مستحيلة وليست ايضاً في منتهى الصعوبة. وان الحكومة أمامها فرصة من 3 الى 4 اشهر بعد نيلها الثقة شرط الإبتعاد عن النزاعات والتوترات، خصوصا وان لبنان لا يمكن ان يتقدم من خلال الممارسة الطائفية، بل من خلال الحفاظ على المؤسسات".
لا كورونا في لبنان: والى الهمّ المالي-الاقتصادي الذي يؤرق اللبنانيين، همّ صحي آخر يطرق الابواب وهو فيروس الكورونا المستجدّ الذي ينتشر سريعاً في العالم. وقد اعلنت وزارة الصحة في الإمارات، عن تشخيص حالة إصابة بالفيروس ، لأشخاص من عائلة واحدة آتين من مدينة ووهان في الصين. وفيما ترددت معلومات عن وجود اصابة بالمرض في مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت، نفى المركز الطبّي في الجامعة ، في بيان صادر عن إدارته "الإدعاءات المتداولة عن وجود حالات فيروس الكورونا".
...والوزير يطمئن: وفي السياق، اكد وزير الصحة حمد حسن خلال استقباله السفير الصيني "ان حتى الآن، لم يصب اي مواطن لبناني موجود في الصين بفيروس كورونا"، مشيراً الى "ان الوافدين من الصين ملزمون بالعبور عبر دولة ثالثة، ما يزيد من إجراءات الحماية لمواجهة انتقال الفيروس". وسئل عمّا إذا كانت إجراءات الوقاية في لبنان كافية لعلاج المصابين إذا وجدوا، فأجاب "هناك وحدة في مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي، تتضمن أربع غرف، يتم فيها عزل الحالة المصابة والإهتمام بها من ناحية الوقاية، لأن العلاج من الكورونا يرتكز إلى الوقاية، وهو الناجع لحماية المريض في انتظار الدراسات التي يتم إجراؤها على مستوى اكتشاف الأدوية".