دعم عربي للجيش وبحث غربي في سحب سلاح "الحزب"
توزّع المشهد اللبناني أمس، بين هدير الطائرات الإسرائيلية التي واصلت قصف الضاحية الجنوبية والجنوب ومناطق عدّة في وضح النهار وامتدّت مساءً إلى منطقة القصير الحدودية السورية، وأعلن “حزب الله” استهدافه مقرّ وزارة الدفاع الإسرائيلية للمرّة الأولى، وبين صخب الدبلوماسية العربية، هبطت طائرة وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي في مطار رفيق الحريري الدولي، متخطياً كل الحواجز والأعراف من خلال جدول الزيارات التي افتتحها بلقاء قائد الجيش العماد جوزيف عون، بدل زيارة عين التينة أو السراي الحكومي، وحديثه عن ضرورة وقف العدوان وانتخاب رئيس توافقي من دون إملاءات خارجية وفصل الانتخاب عن وقف إطلاق النار.
ومع استمرار الحرب وعدم بلورة أي أفق زمني لوقفها، ومتابعة إسرائيل استهدافها للقرى الحدودية الجنوبية، تحدّث مصدر دبلوماسي غربي لـ “نداء الوطن”، عن سلسلة قناعات دولية راسخة، تبدأ بضرورة تطبيق القرار الدولي 1701 بكامل مندرجاته بما فيها القراران 1559 و1680، ما يعني أنه لا يمكن العودة إلى الواقع السياسي السابق الذي تحكّم بلبنان. وشدّد المصدر على أنّ المجتمع الدولي، يراهن بشكل أساسي على دور الجيش اللبناني في بسط الدولة سيادتها على كلّ أراضيها. ولفت إلى أنّ الإجماع الدولي غير متباين بشأن تنفيذ الـ 1701 وتسليم سلاح “حزب الله”، إنما يدور النقاش حالياً حول كيفية سحب السلاح غير الشرعي، من خلال “تخريجة لائقة” لا تؤدّي إلى صدامٍ أو تهديد للاستقرار اللبناني الداخلي.
الزيارة المصرية
على الرغم من عدم تعليق آمال كبيرة على زيارة وزير الخارجية المصري، إلاّ أنها حملت دلالات عدّة. من الناحية السياسية، شكلت هذه الزيارة بشائر عودة عربية، خصوصاً أنها أتت بعد قمة الرياض التي بحثت في حرب لبنان وغزة، وبعدما شهد لبنان شبه مقاطعة عربية، نتيجة وقوعه تحت النفوذ الإيراني.
وفي وقت وضع البعض استهلال الجولة بزيارة قائد الجيش في الإطار الرئاسي، خصوصاً أن مصر تشارك في “اللجنة الخماسية” ونُقل عنها دعمها لترشيح عون، كشفت معلومات لـ “نداء الوطن”، أن ترتيب لقاء اليرزة قبل غيره من اللقاءات كان عن قصد، وهدفه توجيه رسالة إلى الداخل والخارج أن الرهان المصري والعربي هو على الجيش اللبناني في هذه المرحلة الراهنة والمقبلة. وأشارت المعلومات إلى أن عبد العاطي تحدّث بإيجابية كبيرة عن الجيش وقائده ونقل إلى العماد جوزيف عون رسالة قوية وواضحة، تشدّد على دعم المؤسسة العسكرية. والأهم أنه دخل في التفاصيل وسأل عن احتياجات الجيش ليتمّ العمل على تأمينها.
وفي وقت التقى عبد العاطي رئيسي مجلس النوّاب نبيه برّي وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اتصل بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. في السياق، رأت مصادر مطلعة، أن موقف ميقاتي “رفض لبنان أيّ شروط تُعدّ تجاوزاً للقرار 1701″، هو ترداد لما يكرّره “الثنائي” برّي و”حزب الله”، ما يعني أنّ الحديث عن نجاح الاتصالات لوقف إطلاق النار وتقدّم المفاوضات لا أساس لها من الصحّة، مع تشديد إسرائيل على أنّ القرار غير كاف، كذلك اتضح عدم دقة الحديث عن أن الموفد الأميركي آموس هوكستين اقترب من إبرام تسوية، فكل هذا الكلام لا يستند إلى وقائع ملموسة، في ظلّ نقل الملفات المتعلّقة بلبنان والشرق الأوسط إلى يد الإدارة الأميركية الجديدة.
ولفت أمس موقف النائب السابق وليد جنبلاط لصحيفة “سويدوتشي” الألمانية، إذ أكّد مجدّداً “تولّي إيران مسؤولية “حزب الله” بعد اغتيال السيد حسن نصرالله”، منبهاً إلى أنّ “الوضع سيستمرّ بالتدهور إذا لم يتمّ وقف الحرب”. في وقت تابع جنبلاط سلسلة مشاوراته بلقاء برّي في عين التينة.
ملف التمديد لقائد الجيش
وفيما لم تشهد الملفات السياسية أي تقدّم يُذكر، قفز ملف التمديد لقائد الجيش إلى دائرة الإهتمامات والضغط مجدّداً من أجل إتمامه هذا الشهر. وأشارت مصادر كنسية لـ “نداء الوطن” إلى أنّ البطريرك الراعي بات يشرف شخصيّاً على الملف، ويتواصل مع المعنيين، مكرّراً رفضه تعيين قائد جديد للجيش في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية”. وأكدت المصادر أنّ البطريرك بات مرتاحاً للجو العام الداعم للتمديد، رغم تخوّفه من بعض التفاصيل التي قدّ تؤخّر العملية.
من جهة ثانية، علمت “نداء الوطن” أن أحد نواب تكتل “الاعتدال الوطني” التقى قائد الجيش في اليرزة وأبلغه دعم التكتل للتمديد والوقوف إلى جانب الجيش، كما تناقشا في اهتمامات المؤسّسة العسكرية، ومن ضمنها تطويع 1500 عسكري جديد. ويأتي موقف “الاعتدال” ليضاف إلى مواقف الكتل الوسطية المؤيدة للتمديد وكذلك المعارضة السيادية مما يعطي أغلبية لهذا الأمر.
المصدر: نداء الوطن