خلوة لقوى التغيير غداً... ما القرارات التي ستتّخذها؟
يستعد النواب الأعضاء في «تكتل قوى التغيير» لعقد خلوة، غداً الجمعة، وعلى جدول أعمالها مجموعة من البنود، أبرزها التفاهم على آلية لاتخاذ القرارات وتحديد موقف نهائي حيال مشاريع واقتراحات القوانين ذات الصلة المباشرة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته الاقتصادية والاجتماعية والمالية الكارثية، خصوصاً أنه سبق للتكتل أن تقدّم بمشاريع في هذا الشأن، وللتوصل إلى مقاربة موحّدة تتعلق بالاستحقاق الرئاسي من دون أن يغيب عن جدول أعمالها الالتفات للهموم المعيشية للبنانيين في ضوء تراجع سعر صرف العملة الوطنية واستمرار احتجاز أموال المودعين في المصارف وانحلال إدارات الدولة وغيابها عن توفير الحد الأدنى من الخدمات للسواد الأعظم من اللبنانيين.
ومع أن «تكتل قوى التغيير» الذي يضم 13 نائباً لم يسجّل اسمه رسمياً لدى الأمانة العامة للمجلس النيابي، فإن معظم النواب الأعضاء فيه يعترفون ضمناً بأن هناك ضرورة لرفع منسوب إنتاجيتهم وتكثيف حضورهم، وهذا يتطلب منهم أن تشكّل الخلوة، وهي الأولى لهم، محطة أساسية للاتفاق على آلية لاتخاذ القرارات في حال تعذّر عليهم التوافق على رؤية موحّدة.
ويؤكد مصدر نيابي بارز في «تكتل قوى التغيير»، لـ«الشرق الأوسط»، أن التكتل يضم نواباً من اتجاهات سياسية متعدّدة، وبالتالي لا يمكن التعامل معهم على أنهم حزب سياسي على غرار الأحزاب السياسية العاملة في الشأن العام، وهم كانوا في طليعة الذين شاركوا في انتفاضة «17 تشرين الأول» 2019، وانتفضوا ضد المنظومة الحاكمة والقوى السياسية التقليدية.
ويلفت المصدر النيابي إلى أن عدم انتماء النواب الأعضاء في التكتل إلى حزب سياسي وإن كان بعضهم ممن تمرّد على الأحزاب السياسية أكانت يسارية أو يمينية، من شأنه أن يرفع من منسوب مسؤولياتهم حيال جمهور الانتفاضة ويضعهم أمام تحدٍّ بتقديم أنفسهم على أن لديهم ما يميّزهم عن القوى التقليدية.
ويعترف بأن أداء نواب التكتّل لا يزال دون المستوى المطلوب، ولا يلبي طموحات الجمهور الذي شارك في انتفاضة «17 تشرين الأول» وأضاء شعلة التغيير، ويقول إن التكتل يواجه مشكلة ما زالت تعوق التوصل إلى رؤية سياسية متكاملة وتتعلق بعدم تفاهم النواب حول آلية يجب التقيُّد بها في اتخاذ القرارات والتوصيات.
ويرى المصدر أن السمة الوحيدة التي يتمايز بها التكتل عن الكتل النيابية الأخرى الناطقة باسم الأحزاب والتيارات التقليدية، تتمثل بتعدد الآراء داخل التكتل، وإن كان يعوز النواب الإطلالة على جمهور الانتفاضة بموقف موحّد، ويؤكد أن التوافق ضروري لكن تعذّره يتطلب اللجوء إلى التصويت.
ويكشف أن آلية اتخاذ القرار أصبحت ملحّة ولا يمكن القفز فوقها أو الهروب إلى الأمام، ويقول إن بعض النواب في التكتل طرحوا صيغة تتعلق بحسم التباين في حال حصول خلاف يتعلق بمسألة سياسية معينة أو ببند تشريعي يُفترض أن يُدرج على جدول أعمال الجلسة التشريعية، وتقوم على اعتماد مبدأ التصويت بتأييد 9 نواب من 13 نائباً.
ويؤكد المصدر نفسه أن الأكثرية تميل إلى تبنّي التصويت الذي يعترض عليه النواب إبراهيم منيمنة وميشال الدويهي وحليمة القعقور التي لا تحبّذ التنسيق مع القوى التقليدية في المعارضة، وتتعامل معها على أنها على قدم المساواة مع قوى «8 آذار»، ويعتبر أن مصير التكتل يتوقف على حسم مبدأ التصويت كبديل عن تعذّر التوافق، وإلا فإنه يقف أمام خيارين: تنظيم الاختلاف تحت سقف الحفاظ على وحدة التكتل وإلا الافتراق.
