العين على الجنوب وسط التصعيد الأميركي - الإيراني
كتب "منير الربيع" في "الجريدة" الكويتية:
تبددت بسرعة قياسية المناخات الإيجابية التي تم بثها في الأجواء حول إيجاد صيغة حلّ لإعادة إحياء عمل مجلس الوزراء اللبناني تنص على عقد دورة استثنائية للمجلس النيابي؛ مقابل عقد جلسات الحكومة.
وبينما أصبح عقد دورة استثنائية للمجلس النيابي بحكم الأمر الواقع، نظراً إلى إصرار رئيسه نبيه برّي عليها، وصولاً إلى حدّ جمع تواقيع 65 نائباً يفرضون دستورياً على رئيس الجمهورية ميشال عون الموافقة عليها، تمسك «حزب الله» وحركة أمل برفض التئام الحكومة؛ قبل حل أزمة تحقيقات تفجير مرفأ بيروت وتنحية القاضي طارق البيطار عن التحقيق مع الرؤساء والنواب الوزراء.
الرهان الذي أطلقه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في توفير ظروف عقد جلسة حكومية ينطلق من مبدأ الحاجة والضرورة لإقرار الموازنة المالية العامة، والتي لا يمكن لأي طرف أن يمانعه، خصوصاً أن الموازنة تكتسب أهمية استثنائية على أكثر من بعد، لناحية رصد المبالغ المطلوبة لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وإظهار الجدية في التفاوض مع صندوق النقد الدولي.
ورغم أن انعقاد الحكومة سينفّس الاحتقان السياسي ويكبح مسار انهيار الليرة اللبنانية مرحلياً بعد بلوغ الدولار عتبة الـ 30 ألف ليرة لبنانية، فإن جميع المعطيات المتوفرة لا تفيد بأن ثمة حلولاً تلوح بالأفق، على وقع تصعيد سياسي مستمر على مسافة أشهر من الانتخابات النيابية، وهو الاستحقاق الأهم بالنسبة لكل القوى السياسية.
تبدو المعركة أبعد من كل هذه التفاصيل، فالأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله وسّع نطاق المعركة في هجومه على السعودية، على وقع تصعيد كبير في المنطقة، وهي معركة سيستمر الحزب في خوضها باتجاهات متعددة.
في هذا السياق يأتي مسلسل الاعتداء على قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان استدعى رداً مباشراً من قوات اليونفيل، التي اتهمت الحزب بتضليل السكان واستغلالهم، مما يشير إلى أن الوضع في الجنوب اللبناني، حيث يسيطر الحزب، سيكون في مقدمة الأحداث بالمرحلة المقبلة.
وتعرضت قوات اليونيفيل، أمس الأول، لاعتداء هو الثاني خلال أيام، إذ أقدم اشخاص يعتقد أنهم موالون لحزب الله في مدينة بنت جبيل على مهاجمة دورية للقوات الدولية.
ويحاول حزب الله تطويق عمل قوات اليونيفيل في الجنوب، وسط مسعى دولي لتوسيع هامش تحركاتها ورصد أي عمليات لنقل الأسلحة، كما يبعث رسالة إلى الخارج يقول فيها، إنه المسيطر ميدانياً في تلك المنطقة، على مسافة أيام من زيارة سيجريها المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين للبحث في ملف مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل، وكأن الحزب يقول، إن الظروف غير ناضجة بعد للوصول إلى اتفاق بهذا الشأن. كل هذه الوقائع تجعل الساحة اللبنانية قابلة لأن تشهد أحداثاً وتطورات خاصة في الجنوب، في حال استمر التعقيد الذي يسيطر على المفاوضات الأميركية الإيرانية في «فيينا» والتصعيد في المنطقة، مما يفتح الباب أن يصبح لبنان الساحة المباشرة التي سينعكس فيها النزال الأميركي ـ الإيراني.