شـرارة الثورة عود على بدء..."اسـبوع الغضب" يقطع اوصال البــلاد
قوى السلطة تحاول استجماع نفسها: باسيل عند بري وجريصاتي زار دياب
عون:جهودي لم تأتِ بنتيجة.. والحريري يصرّف الاعمال من الباب الضيق
المركزية- الى بداياتها، عادت الثورة الشعبية على النظام الفاسد بعدما منحته فترة سماح طويلة في دولة الانهيار المسؤول عنه مباشرة، علّه يستشعر خطورة ما بلغته حال البلاد واهلها، فلم يفعل. كل مقومات الانتفاضة ودوافعها وكل اشكال حق التعبير المنبثقة من رحم الاحتقان الشعبي، بما فيها قطع الطرق يمتلكها الثوار اليوم ورقة قوية في مواجهة تغطرس المسؤولين السياسيين الذين لم يرف لهم جفن ازاء ضرورة احتواء الوضع والمسارعة الى معالجة الانهيار، لا بل امعنوا في محاصرة جهود بذلها الرئيس المكلف حسان دياب في اللحظة الحاسمة لاستيلاد حكومته العتيدة فأجهضوها. فماذا عن الغد؟ ماذا عن الدولار وتسعيرته ماذا عن المحروقات وتوافرها؟ ماذا عن نفاد المستلزمات الطبية من المستشفيات ؟ ماذا عن الكهرباء الغائبة؟ ماذا عن الارتفاع الجنوني في اسعار السلع الاستهلاكية؟ ماذا عن المستقبل برمته؟
واقع كهذا، لم تعد تنفع معه انتفاضة ولا ثورة سلمية، فثورات العالم قاطبة لا تكفي ازاء حكّام فاسدين يقودون وطنا يفترض انهم مسؤولون عنه الى الانتحار الجماعي ببرودة اعصاب لا مثيل لها.
اسبوع الغضب: بعد ان بلغ التعثر السياسي حدوده القصوى، وأخفق أهل الفريق السياسي الواحد، في تشكيل حكومة تحتاج اليها البلاد اليوم قبل الغد، عاد الثوار الى الارض بقوة منذ الصباح الباكر، مطلقين في كل المناطق "أسبوع الغضب". واستعادوا وسائل الضغط التي لجأوا اليها في بدايات الانتفاضة، فقطّعوا اوصال الوطن الرئيسية من الشمال الى الجنوب، مرورا بجل الديب والزوق وجبيل، بالاجساد والاطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، مؤكدين انهم لن يخرجوا من الساحات قبل تحقيق المطالب. وبدا لافتا عدم تحرك الاجهزة الامنية والعسكرية لفتح الطرق بالقوة كما في الايام السابقة.
بري- باسيل: في المقابل، سجل رص صفوف بين اهل السلطة. فغداة الزيارة التي قام بها امس رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط الى مقر الرئاسة الثانية، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل. وفي وقت يعقد تكتل لبنان القوي اجتماعا عصرا ستليه كلمة وموقف لباسيل من التطورات الحكومية، غادر الاخير عين التينة من دون الادلاء بتصريح. وأكدت مصادر في الرئاسة الثانية أن نتيجة الاجتماع بين بري وباسيل كانت ايجابية وجرى فيه تنسيق المواقف. ومن غير المستبعد وفق المعلومات ان يعقد لقاء بين بري والرئيس سعد الحريري في الساعات المقبلة.
الحريري يعود: وكان الحريري وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي آتيا من عُمان بعدما قدم الى سلطان عمان هيثم بن طارق بن تيمور، واجب التعزية بالسلطان قابوس بن سعيد. ورأس فور وصوله في "بيت الوسط" اجتماعا لكتلة المستقبل النيابية في حضور النواب الحاليين والسابقين تناول عرضاً للمستجدات. وأفيد ان لا مانع لدى الرئيس الحريري من تصريف الأعمال، إنما من الباب الضيّق مع إعطاء الأولوية لتشكيل الحكومة وإزالة كلّ العقبات من أمام التأليف. وقد كان الحريري أعلن في دردشة مع الاعلاميين في بيت الوسط ان "منذ أن قدمت استقالتي وأنا اصرف الأعمال ولم أتوقف. وان كانوا يريدون أكثر فسنقوم بذلك، ولكن الاساس تشكيل حكومة والرئيس المكلف لديه مهمة وهي التأليف".