ورداً على سؤال، يعترف بأن اللقاء الثاني الذي عقده النواب المستقلون وزملاؤهم المنتمون إلى قوى التغيير سجّل حضوراً أقل من اللقاء الأول، ما اضطر الحضور إلى تحويله للقاء خُصّص لتبادل الآراء وتوزيع المهام تحضيراً للاجتماع المقبل الذي سيُعقد في أعقاب الخلوة للنواب الأعضاء في «تكتل قوى التغيير»، مع أن اللقاء التشاوري سجل انضمام النائب غسان سكاف إلى المجتمعين بعد أن اعتذر عن عدم حضوره للقاء الأول لانشغاله في إجراء عملية جراحية.
ويقول إن اللقاء التشاوري انتهى إلى توزيع المهام بين النواب الحاضرين لجهة قيامهم بإجراء مروحة من الاتصالات تشمل زملاء لهم أبدوا رغبتهم في الانضمام إلى المجتمعين، ويؤكد أنه لا صحة لما يتردّد بأن النائبة بولا يعقوبيان تستعد لإعلان انفصالها عن المجتمعين، ويصنّف ما يشاع بخانة الحرب النفسية التي تستهدف «تكتل التغيير»، فيما زميلها ملحم خلف وإن كان يحبّذ الوصول إلى آلية لاتخاذ القرارات، فإنه في المقابل يحرص على لمّ شمل التكتل لقطع الطريق على تفكّكه من الداخل.
وبالنسبة إلى انضمام نواب حزب «الكتائب» إلى اجتماع المستقلين والنواب في قوى التغيير بخلاف إمكانية توسيع المشاركة بانضمام نواب من حزبي «التقدمي الاشتراكي» (اللقاء الديمقراطي) و«القوات اللبنانية»، يقول المصدر نفسه إن مشاركة «الكتائب» جاءت بعد انسحاب نوابه من البرلمان بإعلانهم استقالاتهم، بينما لم تحذُ الأحزاب الأخرى حذوهم.
«لكن هذا لا يمنع من التنسيق معهما أو مع غيرهما من المستقلين، مع أن الدعوة كانت وُجّهت للنواب أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد، ونحن ننتظر منهم قرارهم النهائي»، وفقاً للمصدر.
ويرى المصدر نفسه أن استثناء مجموعة من النواب السنة بعدم دعوتهم للالتحاق بالاجتماع يعود إلى أن بعضهم يدور في فلك الحريرية، فيما بادر بعضهم إلى إنشاء تكتل نيابي، في إشارة إلى نواب عكار وقضاءي المنية والضنّية.
ويبقى السؤال كيف سيتعاطى نواب التكتل وزملاؤهم من المستقلين مع الاستحقاق الرئاسي الذي سيكون حاضراً بامتياز على جدول أعمال الخلوة التي يعقدها التكتل غداً؟ وهل سيكتفون بالاتصالات لزيادة عدد المشاركين في اجتماعاتهم؟ أم أن المشاورات ستشمل الكتل النيابية والنواب من غير المنضوين تحت لافتة قوى «8 آذار» في محاولة لتجميع الأكثريات المتناثرة لإثبات حضورها الوازن في الاستحقاق الرئاسي.
ويعتقد المصدر نفسه أن التواصل بين نواب من «اللقاء الديمقراطي» وحزب «القوات» وبين آخرين من التكتل لم ينقطع، وإنما بقرار ذاتي منهم، بخلاف آخرين من التكتل الذين لا يحبّذون التواصل، وإن كانوا يرون أنه لا مفر من التنسيق في ملف الاستحقاق الرئاسي، لكن كيف؟ لأنه لا مصلحة لأحد في تفكك موقف المعارضة وإن كانت ما زالت حتى الساعة مجموعة من المعارضات.
وأخيراً، يؤكد المصدر نفسه أنه لا مفر من الوصول إلى صيغة تنسيقية تتعلق بانتخاب رئيس جمهورية جديد، لأنه لا مصلحة في تكريس الانقسام داخل ما يسمى معارضات أكانت تقليدية أو تغييرية؛ خصوصاً أن مجرد خوض المعركة على أساس إصرار هذا الفريق أو ذاك على تسجيل موقف يعني حكماً تقديم هدية مجانية إلى قوى «8 آذار»، وبذلك تكون بعض المعارضات تعيش في كوكب آخر، رغم أن لجوء رئيس حزب «القوات» سمير جعجع إلى استحضار لغة التخوين ليس في محله، طالما أن معظم القوى المحلية لم تبادر إلى تشغيل محرّكاتها الرئاسية وتنتظر أن يأتيها الترياق من الحراك الدائر في المنطقة، فيما تتطلّع الأنظار إلى ما سيصدر عن «تكتل التغيير» في مراجعته لمواقفه وأدائه على الصعيدين السياسي والبرلماني.
محمد شقير - الشرق الاوسط