القمة الخليجية الـ 42.. خريطة الطريق
محمد ظافر العرادة - أمين سر اتحاد الإعلام الإلكتروني الكويتي
استكملت القمة الخليجية صورتها الواضحة في الأول من أمس بحضور قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، وذلك بعدما سبقتها زيارات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدول الخليج ابتداءً من الجنوب في عُمان وصولاً للمحطة الشمالية الأخيرة الكويت، واتضح بعد تلك الزيارات ثم القمة، أنّ مشوار دول مجلس التعاون الخليجي واضح ومحدّد، وأنّ كل من كان يتغذّى على الخلافات الخليجية لا وجود لصوته الشاذ اليوم، وأنّ الدول الست تسير الى الاتحاد الخليجي المتكامل في شتى المجالات، حيث أكّدت القمة في بيانها الختامي، أنّ أي هجوم على أي دولة عضو في المجلس يعدّ هجوماً على جميع الأعضاء، ولا شك في ذلك إطلاقاً، فدول الخليج العربي ذات كيان واحد، ومصير أبدي مشترك.
ولا ننسى أنّ القمة ركّزت ايضاً على القضايا العربية ذات الصلة، فبكل تأكيد، فإنّ دول مجلس التعاون الخليجي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وأنّ أي قضية عربية هي من أولويات هذه الدول، حيث أكّدت أهمية «وحدة اليمن» والحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه، وعدم التدخّل في شؤونه الداخلية، كما شدّدت على ضرورة نزع السلاح في لبنان وجمعه بيد الدولة، وبسط سلطة الدولة على لبنان الحبيب من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، ووضع حدّ لآفة تهريب المخدرات، وشدّدت القمة أيضاً على وحدة العراق الشقيق ودعمه، كذلك على حقوق الشعب الفلسطيني.
إننا اليوم كدول خليجية وعربية كذلك، أحوج إلى التعاون والتعاضد من أي فترة سابقة، وعلينا جميعاً أن نتّحد ونتماسك، فما يجمعنا أكبر من أي شيء، فالدم الذي بيننا يغنينا عن أي خلاف، وعلينا أن ننزع خلافاتنا لمصلحة شعوبنا، وأن ننبذ كل من يسعى الى الخلاف، وأن نقول بالصوت العالي لكل من يخالف المسار: «خاب مسعاك»، فالتماسك أهم من التنافر الذي تريد، والمستقبل العربي لا بدّ أن يكون مشرقاً بممالكه وجمهورياته، وعليكم بإلقاء نظرة على الاتحاد الأوروبي الذي ولد بعد نزاعات دموية وحروب عالمية أسقطت الملايين من القتلى ومئات الملايين من الجرحى، فلن تجد أوروبياً ليس له قتيل أو جريح في الحربين العالميتين، وها هم اليوم متّحدون رغم اختلاف أعراقهم ودياناتهم ومذاهبهم، وحدودهم مشتركة، وأهدافهم واضحة، وتماسكهم معلن، فلهم الكلمة بمعية الولايات المتحدة وروسيا والصين، فهم رابع أربعة، فدعونا نتّحد ونتماسك لنكون خامس الخمسة في صناعة القرار الدولي، وليعي الجميع أننا نستطيع، فلدينا كل الموارد وأكثر من 300 مليون عربي يتحدثون اللغة نفسها، ويجمعهم بجيرانهم العرق نفسه، ولا تستبعدوا شيئاً، فالواقع لن يكون واقعاً بلا أحلام تُترجم على أرض الواقع، ولنتماسك من طنجة غرباً إلى الأحواز شرقاً، ومن ديار بكر شمالاً إلى مقديشو وضواحيها جنوباً. والسلام على الإخاء في زمن ما بعد الوباء!