عون ودياب: في غضون ذلك، اوضحت محطة otv ان وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الاعمال سليم جريصاتي التقى الرئيس المكلف حسان دياب، لكنه لم ينقل اليه كما ذكر البعض رسالة من رئيس الجمهورية للاعتذار، بل كان هدف اللقاء الدفع في اتجاه الاسراع في تأليف الحكومة. في المقابـل،
أكّدت مصادر مطلعة على موقف دياب للـLBCI أنّه ليس في وارد الاعتذار لا بل يشعر ان تحرك الشارع داعم لموقفه في عملية التأليف، والدليل انه تحرك في كل الاتجاهات باستثناء منزله.
لا نتائج: من جانبه، لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى ان عوامل عدة، منها خارجي ومنها داخلي، تضافرت لتنتج أسوأ أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية ضربت لبنان. واوضح انه منذ بداية هذا العهد شكّل الوضع الاقتصادي والمالي الهمّ الأكبر، و"بذلتُ جهوداً كبيرة للمعالجات الاقتصادية ولكنها لم تأتِ بكل النتائج المأمولة لأن الوضع كان سيئاً والعراقيل كثيرة. وقد أدّى الضغط الاقتصادي المتزايد الى نزول الناس الى الشارع بمطالب معيشية محقة وبمطلب جامع لكل اللبنانيين وهو محاربة الفساد". واعتبر في كلمة امام اعضاء السلك الديبلوماسي ومديري المنظمات الدولية قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا جاؤوا لتهنئته بالاعياد ان التظاهرات خصوصاً في بداياتها، "شكّلت فرصة حقيقية لتحقيق الاصلاح المنشود لأنها هزّت المحميات الطائفية والسياسية وقطعت الخطوط الحمر وباتت المحاسبة ممكنة"، ولكن محاولات استغلال بعض القوى السياسية للتحركات الشعبية أدّت الى تشتّت بعضها وإغراقها في راديكالية رافضة، كذلك نمط الشائعات المعتمَد من بعض الإعلام وبعض المتظاهرين، حرّف بعض الحراك عن تحديد مكامن الفساد الحقيقي وصانعيه بصورة صحيحة، ولا زلت أعوّل على اللبنانيين الطيبين في الشوارع والمنازل لمحاربة الفساد"، فيما عمل الجيش والقوى الامنية على تأمين حق التظاهر وسلامة المتظاهرين. لكن هذا الوضع فاقم الأزمة الاقتصادية كما انعكس سلباً على الوضع الأمني، وقد أدى الى ارتفاع معدل الجريمة بجميع أنواعها بعد أن كنّا حققنا تقدّما لافتاً في خفضه في العامين المنصرمين. وشدد على ان ولادة الحكومة " كانت منتظرة خلال الاسبوع الماضي، ولكن بعض العراقيل حال دون ذلك. وعلى الرغم من اننا لا نملك ترف التأخير، فإن تشكيل هذه الحكومة يتطلّب اختيار أشخاص جديرين يستحقون ثقة الناس والمجلس النيابي ما تطلب بعض الوقت، سنبقى نبذل كل الجهود الممكنة للتوصل الى الحكومة الموعودة، مقدّمين المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبار آخر".
