الرياح الحارة للانتخابات ستهب من البقاع: أبنة بشير الجميل ومرشح الأسد
كتب احمد عياش في "النهار":
فوق سطح الاحداث وتحتها تتحرّك أمور. ومنها في الأيام الماضية ،ظهور أمين قطري جديد لحزب البعث العربي الاشتراكي الموالي لسوريا، هو الصحافي علي حجازي. ومنها أيضا، ما قاله السفير جوني عبدو عن ان السيدة يمنى بشير الجميل "مشروع الغد والتغيير." فهل يصح القول، بإن هذه الأمور مرتبطة بإستحقاق الانتخابات النيابية في الربيع القادم؟
قبل ذلك، ما زال هناك الكثير من الكلام الخافت في أوساط سياسية متعددة عابرة للاصطفافات يدور حول إحتمال عدم إجراء الانتخابات في موعدها، وأن حظوظ إجرائها يتساوى مع احتمال تأجيلها . حتى ان ناشط سياسي آثر عدم الكشف عن إسمه قال ل"النهار" انه سمع من دوائر قريبة من "حزب الله" أسئلة تحمل في طياتها أشارات لافتة، ومنها:" هل ستكون هناك خضة صغيرة أم كبيرة بسبب إنسداد الأفق في المعالجات الداخلية لازمات؟ وهل ستكون هذه الخضة في داخل لبنان أم في خارجه؟
وفي هذه الأوساط أيضا ، ان جميع المعنيين بالانتخابات يعملون لملاقاتها على قاعدة "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأعمل لإخرتك كأنك تموت غدا." بمعنى، ان كل طرف، أطلق محركاته كي يلاقي الانتخابات ، لعل وعسى انها ستتم رغم ضبابية المشهد المحيط بها حاليا. ومن نماذج هذا التأهب، ما يطلّ بها "حزب الله"، الطرف الرئيسي في هذا الاستحقاق من مواقف وآخرها ما صدر عن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد الذي قال في عطلة نهاية الأسبوع المنصرم:"لا تراهنوا على أكثرية عددية في الإنتخابات كانت من حظّكم أو لم تكُن... ".وقد جاء كلام رعد بمثابة إشارة مبكرة لما يمكن ان تنتهي اليه الانتخابات، إذا ما جرت وانتهت الى نتائج تغيّر ميزان القوى الحالي في البرلمان، مع ما يعنيه ذلك من تأثير على مستوى تكوين السلطة في المرحلة المقبلة، وبخاصة ما يتصل بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية.
بالعودة الى دلالة التغيير على قيادة حزب البعث من ناحية التوقيت وما سيؤدي اليه في الانتخابات النيابية المقبلة. فبعد إتمام وصول القيادة الجديدة الى سدة المسؤولية بعد لقاء جرى تنظيمه في فندق صحارى بدمشق، إنطلقت احتفالات في البقاع وتحديدا في بعلبك مسقط رأس الأمين القطري الجديد حجازي، رافقها تقديم الاضحية بسخاء . لكن هذه الاحتفالات ، أخفت تطورات رافقت حسم الموقف لمصلحة الفريق القيادي الجديد، وذلك وفق معلومات ل"النهار" من أوساط سياسية رافقت مؤتمر البعث في العاصمة السورية. وقبل عرض هذه المعطيات ، لا بد من التوقف عند المقابلة التي أجرتها قناة "المنار" التابعة ل"حزب الله" السبت الماضي مع حجازي. فهو قال ان وصوله الى منصبه الحزبي مع رفاقه في القيادة الجديدة جاء بعد "منعطفين" هما: إنسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005 ، و"الحرب الكونية على سوريا " على حد تعبيره. وقال ان الأمين القطري السابق عاصم قانصو "فوّض" الرئيس بشار الأسد أن يسمي القيادة ، فكان ما كان . ونوّه بما رافق وصول القيادة من جهد بذله السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي والأمين العام المساعد هلال هلال. والى هنا تنتهي التفاصيل التي أذاعها الأمين القطري الجديد.
ما لم يعلنه حجازي، هو ما ذكرته ل"النهار" الأوساط المشار اليها، وهو ان المؤتمر الذي إنعقد في دمشق لم تكن له فرصة لمناقشة ما جرى التوصل اليه من خيار. واقتصر الامر على ورقة وصلت الى المؤتمر وجرى إذاعة ما إختاره الأسد من أسماء وأنفض بعد ذلك المؤتمر، الامر الذي اثار بلبلة لاسيما لدى الأمين القطري السابق قانصوه الذي مثّل الوجه التاريخي البارز للحزب على مدى عقود. وجرت محاولات لكي لا تظهر هذه البلبلة علانية ، وهذا ما فسر ولا يزال الصمت الذي لفّ موقف قانصو.
في موازاة ذلك، حرّك وصول الأمين القطري الجديد، احتمال ان يكون هو مرشح سوريا في الانتخابات المقبلة، ليحلّ مكان النائب الحالي جميل السيّد. ورددت الأوساط نفسها ان هناك تداول بأن يكون حجازي على لائحة "حزب الله" المقبلة في بعلبك الذي يشغله حاليا الناب السيد ، على ان يتم نقل ترشيح الأخير الى دائرة زحلة على رغم ان هذه الخطوة ليست مؤكدة. غير ان هذه المعطيات المتداولة بدأت تثير جدلا غير معلّن ضمن البيئة المعنية التي تقول ان هناك برودة برزت في الفترة الأخيرة في علاقة السيد بدمشق.
في المقابل، أطل مدير المخابرات السابق في الجيش السفير عبدو في مقابلة على موقع Lebtalks الالكتروني تطرق في قسم منها الى علاقات غير ودية بينه وبين النائب جميل السيّد. لكنه ، وعندما سئل عن "الحركة التي ستطلقها يمنى بشير الجميل"، أجاب:"عندي ثقة عمياء بيمنى. ومن ليس عنده ثقة فيها وفي أخيها (النائب نديم الجميل) لن يكون بإمكانهم ان يثيروا الخلافات بينهما . أنهم غلطانون تماما. يمنى مشروع الغد والتغيير." ونوه برئيس حزب الكتائب النائب المستقبل سامي الجميل انطلاقا "من المعزة الخاصة التي يكنّها لبشير الجميل." وبدا كلام السفير السابق وكأنه يرد على ما راج لاسيما في 29 آذار الماضي بعد المواقف التي أطلقتها يمنى بشير الجميل بعد لقائها البطريرك الماروني بشارة الراعي، والقول انها تسعى لتكون مرشحة للانتخابات المقبلة عن المقعد الماروني في دائرة بيروت الأولى بدلا من شقيقها النائب المستقيل .
وفي آخر ما رشح على هذا الصعيد، ان إبنة بشير الجميل ستقدم ترشيحها للانتخابات في زحلة لتحتل مقعد الكتائب هناك وسط علاقة متينة مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع صاحب النفوذ الانتخابي الأبرز في تلك الدائرة. أما نجل بشير الجميل نديم ، فسيبقى في دائرة الاشرفية ليعود الى مقعده الذي إستقال منه بدعم من رئيس الكتائب نفسه.
العبرة في هذه التفاصيل، ان هذه صفحات مبكرة من الانتخابات المقبلة التي تمثل رياحا حارة بدأت تهب بدءا من البقاع قبل سواه.