استعادة الثقة: من جانبه، أكد عميد السلك الديبلوماسي السفير البابوي جوزف سبيتري من قصر بعبدا أن "الفساد يبيد التضامن، فهو يسمم قلوبنا وأفكارنا وأعمالنا ويعمينا، فلا نعود نعتبر الآخرين مساوين لنا في الكرامة. إن الفساد يعيق الحوار الحقيقي والمشاركة الفاعلة للكفاءات". واعتبر أن "لا أخوة إنسانية ممكنة من دون حوار وأن المجتمع الدولي الممثل هنا برؤساء البعثات الديبلوماسية ومسؤولي المنظمات الدولية، ما زال يشدد على ضرورة حوار صادق قائم على الاحترام بين القادة السياسيين أنفسهم، كما بينهم وبين أولئك الذين يطالبون بالتغيير الحقيقي". وقال: "نجدد اليوم التعبير عن أمنيتنا الحارة بأن يؤدي الحوار والإرادة الصالحة عند جميع الافرقاء المعنيين، إلى تشكيل سريع لحكومة تكتب لها الحياة لكي تقر الإصلاحات الطارئة والضرورية وتوضع حيز التنفيذ، ولكي تستعاد الثقة لدى جميع اللبنانيين ولدى جميع أصدقاء لبنان".
المحروقات: معيشيا، عقد اجتماع بين وزيرة الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ندى بستاني ونقيب اصحاب محطات المحروقات في لبنان سامي البركس يرافقه رئيس مجموعة "بركس بتروليوم" جورج البركس لمتابعة البحث في كيفية ايجاد الحل لمشكلة البنزين والمازوت الناتجة عن تقلبات سعر صرف الدولار وارتفاع سعره وفرض شركات الاستيراد تسديد جزء من الثمن بالدولار الاميركي. وطلب البركس من بستاني التدخل مع الشركات المستوردة للعودة الى تسليم البنزين بالليرة اللبنانية الى المحطات خلال هذه الفترة، فوعدت بذلك. وبعد الاجتماع صدر عن النقيب البركس بيان اشار الى "ان الهدف الرئيسي الذي نعمل عليه مع الوزيرة هو اعادة جعالة اصحاب المحطات على صفيحة البنزين (أي 1900 ليرة ) وجميع الجعالات الاخرى التي يتكون منها جدول تركيب الاسعار الاسبوعي الى ما كانت عليه قبل تاريخ الرابع من كانون الاول 2019 كما استلام المحروقات من بنزين ومازوت من شركات الاستيراد بالليرة اللبنانية فقط. وهذا الموضوع تمت الموافقة عليه من قبل الوزيرة بستاني واخذت القرار بالعمل على تنفيذه. وبسبب الوضع الحكومي الراهن، ستقوم الوزيرة بالاتصالات اللازمة مع المراجع الرسمية العليا ومع المصرف المركزي وستجري ايضاً المراجعات الادارية والقانونية الضرورية لايجاد الآلية الصحيحة للوصول الى الهدف المنشود آملين الانتهاء من هذا الوضع خلال الايام القليلة المقبلة".
الصرافون: في الموازاة، عقد اجتماع اليوم بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونقابة الصرافين وتلقّى سلامة وعداً من النقابة باتخاذ إجراءات خلال أسبوع لتحديد وتخفيض سعر صرف الدولار لدى الصرافين.
جمعية المصارف: من جانبها، أعلنت جمعية مصارف لبنان أنه لم يصدر عنها بتاريخ اليوم أيّ بيان صحافي، وبالتالي فإن كل البيانات أو الأخبار التي يتمّ تداولها في وسائل التواصل الإجتماعي حول تشكيل الحكومة أو المطالبة بتدخل القضاء مع التلميح الى إقفال المصارف لا أساس لها من الصحة إطلاقاً، فاقتضى التوضيح.
فض النزاع: اقليميا، قال دبلوماسيان أوروبيان إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا ستبلغ الاتحاد الأوروبي، إنها ستقوم بتفعيل آلية فض النزاع النووي مع إيران، بعدما أقدمت طهران على انتهاكات جديدة للاتفاق النووي المبرم عام 2015. وأضاف الدبلوماسيان، أن القرار يهدف إلى إنقاذ الاتفاق من خلال التحاور مع إيران في شأن ما ينبغي أن تفعله للعدول عن قرارات اتخذتها، وأشارا إلى أن الهدف ليس إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة، حسبما نقلت "رويترز". في المقابل، نقلت وكالة سبوتنيك عن الخارجية الروسية ان "تفعيل آلية فض النزاعات في إطار الاتفاق النووي مع إيران غير مقبول".